مدونة الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو
خواص القرآن الكريم (1) أ. د. محمد محمود كالو
الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU
29/08/2023 القراءات: 702
خواص القرآن الكريم (1)
المقصود بخواص القرآن هو تأثير القرآن الكريم، أو بعض سوره وآياته في أحوال مخصوصة، جلب المنافع، ودفع المضار أو رفعها.
فقد يحصل لبعض الناس بقراءة القرآن الكريم، أو كتابة سورة، أو آيات معينة خاصية يكرمه الله تعالى بها؛ نظرًا لما أثبته الله تعالى لها من الأثر، وببركة صدق العبد، وإخلاصه ويقينه، وحسن توكله على الله سبحانه، وينتج عن تلك القراءة أو الكتابة فرج، أو شفاء أو حفظ لشيء، أو حل عسير ونحو ذلك.
وقد يلتبس على بعض الناس مصطلح خواص القرآن الكريم بخصائصه، وبينهما من الفرق مالا يخفي.
فخصائص القرآن هي: كل ما يميز القرآن الكريم من كل وجه عن الحديث النبوي، والحديث القدسي، وسائر الكتب المنزلة فضلًا عن سائر كلام البشر.
فمن خصائص القرآن مثلًا: أسلوبه، والأخبار الغيبية، ورسمه، والتعبد بتلاوته، وأنه آخر الكتب المنزلة، ونزوله منجمًا، ونزوله على سبعة أحرف، وهيمنته على الكتب السابقة، وتيسير حفظه وتلاوته، إلى غير ذلك من الخصائص المعروفة.
أما خواص القرآن الكريم فمن جملتها الأمثلة التالية:
أولاً: قول الله تعالى في شأن نبي الله يونس عليه السلام إذ التقمه الحوت: {فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء:87-88]
وقال تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ. لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات:143-144]
فتبيّن بدلالة الآيتين أثر التسبيح والتوحيد في النجاة من الغمّ والكرب، ودلّ قوله تعالى: وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ على أنّ هذا الأمر لا يختصّ بنبي الله يونس عليه السلام، بل هو عامّ للمؤمنين إذا دعوا واستغاثوا بالله وسبَّحوه معترفين ذنوبهم.
ومما يدلّ على صحّة استنباط هذا المعنى ما رواه الإمام الترمذي في سننه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (دعوةُ ذي النُّونِ إذ دعا وهو في بطنِ الحوتِ ÷لا إلهَ إلَّا أنتَ سبحانَك إنِّي كنتُ من الظالمينَ× فإنَّه لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلَّا استجاب اللهُ له).
ثانياً: قول الله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ} [الأنبياء:83-84]
والقول في هذه الآية نظير ما سبق؛ فإن قوله تعالى: {وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ} تذكير لهم وحثّ على الاقتداء به عليه الصلاة والسلام.
ثالثاً: قول الله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران:173-174]
فقول هذه الكلمة: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} بصدق وإيمانٍ عند الخبر المفزِع والخوف؛ له أثر في دفع البلاء والسلامة منه.
رابعاً: قول الله تعالى حكاية عن المؤمن من آل فرعون: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ. فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} [غافر: 44-45].
فقول هذه الكلمة: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} بصدق وإيمانٍ وتوكّل عليه مع بذل ما يستطاع من الأسباب؛ له أثر عظيم في دفع كيد الأعداء، لقول الله تعالى بعدها: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} حيث عطفها بالفاء التي تعد من حروف التعليل.
قال الأمين الشنقيطي عن هذه الآية: " دليل واضح على أن التوكل الصادق على أن التوكل الصادق على الله، وتفويض الأمور إليه، سبب للحفظ والوقاية من كل سوء، وقد تقرر في الأصول أن الفاء من حروف التعليل، كقولهم سها فسجد، أي سجد لعلة سهوه، وسرق فقطعت يده، أي لعلة سرقته".
خواص القرآن، خصائص القرآن، تأثير، منافع، مضار، شفاء
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع