مدونة د. محمد سلامة الغنيمي


المصلحون: رواد النهضة وسُدّات الأمة

د. محمد سلامة غنيم | Dr. Mohammed Salama Ghonaim


26/11/2024 القراءات: 72  




في رحاب التاريخ الإنساني، تتراءى لنا شخصيات لامعة، قدسية أفعالهم تتجاوز حدود الزمان والمكان، إنهم المصلحون، أولئك الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية إصلاح المجتمعات، وبناء الحضارات، وتغيير مسار التاريخ.
من هم المصلحون؟
هم قادة الفكر، ورواد الإصلاح، الذين يمتلكون رؤية ثاقبة لمستقبل أمتهم، وحكمة بالغة في التعامل مع حاضرها. هم الذين لا يكتفون بالنظرة إلى الذات، بل يتسع مدار اهتمامهم ليشمل المجتمع بأكمله، يسعون إلى إصلاح ما فسد فيه، وتحسين أحواله، وتطويره.

دور المصلح في بناء المجتمع:
لا يمكن التقليل من شأن الدور المحوري الذي يلعبه المصلح في بناء المجتمعات. فهو:
- قائد الرأي العام: يشكل رأي المصلح قوة دافعة للتغيير الإيجابي، فهو يوجه الرأي العام نحو الأهداف النبيلة، ويحفز الناس على العمل من أجل تحقيقها.
- مهندس المستقبل: يضع المصلح تصورات واضحة لمستقبل أفضل، ويخطط للوصول إليه بخطوات مدروسة، وعمل دؤوب.
- معلم الأجيال:ينقل المصلح قيمه ومعارفه إلى الأجيال القادمة، ويغرس في نفوسهم حب المعرفة والعمل والإبداع.
- وسيط بين الأطراف: يسعى المصلح إلى حل الخلافات والنزاعات، وبناء جسور التواصل بين مختلف شرائح المجتمع.

التحديات التي تواجه المصلح:
لا تخلو مسيرة المصلح من التحديات والعقبات، فهو يواجه:
-المحافظين: الذين يرفضون التغيير، ويحاولون الحفاظ على الوضع القائم، مهما كانت سلبياته.
-المفسدين: الذين يستغلون أي فرصة لإفساد المجتمع، وتحقيق مصالحهم الشخصية.
-الجهل والتخلف: الذي يمثل أكبر عائق أمام التقدم والتنمية.

أمثلة تاريخية للمصلحين:
تُزخر الحضارات الإنسانية بأسماء لامعة لمصلحين تركوا بصمة واضحة في تاريخ أممهم، من أمثلة هؤلاء:
أمامهم وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم: أعظم مصلح في التاريخ، الذي أخرج البشرية من الظلمات إلى النور، وبنى حضارة إسلامية شاملة.
-الإمام الغزالي:الذي أحدث ثورة في الفكر الإسلامي، وأسس لمدرسة صوفية عريقة.
- محمد عبده: رائد النهضة الإسلامية في العصر الحديث، الذي دعا إلى التجديد والتحديث في الفكر الإسلامي.

الوصايا الموجهة للمصلح:
-التواضع: فالكبر والغرور يعوقان التقدم والنجاح.
-الحلم: فالصبر والتحمل هما مفتاح النجاح.
-العمل الجاد: فالإصلاح يحتاج إلى جهد وعمل متواصل.
-التفاني والإخلاص:فالمصلح الحقيقي يعمل من أجل مصلحة الأمة وليس لمصلحته الشخصية.
-التعلم المستمر: فالعالم المتجدد يحتاج إلى مصلحين متجددين.

ختاماً:
إن المصلحون هم أمل الأمم، وهم الذين يقودونها نحو مستقبل أفضل. فدعونا نسعى جميعاً ليكون كل واحد منا مصلحاً في مجتمعه، يساهم في بناء حضارة إنسانية متقدمة.
"وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا"

هذه الآية الكريمة تصف لنا صفات المصلح الحقيقي، الذي يمشي في الأرض تواضعاً، ويواجه الجهالة بالحكمة والسلام.
#الغنيمي
#رؤية_للنهوض_الحضاري


تربية، فكر، نهضة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع