مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


وما الناس إلا واحد من ثلاثة ... شريف ومشروف ومثل مقاوم

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


11/07/2023 القراءات: 298  


روى الحاكم في تاريخه عن ابن المبارك وقيل له ما خير ما أعطي الإنسان قال غريزة عقل قلت: فإن لم يكن قال حسن أدب قلت: فإن لم يكن قال أخ شفيق يستشيره فيشير عليه قلت: فإن لم يكن قال صمت طويل قلت فإن لم يكن قال موت عاجل.
ومن كلام الحمقى: استعمل معاوية رجلا من كلب فذكر المجوس يوما فقال لعن الله المجوس ينكحون أمهاتهم والله لو أعطيت عشرة آلاف درهم ما نكحت أمي، فبلغ ذلك معاوية قال قبحه الله أترونه لو زيد فعل قيل لبردعة الموسوس أيما أفضل غيلان أم معلى قال معلى قال: ومن أين؟ قال؛ لأنه لما مات غيلان ذهب معلى إلى جنازته، فلما مات معلى لم يذهب غيلان إلى جنازته.
رفع رجل من العامة ببغداد إلى بعض ولاتها على جار له أنه يتزندق، فسأله الوالي عن قوله الذي نسبه به إلى الزندقة؟ فقال: هو مرجئ ناصبي، رافضي من الخوارج يبغض معاوية بن الخطاب الذي قتل علي بن العاص. فقال له ذلك الوالي: ما أدري على أي شيء أحسدك؟ أعلى علمك بالمقالات أم على بصرك بالأنساب؟
دخل رجل من العامة الجهلة الحمقى على شيخ من شيوخ أهل العلم فقال له: أصلح الله الشيخ قد سمعت في السوق الساعة شيئا منكرا ولا ينكره
أحد قال وما سمعت قال: سمعتهم يسبون الأنبياء قال الشيخ: ومن المشتوم من الأنبياء قال: سمعتهم يشتمون معاوية قال يا أخي ليس معاوية بنبي قال: فهبه نصف نبي لم يشتم؟
وقال عمرو بن بحر ذكر لي بعض الإباضية أنه جرى عنده ذكر الشيعة يوما فغضب وشتمهم وذكر ذلك كالمنكر عليهم نحلتهم إنكارا شديدا قال: فسألته يوما عن سبب إنكاره على الشيعة ولعنه لهم؟ فقال: لمكان الشين في أول كلمة لأني لم أجد ذلك قط إلا في مسخوطة مثل شؤم وشر وشيطان وشيخ وشعث وشعب وشرك وشتم وشقاق وشطرنج وشين وشن وشانئ وشوصة وشوك وشكوى وشنان، فقلت له: إن هذا كثير ما أظن أن هذا القوم يقيم الله لهم علما مع هذا أبدا.
سلم فزارة صاحب المظالم بالبصرة على يساره في الصلاة فقيل له في ذلك، فقال: كان على يميني إنسان لا أكلمه. قال فزارة يوما في مجلسه: لو غسلت يدي مائتي مرة ما تنظفت حتى أغليها مرتين، وفيه يقول الشاعر:
ومن المظالم أن تكون ... على المظالم يا فزاره
ولي رجل مقل قضاء الأهواز فأبطأ عليه رزقه وحضر عيد الأضحى وليس عنده ما يضحي به ولا ما ينفق فشكا ذلك إلى زوجته فقالت: لا تغتم فإن عندي ديكا جليلا قد سمنته فإذا كان عيد الأضحى ذبحناه فلما كان يوم الأضحى وأرادوا الديك للذبح طار على سقوف الجيران فطلبوه وفشا الخبر في الجيران وكانوا مياسير فرقوا للقاضي ورقوا لقلة ذات يده فأهدى إليه كل واحد كبشا فاجتمعت في داره أكبش كثيرة وهو في المصلى لا يعلم، فلما صار إلى منزله ورأى ما فيه من الأضاحي قال لامرأته من أين هذا؟ فقالت: أهدى إلينا فلان وفلان حتى سمت جماعتهم ما ترى
قال: ويحك احتفظي بديكنا هذا فما فدي إسحاق بن إبراهيم إلا بكبش واحد، وقد فدي ديكنا بهذا العدد.

قال الحسن - رحمه الله تعالى -: الأخلاق للمؤمن قوة في لين، وحزم في دين، وإيمان في يقين، وحرص على العلم، واقتصاد في النفقة، وبذل في السعة، وقناعة في الفاقة، ورحمة للجمهور، وإعطاء في كرم وبر في استقامة وقال الأشعث بن قيس يوما لقومه: إنما أنا رجل منكم ليس في فضل عليكم، ولكني أبسط لكم وجهي، وأبذل لكم مالي، وأقضي حقوقكم، وأحوط حريمكم فمن فعل مثل فعلي فهو خير مني، ومن زدت عليه فأنا خير منه قيل له يا أبا محمد ما يدعوك إلى هذا الكلام قال: أحضهم على مكارم الأخلاق.
وسئل عبد الله بن عمر عن السؤدد فقال: الحلم السؤدد وقال أيضا: نحن معشر قريش نعد الحلم والجود السؤدد، ونعد العفاف وإصلاح المال المروءة وقال أبو عمرو بن العلاء كان أهل الجاهلية لا يسودون إلا من كانت فيه ست خصال وتمامها في الإسلام سابعة: السخاء والنجدة والصبر والحلم والبيان والحسب، وفي الإسلام زيادة العفاف. ذكر لعبد الله بن عمر أبو بكر وعمر، وعثمان وعلي ومعاوية - رضي الله عنهم - فقال كان معاوية أسود منهم وكانوا خيرا منه.
وذكر ابن عبد البر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «من رزقه الله مالا فبذل معروفه وكف أذاه فذلك السيد» «وقال - صلى الله عليه وسلم - يوما للأنصار من سيدكم؟ قالوا
الجد بن قيس على بخل فيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي داء أدوأ من البخل؟ بل سيدكم الجعد الأبيض عمرو بن الجموح» فقال شاعرهم في ذلك:
وقال رسول الله والحق قوله ... لمن قال منا من تسمون سيدا
فقالوا له الجد بن قيس على التي ... نبخله فيها وإن كان أسودا
فتى ما تخطى خطوة لدنية ... ولا مد في يوم إلى سوأة يدا
فسود عمرو بن الجموح بجوده ... وحق لعمرو بالندى أن يسودا
وقال بعضهم السؤدد بالبخت، كم من فقير ساد وليس له بذل بالمال إلى غيره كعتبة بن ربيعة وغيره سب الشعبي رجل فقال له: إن كنت كاذبا يغفر الله لك، وإن كنت صادقا يغفر الله لي وقال خالد بن صفوان: شهدت عمرو بن عبيد ورجل يشتمه فقال له: آجرك الله على ما ذكرت من خطأ قال: فما حسدت أحدا حسدي عمرو بن عبيد على هاتين الكلمتين.
وقال الأحنف بن قيس: ما نازعني أحد إلا أخذت في أمره بإحدى ثلاث خصال: إن كان فوقي عرفت له قدره، وإن كان دوني كرمت نفسي عنه، وإن كان مثلي تفضلت عليه.
أخذ هذا المعنى محمود الوراق فقال:
سألزم نفسي الصبر عن كل مذنب ... وإن كثرت منه علي الجرائم
وما الناس إلا واحد من ثلاثة ... شريف ومشروف ومثل مقاوم
فأما الذي فوقي فأعرف فضله ... وألزم فيه الحق والحق لازم
وأما الذي دوني فإن قال صنت عن ... إجابته عرضي وإن لام لائم
وأما الذي مثلي فإن زل أو هفا ... تفضلت إن الفضل بالعز حاكم
وقال عبيد بن الأبرص:
إذا أنت لم تعمل برأي ولم تطع ... أولي الرأي لم تركن إلى أمر مرشد
ولم تجتنب ذم العشيرة كلها ... وتدفع عنها باللسان وباليد
وتحلم عن جهالها وتحوطها ... وتقمع عنها نخوة المتهدد
فلست ولو عللت نفسك بالمنى ... بذي سؤدد باد ولا قرب سؤدد


وما الناس إلا واحد من ثلاثة ... شريف ومشروف ومثل مقاوم


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع