مدونة الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو


فوائد السجود الدينية والدنيوية (2)

الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU


01/10/2023 القراءات: 579  


ولذلك إذا رأى الشيطانُ ابنَ آدم ساجدًا لله تعالى اعتزل يبكي؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قَرَأَ ابنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطانُ يَبْكِي، يقولُ: يا ويْلِي، أُمِرَ ابنُ آدَمَ بالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الجَنَّةُ، وأُمِرْتُ بالسُّجُودِ فأبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ) [رواه مسلم].
ومَن سَجَدَ لله عز وجل لن تأكل النار أَثَرَ سجودِه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (تأكلُ النارُ ابنَ آدمَ إلا أثرَ السُّجودِ، حرَّم اللهُ عزَّ وجلَّ على النَّارِ أنْ تأكُلَ أثرَ السُّجودِ) [متفق عليه].
وأقرب ما يكون العبد مِن ربِّه وهو ساجد؛ فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ) [رواه مسلم].
والسجود يزيد الحسنات، ويحطُّ السيئات، ويرفع الدرجات، قال ثوبان قلت: يا رسول الله، أخبرني بأحبِّ الأعمال إلى الله، فسكت، ثم سألتُه، فسكت، ثم سألتُه الثالثة، فقال: (عَلَيْكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فإنَّكَ لا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بهَا دَرَجَةً، وحَطَّ عَنْكَ بهَا خَطِيئَةً) [رواه مسلم].
والسجود موضعُ استجابةٍ للدعاء؛ فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا إني نُهيتُ أن أقرأ راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوعُ فعَظِّموا فيه الرَّبَّ؛ وأما السجودُ فاجتهِدوا في الدُّعاءِ، فقَمِنٌ أن يُستجابَ لكم) [رواه مسلم].
وكثرة السجود سببٌ لدخول الجنة؛ فعن ربيعة الأسلمي رضي الله عنه قال: كُنْتُ أبِيتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فأتَيْتُهُ بوَضُوئِهِ وحَاجَتِهِ فَقالَ لِي: (سَلْ) فَقُلتُ: أسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ. قالَ: (أوْ غيرَ ذلكَ) قُلتُ: هو ذَاكَ. قالَ: (فأعِنِّي علَى نَفْسِكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ) [رواه مسلم].
أما أولئك الذين يضيق صدرهم ويكثر هَمُهم فعليهم أن يحمدوا الله تعالى ويكثروا من السجود، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر:97-98].
ومَن أكثرَ مِن السجود لله تعالى استنار وجهه بنور الإيمان؛ قال الله عز وجل: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29].
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في ترجمة أحمد بن مظفر النابلسي رحمه الله تعالى: "كان يقول: أشتهي أنْ أموت وأنا ساجد، فرَزَقَه اللهُ ذلك"، وقد منَّ اللهُ تعالى على كثير من العلماء فماتوا وهم سجود بين يدي الله سبحانه.
أما فوائد السجود الصحية فلا تعد ولا تحصى كمحافظة الرئة من الأمراض حيث يجري الدم إلى جميع جوانب الرئتين كاملة، والسجود يمنع الإغماء، ويكافح الإمساك، ويقي من كثير من أمراض الحوض، ويقوِّي جميع العضلات والمفاصل، ويغذِي الدماغ، ويحسن الكفاءة الوظيفية للقلب، ويخفِّف من مضاعفات مرض السكر، ويصبُّ الدماء من العروق إلى الكبد مما يسبب شفاء لأمراض الكبد، كما يزيل الدماء الماكثة في عروق الأرجل، ويقلل الإصابة بمرض دوالي الساقين، ويساعد على الهضم بوفرة الدماء في القناة الهضمية، ويحمي من الانزلاق الغضروفي، ويفيد فقرات العنق.
علاوة على أن السجود يمد الإنسان بطاقة روحية تبعث فيه الشعور بالصفاء الروحي، والاطمئنان القلبي، والأمن النفسي، ويساعد على التخلص من القلق الذي يشكو منه المرضى النفسيون، ويبرئ من جرثومة الهلع والجزع، ويقوي الذاكرة، كما أنه علاج للهَمِّ والحزن وضيق الصدر، ويشفي من مركب النقص حيث يتساوى المصلون جميعاً أمام خالقهم سبحانه وتعالى، وهو البلسم الشافي لأمراض القلوب كالرياء والنفاق والكبر والغرور والحقد والحسد.
وأخيراً: السجود عنوان التواضع والخضوع والخشوع، ثم يؤكد هذا المعنى بالسجود الثاني بين يدي الباري سبحانه وتعالى.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا القيام بطاعته، والقرب منه، وأن يحسن خاتمتنا، وأن يجعلنا من أوليائه المتقين، وأنصار حزبه المفلحين، ومن عباده الصالحين المصلحين.


السجود، الركوع، الخضوع، فوائد صحية، نفسية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع