مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ (39)
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
21/03/2024 القراءات: 425
المسارعة إلى فعل الخيرات
خلق الله الإنسان في هذه الحياة، لعبادته: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [سورة الذاريات، الآية (56) ] ولم يوجده ليعمرها بجمع حطامها، وتتبع زخارفها وملذاتها، ومجاراة الآخرين في زينتها ومتاعها، وعمره في هذه الحياة محدود، ومدة بقائه بها قصيرة، ولن يتمكن من إضافة دقيقة واحدة على ما كُتب له فيها، {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} [سورة المنافقون، الآية (11) ] ولن يقدر على النقص أيضا، {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [سورة الأعراف، الآية (34) ] .
فإذا كنت أيها المسلم العاقل، تدرك ماهيتك في هذه الحياة، وأنك مسافر ولست مقيما، وأن عمرك سينتهي، وأنت مقبل على لحظة تلفظ فيها أنفاسك وتغادر، مهما طال عمرك، ولو جاوزت المائة، فلماذا اللهو والغفلة، ولماذا التسويف والتأخير، والمماطلة والتأجيل؟ في كل يوم ترمي بك نفسك الأمارة بالسوء إلى تأجيل العمل، غدا أعمل، غدا أعمل، وهكذا حتى تصرَّمت سنّي عمرك وأنت في لهوك وغفلتك، أما ترى الموت ينقض دون هوادة على من هم في سنك، ومن هم أصغر وأكبر منك، لماذا لم يكن لك في ذلك عظة وعبرة؟
يا نفس ويحك توبي واعملي حسنا ... عسى تجازين بعد الموت بالحسن
يا نفس كُفِّي عن العصيان واغتنمي ... فعلا حميدا لعل الله يرحمني
انهض أيها الحبيب، واستدرك ما مضى وفات، فربك يغفر الزلات، ويقيل
العثرات، ويعفو عن السيئات، أنت في موسم العبادة، ووقت الطاعة، أنت في أفضل الشهور، في شهر رمضان، الذي يعتق الله فيه عباده من النيران، تب إلى الله، واستغفره عن ما مضى فإن ربك غفور رحيم، يفرح بتوبة عبده إذا رجع إليه مقرا معترفا بذنوبه، ردد: أستغفرك وأتوب إليك، أستغفرك وأتوب إليك.
هذا هو موسم تخليص الرقاب من النيران، والفوز بنعيم الجنان.
جاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال حين ذكر ما أعطيت هذه الأمة من خصال: "ويغفر لهم في آخر ليلة، قيل يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال: لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله". رواه أحمد. وورد أيضا أن الله تعالى يعتق في كل ليلة من شهر رمضان ألف ألف عتيق، أي مليون، فإذا كان آخر الشهر، أعتق مثل ما أعتق في الشهر كله، فحرر نفسك من أسر الشيطان، عسى أن تكون أحد أولئك العتقاء من النيران.
وادع ربك أن لا تكون ممن دعا عليه جبريل عليه السلام، حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "يا محمد من أدرك رمضان من أمتك فلم يغفر له فزجّه الله في النار، قل آمين، فقال عليه الصلاة والسلام: آمين" رواه ابن حبان.
اللهم اجعلنا من عتقائك في هذا الشهر الكريم، وامنن علينا برحمتك وغفرانك يا عظيم يا رحيم.
يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ (39)
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع