مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ (17)
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
06/03/2024 القراءات: 513
رمضان والمدخنون
في شهر رمضان تبرز كثير من المعاني الجليلة للصيام، وتظهر في نفس الصائم معان سامية، تعطي دلالة واضحة، على قوة إيمانه، وصدقه مع خالقه، وإخلاصه في عبادته، فهو يعصم نفسه عن الوقوع في الممنوعات، ويكبح جماح هواها أن تتخطى الحواجر التي أمر بالوقوف عندها، وعدم الاقتراب منها، فإذأ ما دعته إلى تناول شيء من المفطرات، وامتدت يده إلى ما أمامه من الطعام والشراب، هو خالي بنفسه، ليس معه في المكان أحد، ولا تراه عين بشرية، تذكر في لحظته تلك، أن هناك من يراقبه ويراه، في كل سكناته وحركاته، ويطلع على خفاياه وسرائره، وسره وعلانيته، فكف يده عن تناول ما تشتهيه نفسه تنفيذا لأمر الله، وطاعة له، وامتثالا لإيجابه الصيام عليه، فتبرز في هذه اللحظات، قمة الإخلاص في العبادة، لأنه لا يطلع على عمله الا الله، ولذلك كان جزاؤه عظيما، وثوابه عند الله كبيرا، قال تعالى في الحديث القدسي: "إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه وشرابه من، أجلي" متفق عليه، فإذا كان الإيمان الصادق، والإرادة القوية، تمنع النفس من ممارسة شهواتها، وتحول دون وقوعها في المحظورات.
فلماذا يصرُّ بعض الصائمين، على الاستمرار في ممارسة عادة التدخين التي ابتلوا بها، فالصائم يمتنع عن الطعام والشراب طيلة نهاره، بعزم قوي، وإرادة نافذة، لكنه ما إن يتناول إفطاره عند غروب الشمس، حتى يعود إلى تعاطي
التدخين مرة أخرى، بعد أن صبر عنه فترة تزيد على اثني عشرة ساعة، فكان من الأجدر به أن يواصل امتناعه عن التدخين، حتى يتخلص من ملازمته له طوال عمره.
يقول الدكتور نجيب الكيلاني: "قرأت بحثا لأحد العلماء يحرم فيه التدخين، وما إن مرت سنوات، وتأكّدت أخطار التدخين، وبين الأطباء أضراره السيئة، التي تصل إلى حد الإصابة بسرطان الرئة وغيره، عندها رأيت كيف التقى عالم الدين بنصوصه وهديه النبوي، مع عالم الدنيا ببحوثه المختبرية، وإحصاءاته وتجاربه، عندئذ تأكد لي، أن الأمر لا يحتاج إلى دليل أقوى من ذلك، إلا بكون ترك التدخين طوال ساعات النهار في رمضان طريقا للقضاء على هذه العادة بعد ما ثبت أن إرادة الإنسان، تلعب دورا أساسيا في ذلك. ويضيف قائلا: إن التدخين يؤدِّي إلى التهاب الشعب الهوائية، والنزلات الشعبية، وضيق التنفس، والسعال المزمن، وتمدد الرئتين، مما يؤثر على القلب، ويصيبه بالتضخم والإجهاد.
أيليق بعاقل يدرك هذه الأخطار المحدقة بصحته أن يُصرَّ على ممارسة التدخين؟
إنه نداء إلى أولئك المدخنين الذين أسرفوا على أنفسهم، فأوقعوها أسرى في شراك التدخين، أن يتخذوا قرارا حاسما، يكون هذا الشهر بداية تطبيقه، فيقلعوا عنه، ويحفظوا دينهم وأموالهم وصحَّتهم.
يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ (17)
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع