مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة أمهات المؤمنين عائشة بنت أبي بكر (رضي الله عنهما)(1)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


20/04/2023 القراءات: 182  


غيرة نسائه (صلى الله عليه وآله وسلم) منها
لقد احتلَّت السيدة عائشة (رضي الله عنها) مكانةً كبيرةً في بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، مما جعل أنظـار الصحابة تتجه بإعجابٍ وإكبارٍ واحترامٍ وإجلالٍ نحو بيت أم المؤمنين الثالثة السيدة عائشة، لما خصَّها الله تعالى من الفضائل والمُكرُمات، مما أثار غيرة أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أجمعين.
عن هِشَام عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَاجْتَمَعَ صَوَاحِبِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، وَاللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَإِنَّا نُرِيدُ الْخَيْرَ كَمَا تُرِيدُهُ عَائِشَةُ، فَمُرِي رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ أَنْ يُهْدُوا إِلَيْهِ حَيْثُ مَا كَانَ أَوْ حَيْثُ مَا دَارَ، قَالَتْ: فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قَالَتْ: فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَلَمَّا عَادَ إِلَيَّ ذَكَرْتُ لَهُ ذَاكَ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ ذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، لا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا» (أخرجه البخاري). ثم إن أمهات المؤمنين حاولن محاولةً ثانية مع السيدة فاطمة (رضي الله عنها)، أن تكلِّم أباها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا الخصوص، فلم تُجدِ محاولتها شيئاً. فقد روى مسلمٌ في صحيحه أن عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قالت: «أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ مَعِي فِي مِرْطِي، فَأَذِنَ لَهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ، وَأَنَا سَاكِتَةٌ، قَالَتْ: فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم): أَيْ بُنَيَّةُ، أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟! فَقَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَأَحِبِّي هَذِهِ، قَالَتْ: فَقَامَتْ فَاطِمَةُ حِينَ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَرَجَعَتْ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فَأَخْبَرَتْهُنَّ بِالَّذِي قَالَتْ وَبِالَّذِي قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فَقُلْنَ لَهَا: مَا نرَاكِ أَغْنَيْتِ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ، فَارْجِعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَقُولِي لَهُ: إِنَّ أَزْوَاجَكَ يَنْشُدْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَاللَّهِ لا أُكَلِّمُهُ فِيهَا أَبَداً. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ زَوْجَ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْهُنَّ فِي الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)… قَالَتْ: فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وَرَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) مَعَ عَائِشَةَ فِي مِرْطِهَا عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا وَهُوَ بِهَا، فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ… فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وَتَبَسَّمَ: إِنَّهَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ».
حديث الإفك
لقد كان حديث الإفك من أشد وأصعب ما واجهت عائشة (رضي الله عنها) في حياتها ومن أقسى ما تعرض له بيت النبوة إلى أن تنزلت آيات الله تعالى في سورة النور تكشف الغمة وتبددها.
فلقد خرج الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في جيش من المسلمين في المدينة إلى ديار بني المصطلق، وكان سهم الخروج من نصيب عائشة من بين أزواجه. وحيت تم النصر للمسلمين على بني المصطلق الذين لقوا جزاء غدرهم ونفاقهم ووزعت المغانم والأسلاب. وقد التقى عند حوض الماء الذي كان يستقي منه المسلمون، أحد الأنصار وأحد المهاجرين، فتزاحما وتنافرا وكاد خصامهما يؤدي إلى اشتباك بين المؤمنين. ومما زاد في تأجيج نار الفتنة ما قاله رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ. وسمع أحد المسلمين تلك المقالة، وشهد الحادثة، ومن ثم رأى بوادر الفتنة، فأسرع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ينقل إليه الخبر وما قاله ابن سلول، فرأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن من الحكمة أن يشغل الناس عن الفتنة بالمسير على الفور بعد أن أقاموا للاستراحة. في أثناء ذلك، كانت عائشة (رضي الله عنها) قد خرجت من خبائها لقضاء حاجة بعيداً عن معسكر المسلمين، وهي لا تدري من أمر ما يحدث شيئاً، وابتعدت كثيراً… وحين رحل المسلمون رفع هودجها من مكانه ظناً من قائده أنها بداخله، ومضى المسلمون في طريقهم إلى المدينة. عادت عائشة (رضي الله عنها) مما ذهبت إليه وافتقدت عقداً كانت تزين به جيدها فلم تجده، فرجعت سريعاً إلى حيث كانت ولملمت حبات العقد المتناثرة، وعادت على جناح السرعة، وحين بلغت طرف المعسكر، ومكان الهودج لم تجد أثراً لبشر، فارتاعت وجزعت وألمّ بها خوف شديد، ثم لبثت في مكانها لا تدري كيف تتصرف، وماذا تفعل!
وكان من عادة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) القائد الظافر الخبير، أن يرسل إثر كل غزوة رجلاً من أصحابه اسمه صفوان بن المعطل يستدرك ما فاته المسلمون عند رحيلهم.


سلسلة أمهات المؤمنين عائشة بنت أبي بكر (رضي الله عنهما)(1)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع