مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


8 - ابن مسعود وآيات الدخان

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


27/12/2022 القراءات: 386  


8 - ابن مسعود وآيات الدخان
روى البخاري ومسلم والترمذي عن مسروق بن الأجدع قال: كنا جلوساً عند عبد الله بن مسعود -وهو مضطجع بيننا- فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن: إن قاصاً عند أبواب كندة يقص، ويزعم أن آية الدخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار، ويأخذ المؤمنين منها كهيئة الزكام.
فقال عبد الله -وجلس وهو غضبان- يا أيها الناس: اتقوا الله، من علم منكم شيئاً فليقل بما يعلم، ومن لا يعلم فليقل الله أعلم، فإنه أعلم لأحدكم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم، فإن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما رأى من الناس إدباراً قال: اللهم سبعٌ كسبع يوسف.
وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعا قريشاً كذبوه، واستعصوا عليه فقال: اللهم أعِنِّي عليهم بسبعٍ كسبع يوسف. فأخذتهم سَنَةٌ حصَّتْ كل شيء، حتى أكلوا الجلود والميتة من الجوع، وينظر إلى السماء أحدهم، فيرى كهيئة الدخان.
فأتاه أبو سفيان فقال: يا محمد. إنك جئت تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا، فادع الله عز وجل لهم.
قال الله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ}. (قال عبد الله: أفيكشف عذاب الآخرة؟!!). {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ}، فالبطشة يوم بدر.
لقد صحح ابن مسعود أفهام بعضهم، حول الدخان الذي تتحدث عنه الآيات، وبيَّن أنه قد مرَّ بأهل مكة قبل الهجرة، وليس المراد بها ذلك الذي يأتي قبيل الساعة، لأن دليله في نصوص أخرى.
...

9 - بين عائشة وابن الحكم في شأن أخيها
روى البخاري عن يوسف بن ماهك قال: كان مروان بن الحكم على الحجاز، استعمله معاوية بن أبي سفيان، فخطب، فجعل يذكر يزيد بن معاوية، لكي يبايَع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً.
فقال: خذوه. فدخل بيت عائشة، فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه: {وَالذي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما}.
فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن، إلا ما أنزل في سورة النور من براءتي.
أراد مروان أن يسيء إلى عبد الرحمن، وأن يتَّهمه بأنه عاقٌ لوالديه، وأن الله قد أنزل فيه قرآناً، ذمه لموقفه من والديه، واستشهد على اتهامه يآية الأحقاف. ولكن عائشة رضي الله عنها وقفت حارسةً على معاني الآيات، حريصةً على حسن الفهم لها، فردَّت على مروان كلامه واستشهاده بالآية، وبينت أنها لم تنزل في شقيقها عبد الرحمن.
وتستوقفنا في هذه القصة عدة أمور:
منها: موقف عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه، وجرأته في الجهر بالحق، وإعلان الموقف، وإنكار الباطل.
ومنها: موقف مروان وشرطته، وهو موقف لطيف يدل على احترامهم لعائشة رضي الله عنها، حيث لم يتابعوا عبد الرحمن في بيت عائشة، بل كفوا عنه، احتراماً لأم المؤمنين، ولبيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نتذكر هذا الموقف اللطيف عنهم، عندما نضعه بجانب مواقف الظالمين والمعتدين من الدعاة إلى الله، واستخدامهم لكل الوسائل في حربهم، وإلقائهم القوانين والأعراف والعهود والقيم والمشاعر جانباً، بحيث لا يراعون فيهم إِلًّا وَلَا ذِمَّةً، ولا عهداً ولا قرابة.


8 - ابن مسعود وآيات الدخان


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع