مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة أمهات المؤمنين زينب بنت جحش (رضي الله عنها)(2)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


23/04/2023 القراءات: 180  


المتصدقة
كانت شهرة زينب (رضي الله عنها) بشأن الصدقة أكثر منهن جميعاً، فما كانت لترضى أن تبيت درهماً في دارها قبل أن تتصدق به على من هو بحاجة إليه، تنفق كل ما يصل إلى يدها من عطاء تقرباً إلى الله تعالى، واقتداءً بسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
يروى أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أرسل إلى أم المؤمنين زينب بالذي لها من الصلة والرزق، فلما أدخل عليها قالت: غفر الله لعمر، غيري من إخواني كان أقوى على قسم هذا مني. فقالوا هذا كله لك، قالت سبحان الله، ثم استترت بثوب وقالت: صبوه واطرحوا عليه ثوباً وقالت لبرة بنت نافع: أدخلي يدك فاقبضي منه قبضة فاذهبي بها إلى بني فلان، وبني فلان، من أهل رحمها وأيتامها. حتى بقيت تحت الثوب، فقالت لها برة. يا أم المؤمنين، غفر الله لك، والله لقد كان لنا في هذا حق… فقالت لكم ما تحت الثوب، قالت برة: فوجدنا تحته خمسة وثمانين درهماً. ثم رفعت زينب يدها إلى السماء فقالت: اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا…
ويروى أن عطاءها بلغ اثني عشر ألف درهم، لم تأخذ مثله إلا في عامها هذا، وفرقته على اليتامى والمساكين والمحتاجين.
لقد كانت جميع زوجاته (صلى الله عليه وآله وسلم) حريصات على البر بالمساكين والمحتاجين،لا يدخرن وسعاً في الإنفاق والبذل، راجيات من الله أن يتقبل صدقاتهن أحسن القبول.
المتصدقة بالأكفان
ولما حضرتها الوفاة في العام العشرين من الهجرة، وكانت قد بلغت الثالثة والخمسين من عمرها، أرسل لها عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) بخمسة أثواب من الخزائن، يتخيرها ثوباً ثوباً، فكفنت فيها، وتصدقت أختها (حمنة) عنها، كما أوصت، بكفنها الذي أعدته لتكفن فيه. وبهذا التصرف تعطي زينب أم المؤمنين (رضي الله عنها) للمؤمنين والمؤمنات من بعدها خير المثل وأعظمه، في احتساب ماديات الدنيا كلها عرضاً زائلاً تبتغي به الدار الآخرة، التي هي أخلد وأبقى.
الصلاة عليها ودفنها
روى القاسم بن عبد الرحمن فقال: لما توفيت زينب بنت جحش أم المؤمنين (رضي الله عنها) وكانت أول نساء النبي لحوقاً به (وقد سبق أن قلنا أن سودة بنت زمعة هي أول نسائه لحوقاً به وهو أولى) فلما حملت إلى قبرها، قام عمر (رضي الله عنه) إلى قبرها فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إني أَرسَلتُ إلى النسوة –يعني أزواج النبي- حين مرضت هذه المرأة: أن من يمرضها ويقوم عليها؟ فقلن: نحن، فرأيت أن قد صدقن، فأرسلت إليهن حيث قبضت: من يغسلها ويحنطها ويكفنها؟ فأرسلن: نحن، فرأيت أن قد صدقن. ثم أرسلت إليهن: من يدخل قبرها؟ فأرسلن من كان يحل له الولوج عليها في حياتها، فرأيت أن قد صدقن، فاعتزلوا أيها الناس، فنحاهم عن قبرها، ثم أدخلها رجلان من أهل بيتها وكان عمر (رضي الله عنه) هو الذي صلى عليها، وتبع جنازتها حتى البقيع، وانتظر حتى فرغ من حفر القبر تكرمةً لها، واعترافاً بفضلها ومكانتها.
فرحم الله أكرم النساء ولياً وسفيراً.


سلسلة أمهات المؤمنين زينب بنت جحش (رضي الله عنها)(2)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع