مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
( إنما الخمر والميسر والأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان )
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
09/08/2023 القراءات: 565
واختلف العلماء فيما يُناط به الحُرْمَة والكراهة ، إنه إن كان أكثر أكلها الطاهرات فليست بجلالة ، والأصح أنه لا اعتبار بالكثرة بل بالرائحة ، فإن كان يوجد في مَرَقتها أو فيها أدنى ريح النجاسة وإن قلَّ فالموضع موضع النهي ، وإلا فلا ، فإن عُلفت الجلالة علفًا طاهرًا مدة حتى طاب لَحْمُها وزالت النجاسة زالت الكراهة ، ولا تُقدَّر مدة العلف عندنا بزمن ، بل المعتبر زوال الرائحة بأي وجه كان .
ب ـ يُؤْخَذ من هذا أن مَناط النهي هو وجود رائحة النجاسة وتغير اللحم أو اللبن أو البيض ، وذلك تابع في الغالب إلى كثرة ما تُعْلَف به الدابَّة من النجاسة أو قوة تأثيره .
جـ ـ فإذا وُجِدت الرائحة أو تغيّر اللحم طعمًا ، قال العلماء بمنع تناول لحمها وما ينتج عنه . فما هي درجة هذا المنع؟ هل هي الحُرْمَة أو الكراهة ؟ قولان للفقهاء بين الحكم بالحرمة أو الكراهة التحريمية أو الكراهة التنزيهية
د ـ وإذا كان المنع من أكل لحم الجلالة وشرب لبنها منوطًا بوجود النتن والتغير في الطعم والرائحة ، فكيف تزول هذه العلة حتى يزول المنع ؟
قال جماعة : يكفي زوال الرائحة والطعم بأية وسيلة من الوسائل ، وقال آخرون : لابد من حبس الدابة مُدَّة حتى تزول الرائحة .
وقال جماعة من هؤلاء لابد مع الحبس من العلف الطيب ، وبدون ذلك يكره أكل اللحم وشرب اللبن
هـ هذا والممنوع في الجلالة ـ بوصف كونها جلالة ـ هو أكل لحمها وشرب لبنها ، وكذلك أكل البيض ، وأيضا حمل الأمتعة عليها ، وركوبها بغير حائل بين ما يُحمل عليها وبين جلدها ، وذلك على سبيل الكراهة في الركوب .
الخلاصة : الطيور والحيوانات التي يخلط علفها بمادة نجسة ، ولكنه لم يظهر فساد هذه النجاسة في لحمها أو لبنها أو بيضها، من ناحية الرائحة أو الطعم ، وكذلك لم تكن ضارة في تناولها ، فإنه لا يحرم أكلها ولا يكره أيضا لزوال عله النهي وهي الفساد .
فإن كان علفها كله نجسا أو ظهر فيها الفساد فقد اختلف العلماء فيها بين الحكم بالحرمة أو الكراهة التحريمية أو التنزيهية.
والأولى علفها بمادة طيبة مدة من الزمان قبل تناولها حسما لموطن الخلاف.
(هذا الحكم نقلته ملخصا عن كتاب فتاوى وأحكام للشيخ عطية صقر رحمه الله وكان رئيس لجنة الفتوى بالأزهر.)
(12) من أنواع النجاسات :
الخمر :
وهي نجسة عند جمهور العلماء ، لقول الله تعالى ( إنما الخمر والميسر والأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان )المائدة 90
الميسر: القمار
والأنصاب :التماثيل
والأزلام: الأزلام جمع زَلَم، وهو السهم، أو القدح، بمعنى قطعة من غصن مشذبة، لا ريش لها ولا نصل؛ وسميت هذه القِداح بالأزلام، لأنها زلمت، أي سويت؛ وكان أبو رافع مولى النبي ممن يصنعها في الجاهلية، وكان أهل الجاهلية يكتبون على بعضها افعل ، وعلى بعضها لا تفعل ويضعونها في كيس ، فإذا أراد المرء حاجة أدخل يده في الكيس لإخراج واحد منها.
وذهبت طائفة إلى القول بطهارتها وهم :ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك، و المزني صاحب الإمام الشافعي ،والليث بن سعد ، الشوكاني والصنعاني ومن المتأخرين ابن عثيمين ،وأحمد شاكر والألباني ،والقرضاوي رأوا جميعا أن الخمر طاهرة ، وأن المحرم إنما هو شربها
وهو الراجح ، ويستدل أيضاً أن الصحابة عند تحريمها قاموا بإراقتها في طرق المدينة ،ولو كانت نجسة لما فعل الصحابة ذلك ولنهى الرسول عنه كما نهى عن التخلي (قضاء الحاجة ) في الطرق ولا ننسى أن أغلبهم كانوا يمشون حفاة .
ولعل الفقهاء شددوا قديماً في القول بنجاستها من باب التنفير منها ، أما الآن فنحن نحتاج إلى الكحول كمطهر ومعقم ويدخل في صناعة العطور ،والروائح البرفان (perfume) .
وحملوا الرجس في الآية على الرجس المعنوي ، لأن لفظ ( رجس ) خبر عن الخمر ، وما عطف عليها كالميسر والأنصاب والأزلام، وهو لا يوصف بالنجاسة الحسية قطعا ، فالمراد الرجس المعنوي لا الحسي، ولأنه وصف هذا الرجس بكونه من عمل الشيطان، وأن الشيطان يريد به إيقاع العداوة والبغضاء فهو رجس عملي معنوي. قال تعالى : ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان ) فالأوثان رجس معنوي ، لا تنجس من مسها.
ودلت السنة أيضا على طهارة الخمر طهارة حسية، ففي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر فقال له رسول الله: “هل علمت أن الله قد حرمها؟” قال: لا، فسارَّ إنساناً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “بم ساررته؟” قال: أمرته ببيعها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الذي حرم شربها حرم بيعها”، قال ففتح المزادة حتى ذهب ما فيها.
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان ساقي القوم في منزل أبي طلحة (وهو زوج أمه) فأمر النبي صلى الله عليه وسلم منادياً ينادي ألا إن الخمر قد حرمت، قال: فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرقها، فخرجت فهرقتها، فجرت في سكك المدينة.
ولو كانت الخمر نجسة نجاسة حسية لأمر النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الراوية أن يغسل راويته، كما كانت الحال حين حرمت الحمر عام خبير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أهريقوها واكسروها”، يعني القدور) فقالوا: أوَنهريقها ونغسلها؟ فقال: “أوَ ذاك”.
ثم لو كانت الخمر نجسة نجاسة حسية ما أراقها المسلمون في أسواق المدينة، لأنه لا يجوز إلقاء النجاسة في طرق المسلمين.
( إنما الخمر والميسر والأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان )
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع