مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻الهجرة (2)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


18/02/2023 القراءات: 355  


انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلى الغار ، وحمل أبو بكر رضي الله عنه ثروته ليضعها تحت تصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وقد ذكرت أسماء رضي الله عنها أنها كانت خمسة أو ستة ألاف درهم

وجن جنون قريش حينما تأكد لديها إفلات رسول الله صلى الله عليه وسلم صباح ليلة تنفيذ المؤامرة‏.‏ فأول ما فعلوا بهذا الصدد أنهم ضربوا عليًا رضي الله عنه ، وسحبوه إلى الكعبة، وحبسوه ساعة، علهم يظفرون بخبرهما‏.‏

ولما لم يحصلوا من عليّ رضي الله عنه على شئ ، جاءوا إلى بيت أبي بكر وقرعوا بابه، فخرجت إليهم أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها ، فقالوا لها‏:‏ أين أبوك‏؟‏ قالت‏:‏ لا أدرى والله أين أبي‏؟‏ فـرفع أبو جهل يـده ـ وكان فاحشًا خبيثًا ـ فلطم خـدها لطمـة طـرح منها قرطها‏.‏

وأقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثلاث ليالٍ وأيامها بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،حتى أدى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس، حتى إذا فرغ منها لحق رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة

وقررت قريش في جلسة طارئة مستعجلة استخدام جميع الوسائل التي يمكن بها القبض على الرجلين، فوضعت جميع الطرق النافذة من مكة ‏[‏في جميع الجهات‏]‏ تحت المراقبة المسلحة الشديدة، كما قررت إعطاء مكافأة ضخمة قدرها مائة ناقة عن كل واحد منهما لمن يعيدهما إلى قريش حيين أو ميتين، كائنًا من كان‏.‏

ولقد تمكن المشركون من اقتفاء أثرهم إلى الغار، ولكن الله غالب على أمره، روى البخاري عن أنس رضي الله عنه عن أبي بكر رضي الله عنه قال‏:‏ كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، فرفعت رأسى فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت‏:‏ يا نبي الله ، لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏اسكت يا أبا بكر، اثنان، الله ثالثهما‏" ، وفي لفظ‏:‏ ‏"ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما‏"

وقد كانت معجزة أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم، فقد رجع المطاردون حين لم يبق بينه وبينهم إلا خطوات معدودة‏ .

ومكث الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار ثلاثة ليال ،حتى خف الطلب عليهم وهدأت قريش بعد استمرار المطاردة ثلاثة أيام بدون جدوى ،وتهيأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه لاستكمال رحلتهما إلى المدينة ، وكانا قد استأجرا عبد الله بن أريقط وواعده غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما ، وارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه وارتحل معهما عامر بن فهيرة ،وأخذ بهم الدليل عبد الله بن أريقط على طريق السواحل

وأول ما سلك بهم بعد الخروج من الغار أنه أمعن في اتجاه الجنوب نحو اليمن ،ثم اتجه غربا نحو الساحل ، حتى إذا وصل إلى طريق لم يألفه الناس اتجه شمالا على مقربة من شاطئ البحر ،وسلك طريقا لم يكن يسلكه أحد إلا نادرًا وفي الطريق إلى المدينة وقعت بعض الأحدث ، فقد روى البخاري عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال‏:‏ أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق، لا يمر فيه أحد، فرفعت لنا صخرة طويلة، لها ظل لم تأت عليها الشمس، فنزلنا عنده، وسويت للنبي صلى الله عليه وسلم مكانًا بيدى، ينام عليه، وبسطت عليه فروة، وقلت‏:‏ نم يا رسول الله ، وأنا أنفض لك ما حولك، فنام، وخرجت أنفض ما حوله، فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة، يريد منها مثل الذي أردنا، فقلت له‏:‏ لمن أنت يا غلام‏؟‏ فقال‏:‏ لرجل من أهل المدينة أو مكة‏.‏ قلت‏:‏ أفي غنمك لبن‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قلت‏:‏ أفتحلب‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ فأخذ شاة، فقلت‏:‏ انفض الضرع من التراب والشعر ، فحلب في قعب كثبة من لبن ومعى إداوة حملتها للنبي صلى الله عليه وسلم، يرتوى منها، يشرب ويتوضأ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فكرهت أن أوقظه، فوافقته حين استيقظ، فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفله، فقلت‏:‏ اشرب يا رسول الله ، فشرب حتى رضيت، ثم قال‏:‏ ‏"ألم يأن الرحيل‏؟‌‏ "قلت‏:‏ بلى، قال‏:‏ فارتحلنا‏.‏

وقد احتاط الاثنان في الكلام مع الناس الذين يقابلونهم في الطريق ،فكان من دأب أبي بكر رضي الله عنه أنه كان ردفًا للنبى صلى الله عليه وسلم، وكان شيخًا يعرف، فيلقى الرجل أبا بكر فيقول‏:‏ من هذا الرجل الذي بين يديك‏؟‏ فيقول‏:‏ هذا الرجل يهدينى السبيل ، فيحسب السائل إنه إنما يعني الطريق ،وإنما يعني سبيل الخير
البخاري


سلسلة السيرة النبوية 🔻الهجرة (2)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع