"من التوراة إلى التكنولوجيا: كيف صارت إسرائيل قوة عالمية؟"
د. محمد سلامة غنيم | Dr. Mohammed Salama Ghonaim
05/10/2024 القراءات: 60
الاعتراف بنجاح العدو وتفوقه ليس ضعفًا، بل هو قوة. فهو يدفعنا إلى التطور والتحسين، وبرغم أن الاعتراف بنجاح العدو وتفوقه في النهوض والتنافس معه هي مسألة معقدة تتطلب نظرة متأنية وشاملة. من جهة، إلا أنه قد يبدو هذا الأمر صعبًا ومخالفًا لمشاعرنا الوطنية والتنافسية. و من جهة أخرى، يمكن أن يكون الاعتراف بالآخرين خطوة ضرورية نحو التطور والتقدم.
كيف أصبح هذا الكيان الصغير المشتت في جميع أنحاء الأرض على امتداد تاريخ البشرية حتى إعلان دولته المزعومة قوة ذات تأثير عالمي في مختلف المجالات، تطوع جميع الدول لخدمة مصالحها، وتتحكم في قرارات أقوى دولة في العالم، وترهب الأمة العربية والإسلامية رغم التفوق الساحق للأمة الإسلامية من حيث الجغرافيا والتاريخ والموارد ... إلخ؟
قبل أن نستعرض المجالات التي ركز عليها الكيان للخروج للعالم كقوة ذات تأثير، أعرض نتائج هذه الدراسة:
توصلت دراسة (الدين والتعليم حول العالم) التي قام بها مركز بيو للأبحاث عام ٢٠١٦م أن اليهود هم المجموعة الدينية الأولى الأكثر تعليما في العالم، وبعدهم المسيحيين، أما كلا من المسلمين والهندوس فهم الأقل على مستوى العالم، وذلك وفقا لدراسة ديمجرافية شملت ١٥١ بلدا عن تباين التعليم بين الأديان ومسح استند على بيانات متوفرة عن فئة متوسط العمر فيها ٢٥ سنة وما فوق.
وأعلى نسبة في العالم في الحصول على شهادات جامعية هم اليهود دون غيرهم
وتصل الموازنة الحكومية للتعليم العالي في إسرائيل إلى 5.474 مليار شيكل، ويبلغ معدل ما تصرفه حكومة إسرائيل على البحث والتطوير المدني في مؤسسات التعليم العالي ما يوازي 30.6% من الموازنة الحكومية المخصصة للتعليم العالي بكامله، ويصرف الباقي على التمويل الخاص بالرواتب والمنشآت والصيانة والتجهيزات .. إلخ. علما بأن المؤسسات التجارية والصناعية تنفق ضعفي ما تنفقه الحكومة على التعليم العالي.
وطبقا للمعايير الدولية، فإن إسرائيل تحتل المرتبة الأولى في علوم الكمبيوتر والمرتبة الثالثة في الكيمياء .. وتحتل إسرائيل ةيضا المركز الثالث عالميا في صناعة التكنولوجيا المتقدمة ، والمركز الخامس عشر بين الدول الأولى في العالم المنتجة للأبحاثوالاختراعات.
وفي إحصائيات ٢٠٠٢م لليونسكو أن عدد الباحثين في إسرائيل 5.2 لكل 1000 نسمة أي 15 ضعف المعدل العربي العام .
أما في إحصائيات 2004م فقد وصل الانفاق على البحث العلمي 4.7% من نتاجها القومي الإجمالي في حين لا تنفق الدول العربية مجتمعة على البحث العلمي سوى 0.6% وعدد البحوث التي نشرتها إسرائيل عام ١٩٩٥م كان 10000 بحث بينما العالم العربي قاطبة لم ينشر سوى 6665 بحثا.
وقد اندرجت ست من الجامعات الإسرائيلية في لائحة أفضل ١٠٠ جامعة في آسيا Webometrics ووصلت أربع جامعات إسرائيلية إلى لائحة أفضل ١٥٠ جامعة في العالم.
لن تستطيع أمتنا أن تغير من واقعها؛ إلا بعد أن تصبح على وعي به، وقد اقتربت مرحلة الوعي والإدراك بعد طوفان (التطبيع) وستستيقظ أمتنا على حلم إسرائيل الكبري من النيل إلى الفرات، لتدرك حقيقة الحرب على الإسلام ومرحلة صحوة أمة لمواجهة أعدائها الذين كانوا دائمًا السبب في تخلفها وتعاستها ومآسيها مما يُبشر بالملاحم الكبرى وبانطلاق قوة المسلمين ضاربة في الأرض تقيم العدل وترد الحقوق وتنتصر المظلوم، تحت راية المهدي المنتظر.
وحتى تأتي هذا المرحلة التي أوشكت والتى ستسبقها وتتقدم عليها فتن عظيمة، علينا أن نحمي أنفسنا من ويلاتها بما أوصي به نبينا حذيفة قائلا: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك»" (صحيح البخاري:7084).
العوامل الرئيسة التي قادت الكيان لما هو عليه:
١- توظيف الجانب الديني في قيامها:
الروح الدينية هي التي دفعت المؤسسين لهذا الكيان لتجميع اليهود المشتتين من جميع أنحاء الأرض استجابة لمعتقدات دينية، وهذا المعتقد دفعهم لبذل الغالي والنفيس في سبيل تحقيقه، وما صبّرَ وثبّت الناس في أشدّ الظروف هو احتسابهم ويقينهم أنهم يبذلون في سبيل الله.
٢- استدعاء هوية موحدة لهم:
استدعاء هوية موحدة لهم رغم اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم وعاداتهم، هذه الهوية جمعتهم ووحدت صفهم ككتلة قوية جدا لا تفل، وفي ذلك أحيوا لغة ميتة من آلاف السنين كما غيروا كل معالم الأرض المحتلة وإصباغها بالصبغة اليهودية.
٣- التعليم:
أنشأ الكيان الجامعات والمؤسسات التعليمية قبل إنشاءه الكيانات السياسية، فقد أنشأت الجامعة العبرية قبل إعلان قيام إسرائيل بكثير، ووظفوا التعليم جيدا في ترسيخ قيمهم المزعومة وتأصيل هويتهم الكاذبة، وبث سموم الحقد في قلوب أبنائهم ضد أصحاب الأرض.
٤- السيطرة على اقتصاد العالم:
استطاع اليهود استغلال المال لتطويع سياسات الدول القوية لأهدافهم، وتكوين اللوبيات وجماعات الضغط والمصالح في الدول القوية بحيث لا يستطيع أي سياسي معارضة مصالحهم، وإلا فقد مستقبله السياسي.
٥- التحكم في الإعلام:
يملك اليهود أكبر المؤسسات الإعلامية في العالم، والتي تسطيع خدمة أهدافها والتأثير على شعوب الأرض بالتعاطف معهم، وتصديق أكاذيبهم وافتراءاتهم والتأثير على السياسين في دول العالم من سلطة الإعلام.
٦- استغلال سنة التدافع:
استغل المؤسسين اليهود الصراع التاريخي بين الشرق الإسلامي والغرب المسيحي وحالة ضعف الدولة العثمانية وخوف الغرب من قيام دولة جديدة تجمع العالم الإسلامي، فقاموا بعرض أنفسهم على الغرب ليكونوا الكيان الذي يفصل العالم الإسلامي عن بعضه البعض، ويحول دون قيامه مرة أخرى.
ومن هنا يعتبر الغرب الكيان هو صمام الأمان له من يقظة المارد الإسلامي، ومن ثم دعمه بكل ما أوتي من قوة.
#الغنيمي
#رؤية_للنهوض_الحضاري
سياسة، صهيونية، نهضة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع