مدونة الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو
يوم عرفة.. هنيئاً لمن عرفه
الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU
27/06/2023 القراءات: 377
يوم عرفة.. هنيئاً لمن عرفه
يستقبل المسلمون اليوم، يوم عرفة، وهو من أعظم أيام الدنيا، وفيه يقف الحجاج في مشعر عرفات لأداء ركن الحج الأعظم، أما غير الحجاج فيحرصون على اغتنام يوم عرفة بالطاعات والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى بدعاء يوم عرفة الذي أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم من أدعية يوم عرفات.
قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» [أخرجه الترمذي].
يوم عرفة ذروة موسم الخيرات، وأغلى أوقات الطاعات، تزداد فيه الحسنات، وتكفر فيه السيئات، إذا ذكر يوم عرفة، فقد ذكر أفضل الأيام وأبركها، فليس ثمة يوم طلعت فيه الشمس أو غربت، هو خير منه مطلقاً.
وفيه ركن الحج الأعظم قال صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة» [متفق عليه].
وهو أحد الأيام المعلومات (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) وهو يوم أكمل الله فيه الملة، وأتم به النعمة، ورضي فيه الإسلام ديناً قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: إن رجلا من اليهود قال: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: أي آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة:3].
قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.
وصيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ صوم يوم عرفة إِلاَّ لِلْحَاجِّ، وورد عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ أنه قَال: سُئِل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَال: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ» [أخرجه مسلم].
وقال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟ » [أخرجه مسلم].
لماذا سميت بيوم عرفة؟
قال القرطبي في تفسيره:
" وقالوا في تسمية عرفة بهذا الاسم لأن الناس يتعارفون فيه.
وقيل: لأن جبريل عليه السلام طاف بإبراهيم فكان يريه المشاهد فيقول له: أعرفت أعرفت؟ فيقول إبراهيم عرفت عرفت.
وقيل لأن آدم عليه السلام لما أهبط من الجنة هو وحواء التقيا في ذلك المكان فعرفها وعرفته".
وقيل: سُمِّيَتْ عَرَفَةُ عَرَفَةَ لِأَنَّ جَبْرَئِيلَ (عليه السلام) قَالَ لِإِبْرَاهِيمَ (عليه السلام) هُنَاكَ اعْتَرِفْ بِذَنْبِكَ، وَاعْرِفْ مَنَاسِكَكَ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ عَرَفَةَ.
ما الفرقُ بين عَرَفةَ وعرفاتٍ؟
عَرَفة وعَرَفات؛ قيل: هما بمعنًى واحدٍ؛ فكِلاهما عَلمٌ للمَوقِف، واسمٌ للبُقعةِ المعروفةِ التي يجِبُ الوقوفُ بها.
وقيل: إنَّ (عرفات) فقط هو الاسمُ للجَبَل أو للبُقعةِ المعروفةِ، وأمَّا (عَرَفة) فليس اسمًا للموقِف، بل المرادُ به هو يومُ الوقوفِ بعَرَفاتٍ.
وأمَّا لفظ (عرفات)؛ فقيل: هو اسمٌ في لفْظِ الجَمْعِ؛ فلا يُجمَعُ.
وقيل: إنَّ (عرفات) جمْعُ (عَرَفة)، كأنَّ كلَّ قطعةٍ من تلك الأرضِ عَرَفة، فسُمِّي مَجموعُ تلك القِطعة بعرفاتٍ.
وقيل: بل الاسمُ جمْعٌ والمسمَّى مُفرَدٌ
قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّين﴾ [البقرة:198].
وأخيراً: قال عبدالله بن المبارك: جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه، وعيناه تذرفان فالتفت إلي، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قال: الذي يظن أن الله لا يغفر له !
وقال الأوزاعي: أدركت أقواماً كانوا يخبئون الحاجات ليوم عرفة ليسألوا الله بها !
وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: « إِنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: «انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا» [رواه ابن خزيمة بإسناد صحيح].
فالواجب أن نتحين الفرص ونغتنم هذه الأوقات ولنقطف من زهور الطاعات والعبادات مما يجعله يوماً للعفو والغفران.
يوم عرفة، موسم، الحج عرفة، خير الدعاء، الركن الأعظم، عرفات
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع