مدونة وسام نعمت ابراهيم السعدي


اليونسكو ومبادرة إحياء روح الموصل" دراسة في متطلبات بناء السلام في مجتمعات ما بعد النزاع" ج3

د. وسام نعمت إبراهيم السعدي | DR.Wisam Nimat Ibrahim ALSaadi


03/06/2023 القراءات: 810  


وينطوي أيضاً مشروع "إحياء روح الموصل" على توفير بيئة تعليمية آمنة لكل الأطفال، ويأتي ما تقدم ضمن برامج اليونسكو لرعاية الأطفال ممن لحق بهم الضرر جراء النزاع المسلح، ويمر العراق بفترة انتقالية، إذ تغيّب معظم الأطفال عن التعليم خلال ثلاث سنوات، من عام 2014 إلى عام 2017، وتعرّض الأطفال الذين استمروا في الذهاب إلى المدرسة إلى عقائد العنف والتطرف التي يحملها تنظيم داعش. وسعياً إلى تدارك بعض تلك الأضرار، استهلت اليونسكو مشروع "درء التطرف العنيف من خلال التعليم"، الذي يجري تنفيذه بالتعاون مع وزارة التربية ومنظمة "زوا" والمؤسسة العراقية للتنمية وجامعة أولستر. ويعزز هذا المشروع قدرة المعلمين والطلاب في المدارس الابتدائية على الصمود ومكافحة عقائد التطرف العنيف، ويعزز التزامهم بنبذ العنف وبإرساء السلام من خلال تنفيذ استراتيجيات تعليمية ملائمة لهذا الغرض. ويرمي المشروع إلى تطوير المهارات المعرفية والسلوكية، مثل التفكير النقدي، وتفحص الأمور من زوايا متعددة، وفهم الأمور المعقدة، والتمتع بالشجاعة الأخلاقية، والأخذ بسلوك مسؤول في فضاء الإنترنت. وقد دربت اليونسكو فعلاً 2000 معلم ومعلمة في 130 مدرسة ابتدائية، و750 معلماً ومعلمة في 50 مدرسة ثانوية، فضلاً عن تدريب مديري المدارس، و5400 أب وأم (تمثل الأمهات نسبة 75% منهم). وقامت بنشر الوعي لدى 50000 طفل وطفلة وشاب وشابة بالاستعانة بالرسائل التعليمية المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وتنفّذ اليونسكو أيضاً، بدعم من الاتحاد الأوروبي، أنشطة لتعميم الانتفاع بالتعليم الابتدائي والثانوي الجيد في المجتمع المحلي، وكذلك لتلبية احتياجات اللاجئين والمشردين وغيرهم من الفئات. وتسعى تلك الأنشطة إلى تهيئة بيئة تعليمية آمنة ومؤاتية في المدارس، وتعزيز القدرات في مجال التدريس، وتوفير الكتب المدرسية والمواد التعليمية للأطفال في سن الدراسة، وتحسين رفاهية الأطفال من خلال الدعم النفسي والاجتماعي، والحد من خطر تعرّض الأطفال لانفجار الذخائر غير المنفجرة والألغام وذلك من خلال زيادة الوعي بهذا الشأن. ( ) وخضع للتدريب في إطار هذا البرنامج أربعة وعشرون موسيقياً من الموصل شكَّلوا أربع فرق موسيقية تلقت منحاً للقيام بجولة موسيقية في أنحاء العراق. وسُجِّل إنجاز مهم آخر في شهر آذار 2022 تمثل في إقامة "مهرجان الموصل للموسيقى التقليدية" في المدينة القديمة، الذي تخللته حفلات موسيقية أقيمت في منزل تراثي أعيد تأهيله بالكامل. ويعد هذا المهرجان أول نشاط من هذا النوع يُقام بعد تحرير المدينة. ومنذ 2018، رصدت اليونسكو أكثر من 150 مليون دولار من أجل العراق، خصصت نسبة كبيرة منها لإعادة إعمار الموصل.
خلاصة ما تقدم فان مبادرة إحياء روح الموصل التي اطلقتها منظمة اليونسكو وأشرفت على تنفيذه في مختلف مراحلها مثلت احد ابرز النشاطات الأساسية التي اضطلعت بأدائها منظمة اليونسكو في مدينة الموصل والتي تجسد رؤية حقيقية وواضحة في مجال بناء السلام في مجتمعات ما بعد النزاع، حيث أن هذه المنظمة ادركت أن السلام في نينوى لا يتحقق إلا من خلال إشاعة ثقافة نبذ العنف والتعصب ومن خلال إعادة الصورة الجميلة لمدينة الموصل من خلال إعادة بناء المعالم التاريخية والحضارية ورموز هذه المدينة فضلا عن توظيف الفن والموسيقى والغناء وغيرها في خدمة قضايا السلام في مدينة الموصل ومحافظة نينوى. وباعتقادنا أن منظمة اليونسكو قد دخلت بكل قوتها في هذا الملف وحرصت على أن توظف كل إمكانياتها وخبراتها لتحقيق افضل النتائج ضمن هذه المبادرة وان الحضور الدائم والمستمر لفريق اليونسكو وبأعلى مستويات التمثيل وبضمنها زيارة مديرة المنظمة لمدينة الموصل يمثل احد ابرز العوامل التي أسهمت في زيادة فاعلية دور هذه المنظمة ومشاركتها في برامج بناء السلام في محافظة نينوى.


اليونسكو- احياء روح الموصل - بناء السلام - مجتمعات ما بعد النزاع.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع