مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


إذا أنت جازيت المسيء بفعله ... ففعلك من فعل المسيء قريب

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


09/07/2023 القراءات: 263  


ولأبي داود عن قتيبة عن يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن عائشة مرفوعا. «إن الرجل ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم» . كلهم ثقات والمطلب حسن الحديث وثقه الأكثر وقال أبو زرعة أرجو أن يكون سمع من عائشة.
وقال أبو حاتم لم يدركها، وعن أبي الدرداء مرفوعا «ما من شيء في الميزان أثقل من خلق حسن» إسناد جيد رواه أبو داود والترمذي وصححه وللترمذي في رواية بإسناد حسن معنى حديث عائشة.
وقال غريب من هذا الوجه، وعن أبي هريرة مرفوعا «أنه سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال تقوى الله وحسن الخلق وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار قال الفم والفرج» رواه جماعة منهم الترمذي وصححه. وعن أم سلمة أنها قالت «يا رسول الله المرأة تتزوج الاثنين والثلاثة والأربعة ثم تدخل الجنة ويدخلون معها من يكون زوجها قال إنها تخير فتختار أحسنهم خلقا
ثم قال يا أم سلمة ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة» في إسناده سليمان بن أبي كريمة وهو ضعيف. وعن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ وأبي ذر مرفوعا «اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن» سنده جيد إلى ميمون وميمون حسن الحديث وضعفه ابن معين ولم يسمع منها رواه الترمذي وحسنه ورواه أحمد من حديث ميمون عن معاذ.
وفي الصحيحين من حديث عدي بن حاتم «اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة» ولمسلم من حديث أبي ذر «لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» روي بسكون اللام وكسرها وبزيادة ياء طليق، ولابن ماجه من حديث ابن عمر: «أن رجلا قال يا رسول الله أي المؤمنين أفضل قال أحسنهم خلقا» . وعن أسامة بن شريك قال «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عنده فكأن على رءوسهم الطير الحديث، وفي آخره قالوا ما خير ما أعطي الناس يا رسول الله قال خلق حسن» حديث صحيح رواه أحمد وابن ماجه، ولابن ماجه بإسناد ضعيف من حديث أبي ذر «لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق» .

قال الحسن البصري حقيقة حسن الخلق بذل المعروف، وكف الأذى وطلاقة الوجه.
ورواه الترمذي عن عبد الله بن المبارك وحكى في شرح مسلم في باب كثرة حيائه - صلى الله عليه وسلم - أن القاضي عياضا قال حكى الطبري خلافا للسلف هل هو غريزة أم مكتسب. وتقدم قول الماوردي فيكون هذا وهذا كما قيل: إن العقل غريزة، ومنه ما يستفاد بالتجارب وغير ذلك وهو متوجه.
وعن الزهري عن أبي الدرداء مرفوعا «إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه فصدقوا، وإذا سمعتم برجل زال عن خلقه فلا تصدقوا به، فإنه سيصير إلى ما جبل عليه» منقطع وهو ثابت إلى الزهري رواه أحمد.
وروى هذا المعنى أبو حفص العكبري في الأدب له عن عبد الله بن مسعود وقال فإنكم لا تستطيعون أن تغيروا خلقه.
وروى أبو حفص أيضا عن
هشام بن عروة عن أبيه قال مكتوب في الحكمة: ليكن وجهك بسطا وكلمتك طيبة تكن أحب إلى الناس من الذي يعطيهم العطاء.
وذكر ابن عبد البر قول سفيان بن عيينة من حسن خلقه ساء خلق خادمه وكان بين سعيد بن العاص وقوم من أهل المدينة منازعة فلما ولاه معاوية المدينة ترك المنازعة وقال لا أنتصر لنفسي وأنا وال عليهم قال ابن عقيل في الفنون هذه والله مكارم الأخلاق.
وروى الخلال عن سهل بن سعد مرفوعا «إن الله كريم يحب الكريم ومعالي الأخلاق ويكره سفسافها» وروي أيضا عن جابر مرفوعا «إن الله يحب مكارم الأخلاق ويكره سفسافها» السفساف الأمر الحقير، والرديء من كل شيء ضد المعالي والمكارم وقد قيل:
إذا أنت جازيت المسيء بفعله ... ففعلك من فعل المسيء قريب
وقيل أيضا:
وإذا أردت منازل الأشراف ... فعليك بالإسعاف والإنصاف
وإذا بغى باغ عليك فخله ... والدهر فهو له مكاف كاف
وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه من رواية عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن عن أبيه ولم يرو عنه غير ابنه عيينة ووثقه أبو زرعة عن أبي بكرة مرفوعا، ولمسلم وأبي داود وغيرهما عن عياض بن حمار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد. ولا يبغي أحد على أحد» قال الشيخ تقي الدين في اقتضاء الصراط المستقيم فجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين نوعي الاستطالة لأن المستطيل إن استطال بحق فهو المفتخر، وإن استطال بغير حق فهو الباغي.
فلا يحل
لا هذا ولا هذا ولمسلم من حديث أبي هريرة «ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» ويأتي في أحاديث اللباس أواخر الكتاب «لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر - عليه السلام - ولا ينظر الله إلى من جر إزاره بطرا» .
وقال محمد بن علي بن حسين يا عجبا من المختال الفخور الذي خلق من نطفة ثم يصير جيفة لا يدري بعد ذلك ما يفعل به وقيل لعيسى - عليه السلام - طوبى لبطن حملك، فقال طوبى لمن علمه الله كتابه ولم يكن جبارا وقال مالك بن دينار كيف يتيه من أوله نطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة، وهو فيما بين ذلك يحمل العذرة.
وقال منصور:
تتيه وجسمك من نطفة ... وأنت وعاء لما تعلم
وكان يقول لولا ثلاث سلم الناس، شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه.
وقال جعفر بن محمد علم الله أن الذنب خير للمؤمن من العجب، ولولا ذلك لما ابتلي مؤمن بذنب وقال الشاعر:
ومن أمن الآفات عجبا برأيه ... أحاطت به الآفات من حيث يجهل
وذكر ابن عبد البر الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا حسب إلا في التواضع، ولا نسب إلا بالتقوى، ولا عمل إلا بالنية، ولا عبادة إلا باليقين» وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «من عظمت نعمة الله عليه فليطلب بالتواضع شكرها» وإنه لا يكون شكورا حتى يكون متواضعا.


إذا أنت جازيت المسيء بفعله ... ففعلك من فعل المسيء قريب


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع