مدونة الدكتور محمد محمود كالو


نظرية (الخطأ الأخلاقي)! أ. د. محمد محمود كالو

الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU


01/11/2022 القراءات: 572  


نظرية (الخطأ الأخلاقي)!
الكائن البشري كائن إنساني واجتماعي ، يحتاج إلى التواصل مع الأعضاء الآخرين من جنسه من أجل البقاء والتكيف بنجاح، لكن العيش مع الآخرين ليس أمراً بسيطًا، فمن الضروري وضع سلسلة من القواعد التي تسمح لنا بالحد من سلوكنا بطريقة تحترم حقوقنا وحقوق الآخرين على حد سواء، وهي معايير تستند عمومًا إلى الأخلاق.
بينما نحن ننادي بتطبيق الأخلاق على شتى الصعد، هناك من يدعو إلى إلغاء الأخلاق وتدميرها، ورحم الله بشار بن برد حين قال:
مَتى يَبلُغُ البُنيانُ يَوماً تَمامَهُ
إِذا كُنتَ تَبنيهِ وَغَيرُكَ يَهدِمُ
أما نظرية الخطأ الأخلاقي فتلتزم بفرضيتين:
(1) جميع الادعاءات الأخلاقية خاطئة، لأن الأخلاق مبنية على المعتقدات.
(2) النسبية للأحكام الأخلاقية، فما نعتبره أخلاقيًا قد لا يكون أخلاقيًا بالنسبة لشخص آخر.
وأشهر منظري (الخطأ الأخلاقي) هو (جي إل ماكي) وهو أستاذ جامعي وفيلسوف أسترالي.
إن نظرية الخطأ تنفي وجود حقائق أخلاقية، لأن نظرية الخطأ تستلزم العدمية الأخلاقية.
وفي عام 2018 صدر كتاب بعنوان: (نهاية الأخلاق) يحتوي الكتاب على اثني عشر فصلاً، يمثل كل منها ورقة لأحد المفكرين والباحثين، وكل الذين ساهموا في إعداد فصول الكتاب، إضافة إلى المحررين اللذين أشرفا على المراجعة والإعداد، هم ممن يقفون إلى جانب نظرية الخطأ الأخلاقي، التي صاغها الفيلسوف الأسترالي جون ماكي عام 1977، وهو يتخذ موقفاً تجاه الأخلاق مشابهاً للموقف الذي يتخذه الملحد تجاه الدين.
صدر الكتاب عام 2018، وهو أحد أهم الكتب التي بحثت بشكل شامل ما قد يكون عليه العالم بدون أخلاق.
ونرى أن جهود الفكر الغربي المعاصر تصب في النهاية في صالح القضاء على الأخلاق وإخراجها من حياتنا بمرجعياتها الدينية والاجتماعية، دون التفكير في العواقب التي ستترتب على ذلك، أو الثمن الذي ستدفعه البشرية في مقابل إلغاء الأخلاق.
وهكذا تجري بهدوء عملية إلغاء الأخلاق، وفصل الإنسان عن أسرته ومجتمعه، ويتم تحويله إلى مجرد رقم إلكتروني في تعداد السكان، تدير شؤون هذه العملية السلطات الحاكمة لتحييد المرجعيات الدينية والاجتماعية من حياة البشر.
وهذا ما يثير القلق في منطقتنا الإسلامية، إذ الانفتاح المفرط على الموجات الثقافية الغربية المتلاحقة باتت تغذي أبناءنا جيلاً بعد جيل، فبرامج الأمم المتحدة والمنظمات المدنية تغذيها، وتهيئ لها الأجواء، علاوة على ذلك تعززها وتتبناها الأجهزة الإعلامية العربية خاصة، دون أن تبذل أي جهد لفحصها وفهم تفاصيلها ومعرفة انعكاساتها على بنية الدولة والمجتمع والأفراد.
ومن هنا أصبحنا نرى مشاهد مشينة في مجتمعنا وخاصة في حياة شبابنا المعاصر، وإذا أردت أن تعرف هذا جيداً فانظر إلى محتويات البرنامج الشهير (تيك توك) المنحلة، إذ قليلاً ما تجد ما ينفع الناس، حيث أكثر المحتويات تحث على السلوكيات الخطيرة والمثيرة والمنحطة أخلاقياً، كظهور التريندات التي تحث الأفراد على فعل سلوكيات فاضحة وغير لائقة أمام الكاميرا ليواكب التحديات، وكقيام الأفراد بتصوير أنفسهم من خلال فيديوهات قصيرة عن طريق هواتفهم الجوال، سواء كانت مواقف هزلية مضحكة أو تقليد ممثلين ومشهورين.
وقد كشفت العديد من الإحصائيات التي تؤكد على أن هناك عدد كبير من الأطفال الذين لم يبلغوا سن الحلم مقبلين على استخدام (تيك توك) بشكل يومي، مما يجعل المراهقين في حالة إدمان للجوال وانعزال تام عن الواقع، مع عدم تشكل الوعي الكامل لديهم، بما هو ضار، وما هو نافع، ولوجود سمات خاصة في هذا البرنامج، حيث أي شخص يحصل على متابعات أكثر خلال البث المباشر أو بحسب حجم مشاهداته يمكنه تحصيل مبالغ مالية متفاوتة.
وأخيراً: جدير بالذكر، أن الطفل البريطاني (آرتشي باتريسبي)، كان قد خسر حياته، بسبب تحدٍ مشهور على تطبيق (تيك توك)، حيث كان التحدي يقضي بحبس النَّفَسِ لمدة طويلة، فقام الطفل بحبس نَفَسِه، إلى أن أدى نقص الأكسجين لموت دماغه.


نظرية ، الخطأ الأخلاقي، إلغاء الأخلاق، نهاية الأخلاق، جي إل ماكي،


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع