مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


" إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون *

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


27/01/2023 القراءات: 338  


فلا يرد شيئا من لوازمها ومقتضياتها ، قال تعالى : ﴿ وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب ﴾ إلى قوله : ﴿ بل لما يذوقوا عذاب ﴾ وقال أيضا في حق من لم يقبلها " إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون * ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ﴾ .
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال النبي  : « مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا ، فكانت منها طائفة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا ، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به » . متفق عليه .
وقد شهد الله لنفسه بالوحدانية في قوله تعالى ﴿ شهد الله أنه لا إلـه إلا هو والملائكة وأولوا العلم قآئما بالقسط لا إلـه إلا هو العزيز الحكيم ﴾
فقد تضمنت هذه الآية الكريمة حقيقة التوحيد والرد على جميع طوائف الضلال فقد تضمنت أجل شهادة وأعظمها وأعدلها وأصدقها من أجل شاهد بأجل مشهود به
وعبارات السلف في "شهد" تدور على الحكم والقضاء والأعلام والأخبار والبيان وهذه الأقوال كلها حق لا تنافي بينها
فإن الشهادة تتضمن كلام الشاهد وخبره وتتضمن إعلامه وإخباره وبيانه فلها أربع مراتب :
فأول مراتبها : علم ومعرفة واعتقاد لصحة المشهود به وثبوته
وثانيها : تكلمه بذلك وإن لم يعلم به غيره بل يتكلم بها مع نفسه ويتذكرها ونطق بها أو يكتبها .
وثالثها : أن يعلم غيره بما يشهد ويخبره به ويبينه له
ورابعها : أن يلزمه بمضمونها ويأمره به فشهادة الله سبحانه لنفسه بالوحدانية والقيام بالقسط تضمنت هذه المراتب الأربع علمه بذلك وتكلمه وإخباره لخلقه وأمرهم وإلزامهم به . فأما مرتبة العلم فإن الشهادة تتضمنها ضرورة وإلا كان الشاهد شاهدا بما لا علم له به ، قال تعالى ﴿ إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ﴾
وقال  : « على مثلها فاشهد » . وأشار إلى الشمس . وأما مرتبة التكلم والخبر فقال تعالى ﴿ وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون ﴾ فجعل ذلك منهم شهادة وإن لم يتلفظوا بلفظ الشهادة ولم يؤدوها عند غيرهم .


وأما مرتبة الإعلام فنوعان : إعلام بالقول ، وإعلام بالفعل ، وهذا شأن كل معلم لغيره بأمر ، تارة يعلمه به بقول وتارة بفعل ولهذا كان من جعل داره مسجدا وأبرزها وفتح طريقها وأذن للناس بالدخول والصلاة فيها معلما أنها وقف وإن لم يلفظ
وكذا شهادة الرب عز وجل وبيانه وأعلامه يكون بقوله تارة وبفعله أخرى فالقول ما أرسل به رسله وأنزل به كتبه
وأما بيانه وإعلامه بفعله كما قال ابن كيسان : شهد الله بتدبيره العجيب وأموره المحكمة عند خلقه أن إلا اله إلا هو ، وقال الآخر :
وفي كل شيء له آية
( تدل على أنه الواحد
(
ومما يدل على أن الشهادة تكون بالفعل قوله تعالى ﴿ ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر ﴾ فهذه شهادة منهم على أنفسهم بما يفعلونه .
وأما مرتبة الأمر بذلك والإلزام به فإن مجرد الشهادة لا يستلزمه لكن الشهادة في هذا الموضع تدل عليه وتتضمنه .
فإنه سبحانه شهد به شهادة من حكم به وقضى وأمر وألزم عباده كما قال

تعالى ﴿ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ﴾ وقال : ﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا إلـها واحدا ﴾ والقرآن كله شاهد بذلك .
ووجه استلزام شهادته سبحانه لذلك أنه إذا شهد أنه لا اله إلا هو فقد أخبر ونبأ وأعلم وحكم وقضى أن ما سواه ليس بإله وأن ألوهية ما سواه باطلة .
فلا يستحق العبادة سواه كما لا تصلح الإلهية لغيره ، وذلك يستلزم الأمر باتخاذه وحده إلها والنهى عن إتخاذ غيره معه إلها ولا إله إلا الله هي كلمة التوحيد التي اتفقت عليها الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
وما من رسول إلا جعلها مفتتح أمره وقضب رحاه كما قال نبينا  : « أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عز وجل » .
وحق هذه الكلمة هو فعل الواجبات وترك المحرمات .
وأما فائدتها وثمرتها فالسعادة في الدنيا والآخرة لمن قالها عارفا لمعناها عاملا بمقتضاها ، وأما مجرد النطق فلا ينفع لا بد من عمل .
قال شيخ الإسلام : من اعتقد أنه بمجرد تلفظه بالشهادة يدخل الجنة ولا يدخل النار فهو ضال مخالف للكتاب والسنة والإجماع . أ . هـ
اللهم يا من لا تضره المعصية ولا تنفعه الطاعة أيقظنا من نوم الغفلة ونبهنا لاغتنام أوقات المهلة لمصالحنا واعصمنا من قبائحنا وذنوبنا ولا تؤاخذنا بما انطوت عليه ضمائرنا واكنته سرائرنا من أنواع القبائح والمعائب التي تعلمها منا واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الإحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


" إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون *


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع