مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


«الجمعة إلى الجمعة والصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان، ...

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


20/05/2023 القراءات: 147  


ومما يوافق ظاهر الآية ما رواه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الجمعة إلى الجمعة والصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» .
وروى مسلم أيضا عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من امرئ تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يأت كبيرة وذلك الدهر كله» وعن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «من جاء يعبد الله عز وجل لا يشرك به شيئا، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويصوم رمضان، ويتقي الكبائر، فإن له الجنة» إسناده جيد وفيه بقية بن الوليد وحديثه جيد رواه أحمد والنسائي وليس عندهم يصوم رمضان.
وقد ظهر مما سبق أن الصغائر لا تقدح في العدالة لوقوعها مكفرة شيئا فشيئا. وقد اعترف ابن عقيل بصحة هذا وأنه لولا الإجماع لقلنا به. كذا قال. وأين الإجماع المخالف لهذا؟ بل مقتضى ما سبق عن أصحابنا ومقتضى الإجماع السابق لظاهر الكتاب والسنة وهو متوجه كما ترى.
وقاله ابن عقيل في الواضح في النهي عن أحد شيئين لا بعينه، وهذا معنى قول بعض أصحابنا إنه يقدح في العدالة إدمان الصغيرة لكن ظاهر القول الأول ولو أدمن وقد روى ابن جرير في تفسير قوله تعالى: {إن تجتنبوا} [النساء: 31]
حدثنا المثنى حدثنا أبو حذيفة ثنا شبل عن قيس بن سعد عن سعيد بن جبير أن رجلا قال لابن عباس كم الكبائر؟ سبع؟ قال: هي إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع غير أنه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار. وكذا رواه ابن أبي حاتم عن شبل وهو إسناد صحيح. فإن قلنا قول الصحابة حجة صارت الصغيرة بإدمانها كالكبيرة، وإن لم نقل كذلك فالعمل: لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار، صارت الصغيرة بإدمانها كالكبيرة، وإن لم يثبت فالعمل بظاهر القول السابق، وظاهر الأدلة أولى.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: وهو على المنبر: «ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر لكم، ويل لأقماع القول، ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون» رواه أحمد حدثنا يزيد حدثنا حبان عن عبد الله فذكره. قول البخاري في تاريخه حبان بن زيد الشرعبي أبو خداش الشامي، وروى عنه حريز يروي عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعبد الله بن عمرو قاله معاذ بن معاذ وحدثني عصام حدثنا حريز عن حبان وقال يزيد بن هارون عن حبان والأول أصح ولم أجد في حبان كلاما ولا روى عنه إلا حريز لكن ظاهر ما ذكره البخاري أنه مشهور. قال الأصمعي أصل الشرعبة الطول، يقال رجل شرعاب وامرأة شرعابة وهذا منسوب إلى شرعب بن قيس من حمير
، والأقماع جمع قمع بكسر القاف وبسكون الميم وفتحها كنطع ونطع، وقيل بفتح القاف وسكون الميم وهو الإناء الذي ينزل في رءوس الظروف لتملأ بالمائعات من الأشربة والأدهان. شبه أسماع الذين يسمعون القول ولا يعونه ويحفظونه ويعملون به بالأقماع التي لا تعي شيئا مما يفرغ فيها فكأنه يمر عليها مجتازا كما يمر الشراب في الأقماع. .
قال ابن الأثير في النهاية: ومنه الحديث «أول من يساق إلى النار الأقماع الذين إذا أكلوا لم يشبعوا، وإذا جمعوا لم يستغنوا» أي كان ما يأكلونه
ويجمعونه يمر بهم مجتازا غير ثابت فيهم ولا باق عندهم، وقيل أراد بهم أهل البطالات الذين لا هم لهم إلا في ترجئة الأيام بالباطل، فلا هم في عمل الدنيا ولا عمل الآخرة. ويأتي هذا المعنى في آخر الكتاب في نظم صاحب النظم.
وجعل الصغيرة في الكبيرة بهذا الحديث فيه نظر لأن الأصل عدم ذلك وقد عمل به في الكبائر وليس بخاص في الصغائر ليخص به ظاهر ما سبق. والأشهر في كتب الفقه أن الصغائر تقدح في العدالة فلا تكفر باجتناب الكبائر، فعلى هذا إذا مات غير تائب منهما فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له عند أهل السنة كالكبائر خلافا للمعتزلة وعلى الأول إذا كفرت باجتناب الكبائر ظاهره لا تنقص درجته عن درجة من لم يأت صغيرة كالتوبة منها. والله سبحانه أعلم.
وذكر الشيخ تقي الدين عن المعتزلة وغيرهم أنه يجب الإحباط وإذا اجتنب الكبائر أن لا يعاقب على صغيرة بل تنقص درجته عن درجة من لا ذنب له مع مساواته له في الحسنات ولا يجوز عندهم أن يعاقب على ذلك وأن عند الأشعرية: لا يجوز الإحباط ويعاقب على السيئة ويجازى بالحسنة وأن الصغيرة يجوز أن تغفر فلا تنقص درجته.
قال القاضي أبو بكر وأمثاله: حملوا قوله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} [النساء: 31]
على أن المراد به الكفر فقط. وقالوا: {نكفر عنكم سيئاتكم} [النساء: 31]
أي إن شئنا وجعلوا هذه الآية مثل قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48]
وهذا غلط في معنى الآية خالفوا به تفسير إجماع السلف والأحاديث الصحيحة ومدلولها والمعتزلة أيضا غلطوا في معنى الآية فاعتقدوا أن قوله: {نكفر عنكم سيئاتكم} [النساء: 31] .


«الجمعة إلى الجمعة والصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان،


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع