رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (56)
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
25/09/2023 القراءات: 830
الأسماء الموريتانية أيضًا:
استطلعتُ بعد نشر فقرة (الأسماء الموريتانية) في الحلقة (55) مِن هذه السلسلة (رؤوس أقلام) رأي عددٍ من الإخوة الفضلاء الألباء ورجوتُ تعليقهم، فأفادوني بما يأتي:
• قال الشيخ محمد فال السيد الشنقيطي:
مرحبًا وأهلًا شيخنا الجليل.
هذه بعض الأسباب، وهناك سبب آخر يذكرونه وهو برأيي أكثر تأثيرًا، وهو أن السكان الأصليين للبلاد هم البربر ومِن عادتهم تغيير اسم النبي صلى الله عليه وسلم عند التسمية به، ومن ذلك القبيل: محنض، ومحمذ، فهي في الأصل (محمد)، ومن عادة أهل البلد تسمية الأبناء بأسماء العلماء والصلحاء وقد كان من البربر علماء وصلحاء سمى الناسُ بأسمائهم فانتشرت وذاعت.
وتغييرهم اسم النبي صلى الله عليه وسلم عادة قديمة ذكرها الونشريسي المتوفى سنة (914)، وذكر سببها فقال:
"التسمية بمحمد بضم الميم الأولى وفتح الثاني مشددًا، موافق للاشتقاق من الحمد، وكذلك التسمية بأحمد. وأما التسمية بمَحمَد بفتح الميمين، أو مُحمُد بضمهما فلعله من باب التغيير صونًا لاسم النبي صلى اله عليه وسلم أن يُسمى به غيرُه". المعيار المعرب (11/139).
• وقال الدكتور محمد الأمين السملالي:
ما أشار إليه الأستاذ بخصوص غرابة الأسماء الموريتانية، يمثل عنصرًا من أربعة عناصر:
- أولها وأبرزها: يتعلق بأسماء مثل: محمّذِنْ ومحَنْضْ.. إلخ، فهذه صيغ تحريفية موروثة عن اللهجات الصنهاجية التي كانت منتشرة قبل سيطرة اللسان العربي، فهي في ذلك مثل: مَهْمَتْ عند الأتراك.. والسر في التمسّك بها هو التسمية على الأعلام تبرّكًا أو إحياء لذكراهم.
- العنصر الثاني، يتعلق بأسماء مثل: التّاهْ ودادّاهْ.. إلخ: فهذا في نظري ناشئ عن تعتعة الصغار في محاولة نداء آبائهم، فالتَّاهْ والتّارْ مثلا: محاولتان لنطق: المختار.
وإذا كانت عادة العرب في احترام الرجل أن يكنّى باسم ولده، فإن الشناقطة قد طبقوا ذلك الأدب بطريقة مختلفة، حيث ينادون الرجل بما أطلق عليه أبناؤه، تنزيلًا له منزلة الوالد، وتكريمًا له بأبنائه.
- العنصر الأخير، يتعلق بأسماء مثل: يحظيهْ، ويَسْلَمْ.. وهي أقلها غرابة، وهي أقلها غرابة، لأنها من باب التسمية بالجملة، تفاؤلًا أو دُعاءً.. وذلك مألوفٌ عن العرب، مثل: يحيى ويزيد، وغيرها.
• وقال الشيخ محمد عبدالله ولد التمين:
حياكم الله دكتور، صحيحٌ، هذا التفسير واردٌ في كثير من الأسماء، ولكن بعضها يرجع إلى بربرية ذلك الاسم مثل: محنض فهو محمد بالبربرية، يبدلون الدال ضادًا، ومثله اتشغ فهو الفقيه، وجدُّنا اتشغ موسى هو الفقيه موسى وكان آية في العلم والورع. وهو جد بطن من اليعقوبيين المنتسبين إلى سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.
• وقال الشيخ محمد محمود أمين:
الأسماء الموريتانية فيها شيء من الغرابة فعلًا، وقد قال بعضُ الظرفاء: إن كل جهة غلب عليها نوع من الأسماء، فمثلًا:
- أهل القبلة (بقاف معقودة كالجيم المصرية) أخذوا اسم محمد وتصرَّفوا فيه بفتح الدال وكسره وضمه وتشديده.
- ثم جاء أهلُ الشرق وقالوا: ما دام قد فاتنا اسم النبي صلى الله عليه وسلم فعلينا بالدعاء الصالح فتسمّوا بـ: إسلكه إسلمه يمهله.
- ثم جاء أهلُ الشمال فقالوا: قد فاتنا اسم النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء الصالح فعلينا بأسماء هذه الحيوانات المفترسة ونحوها فتسموا بـ: الذيب وكليب وفكيرين (تصغير فكرون وهو السلحفاة).
***
أقوال لا تصح:
أنجز الشيخ أبو معاوية مازن بن عبدالرحمن البحصلي البيروتي كتابًا مهمًّا بعنوان: "أقوال منسوبة للعلماء في عصرنا ولا تصح نسبتها إليهم". وأورد فيه مقالي: "قولٌ نُسِب إلى الإمام أحمد بن حنبل وهمًا".
***
قول لابن تيمية:
وصلتْ إلي هذه الرسالة فيها قولٌ منسوبٌ إلى الشيخ ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) هكذا:
الفرق بين النفوس الطيبة والخبيثة
قال ابن تيمية رحمه الله: "النفوس الطيبة تتلذذ بالعفو والإحسان، والنفوس الخبيثة تتلذذ بالإساءة والعدوان". مجموع الفتاوى (1 / 560). وقد بحثتُ عن هذا القول في (مجموع الفتاوى) فلم أجده!
ورأيتُ مَن نسبه إلى كتاب "نقض تأسيس الجهمية" (1 / 529). وبحثتُ عنه في الطبعة المُدخلة في "المكتبة الشاملة" ولم أجده أيضًا!
***
التاريخ الخطير!
ساق الحافظ ابن ناصر الدين في كتابه «الرد الوافر» شهادات العلماء في حق ابن تيمية وقال (ص: 119):
"ومنهم الشيخ الإمام الحافظ الثقة الحجة مؤرِّخ الشام، وأحد محدِّثي الإسلام، علم الدين، مفيد المحدِّثين، أبو محمد القاسم بن محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف بن محمد بن أبي يداس البرزالي، الإشبيلي الأصل، الدمشقي، صاحب "التاريخ" الخطير، و"المعجم الكبير" ...".
ونقَـلَ هذه الشهادةَ الشيخُ مرعي بن يوسف الكرمي في كتابه "الشهادة الزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية" (8/451 ضمن مجموع رسائله)، وقد جاء النصُّ في المطبوع هكذا: (صاحب "التاريخ الخطير"، و"المعجم الكبير" ...). ظنًّا من المحقق الفاضل أن لفظ (الخطير) مِنْ تمام العنوان، وبهذا ذُكِرَ الكتاب مرة أخرى في الفهارس العامة (10/449): "التاريخ الخطير للبرزالي 8/451. 453. 475. 482".
والواقع أنَّ لفظ (الخطير) لم يرد إلا في الموضع الأول من هذه الإحالات، وقد جاء هناك على سبيل الوصف والثناء، لا على أنه مِنْ تمام العنوان، فتقويسُه ضمن العنوان سهو.
***
تزوَّجه رجل وتزوَّج امرأة:
قال المُرادي في ترجمة الشيخ الصالح المُسلِّك المُربي عطاء الله الموصلي (المتوفى بعد سنة 1140) في كتابه «سلك الدرر » (3/ 262):
"حُكي عنه [عن الشيخ عطاء الله] أنه قال: كنتُ في ساحل عُمان أو الهند فرأيتُ شيخًا أبيض اللحية نوراني الشكل مقبلًا إلينا، فظننتُ أنه أحد الأقطاب فقمتُ إجلالًا له، وقبلتُ يده، فقال بعضُ الحاضرين: يا شيخ هذا رجل مجوسيٌّ، فاستغفرت الله مِن تعظيمه وتبجيله، قال: ثم قال: ألا أحدِّثك بأعجبَ من ذلك؟ قلتُ: ماذا؟ قال: إنه خنثى ذو آلتين، تزوَّجه رجلٌ فولد له، ثم تزوج امرأةً فولد له منها أيضًا، فله صنفان من الأولاد مِن بطنه وظهره!".
***
منوعات
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة