مدونة د. محمد سلامة الغنيمي


مبادرة نحو علم فقه الأوطان

د. محمد سلامة غنيم | Dr. Mohammed Salama Ghonaim


23/10/2022 القراءات: 900  


___________ مبادرة____________
نحن في الفقه بالديار سواء٠٠٠ كلنا مشفق على أوطانه
..........
مع تزايد الترابط بين العالميّن (الافتراضي والمادي) بفعل التكنولوجيا الرقمية، ستصبح المعرفة وكيفية إدارتها، المكوّن السري لإدارة الوضع العالمي الراهن، فإما الازدهار وإما الإندثار، وهذا الواقع المعاش قد جعل من السيطرة على الفكر محور الصراع العالمي، سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي...
وتبدو التحديات التى تواجه الأوطان لا تعدو عن السيطرة على الفكر والمعرفة -بعدما فشلت فكرة السيطرة الفعلية على مقدرات الأمم بالاستعمار- وتتمثل هذه التحديات الفكرية فى الإرهاب والشذوذ والغزو بكل صوره وأنواعه: الفكري (نشر الأيديولوجيات) ، والاقتصادي (الماركات العالمية)، والاجتماعي (نشر العادات والتقاليد) والسياسي(دعوات الثورات والفوضى) والتربوي (المناهج والأدلجة)..
كل هذه التحديات مجتمعة قد صنعت أزمات طاحنة ومحكات فارقة أمام الشعوب العربية والقائمين عليها، فواجهها المخلصين من الحكام بدعم الناصحين من المواطنين، وما زالت التحديات قائمة، بل تستعر حدتها مع الأزمات العالمية الراهنة.
وفي ظل هذه المدلهمات الحالكة التي تواجه الأوطان والصراع الثقافي العنيف بين الدول على الهويات والمقدرات، أصبح من الواجب الوطني تأصيل علم جديد يسمى (فقه الأوطان)، يدخل ضمن مناهج التعليم قبل الجامعي في جميع مراحله الدراسية، يجمع كل ما يتعلق بالأوطان من أحكام دينية وقواعد علمية وتجارب تاريخية وأفكار نهضوية ويكشف عن خطط ودسائس إفسادية، ويقوم على تأصيل العلاقة بين المواطن والوطن، وبين المواطنين بعضهم البعض، وبين المواطنين والقائمين على الوطن، وبين الوطن وغيره من الأوطان، والأداور الوطنية للنهوض بالوطن، كل ذلك بلغة تلمس الوجدان، وتقنع العقل، وتهذب الضمير، وتعانق القلب، وتحرك الهمم، وتوقظ الإرادة.
فقد أثر الإعلام والتكنولوجيا الرقمية على ثوابت الشعوب وقيم الأوطان، وقدمت مصالح الأفراد والفصائل على مصالح الأوطان، وأصبحت الوطنية شعارات جوفاء عند الكثيرين بهدف استقطاب الناس.
ونظرا لاهتمام الإسلام بقضايا الأوطان وتواتر النصوص المتعلقة بهذه القضايا، فإن أئمة الإسلام قد وضعوا قضايا الأوطان ضمن أصول الإسلام وعقيدة المسلمين، حيث إن الاستقرار السياسي مقدم على الحقوق الشخصية والاقتصادية، فحرمت الشريعة الخروج على الحاكم وإن جار وإن ظلم، إلا إذا أمنت الفتنة وهي متعذرة، كما أن الشريعة قد سدت منافذ الغزو الفكري بكل أنواعه وصوره، وحفظت للأمة خصوصيتها، وفي السياق ذاته حثت على الاستفادة من منجزات الفكر البشري التي لا تتعارض مع الثوابت والأصول.
تتعرض قيم الأوطان لدى الصغار والكبار للتلاشي والاضطراب بفعل مواقع التواصل الاجتماعي وأفلام الكرتون والأفلام والمسلسلات العالمية التي غزت فضائياتنا وعالمنا الافتراضي، ولابد في مواجهة هذا الطوفان الغاشم الذي يستهدف هويتنا من تكاتف الجهود وتنوع المبادرات، وهذا جهد المقل.
أخيرا: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يحفظ علينا أوطاننا وأن يقيها شر الفتن، وأن يوفق ولاة أمورنا لما الخير والرشاد، وأن يرزقهم البطانة الصالحة الناصحة.


مبادرة، علم، فقه، تربية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع