مدونة الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو
الزوجة سكن ووطن (2)، أ. د. محمد محمود كالو
الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU
27/05/2023 القراءات: 387
4- الترتيب: يجب أن يكون السكن مرتباً وإلا فسيكون مزعجاً، كذلك العلاقة الزوجية تحتاج إلى ترتيب، مثل ترتيب الوضع الاقتصادي، وترتيب سلم الأولويات في السكن.
5- الزينة: كل الناس يزينون بيوتهم سواء بالستائر الجميلة أو بالنباتات والزهور، وكذلك الحياة الزوجية تحتاج إلى الزينة، لذلك قال الفقهاء: يستحب لكل من الزوجين أن يتزين للآخر؛ ولما سُئِلَ النبي صلى الله عليه وسلم عن خيرِ النِّساءِ؟ قال: (الَّتي تَسُرُّه إذا نظَرَ) [رواه النسائي]، لا أن يأتي إلى سكنه وبيته ويرى زوجته بلباس المطبخ تفوح منها رائحة الثوم والبصل، وكذلك الأمر بالنسبة للرجل؛ وقد قال حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: إنِّي أُحِبُّ أنْ أتَزَيَّنَ لِلْمَرْأةِ، كَما أُحِبُّ أنْ تَتَزَيَّنَ لِي؛ لأن الله تعالى يقول: { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } [رواه البيهقي].
6- السكن يحتاج إلى صيانة: كل سكن بعد مرور بعض الزمن يحتاج إلى ترميم وإصلاح وصيانة، وكذلك الزواج بعد فترة زمنية يحتاج إلى صيانة، لأن الإنسان يكبر في السن ويتغير فيه كثير من الأشياء، بسبب فقد أمه أو أبيه أو صديقه، أو بسبب بعض المشاكل في العمل وفي مخالطة الناس، إذن نحتاج إلى ترميم وصيانة في الحياة الزوجية، وفي بعض الحالات الزوجان يشعران بالبعد بين الطرفين، وذلك بسبب الألفة والتعود والروتين الذي يجعل الإنسان يفقد بعض البريق والشعلة المتوقدة في نفسه؛ هنا يحتاج الزوجان إلى ترميم وصيانة، كما ترمم سكنك، وكما يحتاج أي جهاز معك إلى صيانة، وتكون صيانة الحياة الزوجية بالتجديد والتغيير والخروج من الروتين ولتعود والمألوف، كالخروج في نزهة أو رحلة أو حتى زيارة حديقة قريبة من السكن.
7- السكن له قفل: كل سكن بدون قفل ليس بسكن حقيقي، وكذلك الزواج له قفل، فليست الحياة الزوجية مشاعاً لكل أحد أن يتدخل في شؤون السكن، كما تتدخل الأم والحماية في حياة الزوجين، القفل مع الزوجين فقط، وما أجمل قول النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (إنَّ مِن أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَومَ القِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إلى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا) [رواه مسلم]
8- التهوية الجيدة: كل سكن يحتاج إلى فتح النوافذ لدخول الهواء النقي، وإلا ستتكاثر الفطريات والأمراض، كذلك الحياة الزوجية تحتاج إلى تهوية، وتهوية الزواج استراحة، استراحة كل من الزوجين من الآخر فترة من الزمن، كأن يذهبا إلى أهلهما وأصدقائهما بعض الوقت، ليزداد الاشتياق، وبهذه التهوية يمتنع فطريات العلاقات من الألفة الزائدة.
9- الراحة والهدوء: أي سكن لا هدوء فيه لا يسمى سكناً، إذ السكن مشتق من السكون والهدوء وقلة الحركة، وكذلك الحياة الزوجية تحتاج إلى الراحة والهدوء، فلا داعي لرفع الصوت في وقت راحته بعد يوم عمل مضن وطويل.
10- السكن نعود إليه دائماً وفي كل يوم: إذ لا راحة إلا في السكن، وكذلك الحياة الزوجية، مهما ابتعد الزوجان يجب أن يعودا إلى بعضهما بحب ومودة، وما أجمل قول أبي تمام:
نقِّل فؤادَك حيثُ شئتَ مِن الهَوى ما الحُبُّ إلا للحبيبِ الأوّلِ
كمْ مَنزِلٍ في الأرْضِ يَألَفُه الفَتى وحَنينُـه أبـَداً لأوّلِ مَنْــــزِلِ
لأجل كل هذا وغيره اختار الله تعالى في القرآن الكريم كلمة السكن ليشبه به الحياة الزوجية، وما أجملها من انتقاء وتشبيه! {أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا}.
ولا شك أن الزوجة أخص من الوطن؛ لأنها سكن، فإذا وجدت في مكان فهي وطنه وسكنه، قال الشنقيطي رحمه الله تعالى: "إِذَا تَزَوَّجَ الْمُسَافِرُ بِبَلَدٍ أَوْ مَرَّ عَلَى بَلَدٍ فِيهِ زَوْجَتُهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ فِي حُكْمِ الْوَطَنِ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِمَا، وَأَحْمَدَ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما". [أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن:1/278].
ولما كان الزواج يحتاج منا إلى تفكر أكثر من الرومانسية والعواطف قال الله تعالى في نهاية الآية: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} فبالفكر والعقل نضبط هذه المشاعر والعواطف نحو الأفضل والأجمل.
وأخيراً: كم صرفنا من الأوقات والأموال لحل أزمة السكن في بلداننا ودولنا، فهلا صرفنا مثل هذه الجهود والإمكانيات لحل أزمة السكن الزوجي بالمعنى القرآني الجميل؟!
لتسكنوا، الزوجة، التجديد، التغيير، الزوجين، السكن، الوطن
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع