مدونة الدكتور محمد محمود كالو


الرِّهابُ اجتماعي (2)، أ.د. محمد محمود كالو

الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU


06/06/2023 القراءات: 251  


وفي الحقيقة لا أحد يملك مناعة ضد الرهاب الاجتماعي، فاحتمالات إصابة أي واحد واردةٌ في أي لحظة، وتدل الدراسات العيادية أن حالات الرهاب الاجتماعي تنتشر أكثر فـي الطبقات المثقفة والميسورة ماديًا، وقد يرتبط ذلك بالقدرة على طلـب العـلاج، وتوفر الإمكانيات.
وفي المجتمعات الناميـة ودول العالم الثالث ربما يكون انتشار حالات الرهاب الاجتماعي أكثر، ويعود ذلك إلى عدم احترام الإنسان، وانعدام فرص التعبير عن الذات مقارنة بالغرب.
ويـرى "شابمان Chapman" أن الرهاب الاجتماعي أكثر انتشاراً بين الإناث عن الذكور، إذ تتراوح النسبة بين (3) من الإناث إلى (2) من الذكور، وتكون المعدلات عادة أعلى بين الأفراد الأصغر سنًا، وغير المتزوجين، والأقل تعليمًا، والذين ليس لديهم عمل ثابت.
وقد نشرت في السويد جريدة "اكسبريـسن "Escpressen اليوميـة، موضوع الرهاب الاجتمـاعي لـدى الـسويديين فـي عـددها الـصادر في 12أكتوبر2004 إحصائيات ودراسات، فـأوردت الجريدة بأن (13-15%) من الشعب السويدي يعـاني مـن الرهـاب الاجتماعي.
أما في العالم العربي فقد ذكرت دراسة في السعودية سنة (1990) والتي أوضحت أن نسبة من يعانون من الرهاب الاجتماعي تبلغ (79%) من اضطرابات الخوف، كما كشفت دراسة متخصصة أن (3.9%) من طلبة الجامعة الأردنية يعانون من أعراض الرهاب الاجتماعي، أما في مصر وسورية فربما يكون الرهاب الاجتماعي أكثر الاضطرابات النفـسية انتشارًا بين الشباب، نتيجـة الظـروف الاجتماعيـة والاقتصادية الصعبة ولاسيما في السنوات الأخيرة.
ومن النصائح والإرشادات لحل مشكلة الرهاب الاجتماعي ما يلي:
أولاً: توثيق العلاقة بالله تعالى، فهو سبحانه من يمنح الدَّعْم النفسي الحقيقي، وذاك عن طريق:
ـ الالتزام بوِرْدٍ لقراءة القرآن وحفظه وتدبُّره، والالتزام بالأذكار المأثورة، والإكثار من الاستغفار، لما للذكر من آثار طيبة على النفس، وما تبعثه من السكينة والطمأنينة والراحة النفسية، والشعور بالسعادة مصداقاً لقوله تعالى: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28].
ـ المواظبة على أداء الصلوات المفروضة في وقتها، والحِفاظ على حضور صلاة الجماعة في المسجد، وبهذا ينكسر أول حاجز للعزلة، وهو أنجع علاج للرهاب، ومواجهة الخوف والهلع والقلق، مصداقاً لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا. إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا. وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا. إِلَّا الْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ [المعارج:19-23].
ـ الالتزام بما أوصى به الحقُّ سبحانه وتعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم، حيث أرشده إلى الإكثار من التسبيح والسجود لما في ذلك من الخير والسعادة وانشراح الصدر، قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ. وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر:97-99].
ثانياً: تعويد النفس على المواجهة ومقاومة الأفكار الخاطئة التي تسبب القلق، حتى ينفصل عن ذاك الخطاب الداخلي والتَّخَيُّلات التشاؤمية التي تجعل المصاب يشعر بالخوف من التواصل مع الآخرين، والتي تُصَوِّر المَشاهد في الواقع قبل حُدوثِها بخِلافَ الحقيقة.
ثالثاً: ينبغي الأخذ بالأسباب وزيارة الطبيب المختص، واستخدام العلاج بالجلسات النفسية مع العلاج الدوائي.
وختاماً: الشجاعة نعمة عظيمة، والْمُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ، ومن ملأ قلبه باليقين والخوف من الله تعالى، فقدْ فَقَدَ كل شعور بالضعف والقلق والهزيمة.


الرِّهابُ اجتماعي، الرهاب الجسدي، الخجل المرضي، احمرار الخوف، المؤمن القوي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع