مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (126)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


12/01/2024 القراءات: 469  


حرص ابن عقيل على موافقة فعل النبي صلى الله عليه وسلم:
قال الإمام الزركشي (ت: ٧٩٤) في كتابه «إعلام الساجد بأحكام المساجد» (ص: 113):
«قال أبو الوفاء ‌بن ‌عقيل الحنبلي في كتابه "‌الفنون": وقع لي تأملاتٌ في الحج منها: الصلاة بين عمودي البيت إلى أربع جهات:
إلى هذا واستدبرتُ الآخر.
وعودي لاستقبال ما استدبرتُ.
وإلى ما يلي الظهر.
وإلى ما يلي الصدر.
لتكون الموافقةُ حاصلةً، فقد صح أنه عليه السلام صلّى بينهما. ولم أعلمْ كيف صلّى. انتهى».
***
سرور الطالب بأستاذه:
سامرّاء مدينة ولّادة للعلماء والفقهاء والأدباء والشعراء والخطباء والفضلاء والصلحاء كما أنّها حاضنة للمؤسسات الدينية والمعاهد الشرعية والمدارس الإسلامية والمساجد والتكايا.
وقد تخرّج فيها من الأساتذة والمتفننين في العلوم الذين جابوا البلاد شرقًا وغربًا حتى ذاع صيتهم ما بين الخافقَين.
ومن هؤلاء الأساتذة الذين تركوا أثرًا طيبًا وعلمًا غزيرًا وأدبًا جمًّا في طلبتهم الأستاذ الفاضل بدر حميد العلي السامرائي وهو شخصية تربوية متميزة يتسم بالهدوء والكلام الطيب والابتسامة الجميلة والعبارات الرقيقة ويتصف بالأخلاق الفاضلة، وله نتاجات علمية أدبية، ودواوين شعرية، وروايات رائعة.
ترجع معرفتي به إلى تسعينيات القرن الماضي في "مدرسة علي الهادي الدينية" حيث كنت في الصفّ الأول، وكان يصطحب في سيارته بعض الطلبة القاطنين في حيّ المعلمين ممن يدرسون معي في الصفّ نفسه وهم الآن جميعًا أساتذة فضلاء (ولده الأستاذ عمر، والدكتور لؤي جاسم، والدكتور علي قادر، والدكتور عباس خالد، والأستاذ عمر وصفي).
وعرضَ عليّ اصطحابي معهم فاعتذرتُ ابتداءً لسببين:
أحدهما: كوني لا أستطيع الصعود مع أحد إلا بعد استئذان الوالد.
وثانيهما: كون بيتي أقرب من بيوتهم حيث نسكن في حي المعتصم قرب خزّان الماء.
ثمّ وافقتُ بعد ذلك، وكان من دأبه أن يعرض علينا سؤالًا في كلّ مرة يختبر فيه إمكانياتنا العلمية، ويثير فينا روح المنافسة، ويشجعنا على البحث عن المعلومات، وذات يوم سألنا عن إعراب جملة، فسكت الجميع، فانبريت لإعرابها، فأعجبه ذلك، وإذا به في اليوم الثاني يقدّم لي هدية من كتابين ثمينين، الأول: شرح البردة للشيخ خالد الأزهري، والثاني: مصعب بن عمير أول سفير في الإسلام لحامد حسين الفلاحي، وقد ذيّل على كلّ كتاب إهداءه وتوقيعه، وما زال شرح البردة من مقتنيات مكتبتي
وقد أسعدني اليوم الجمعة 30 جمادى الآخرة 1445هـ حضوره لاستماع خطبتي في جامع الإمام أحمد بن حنبل في مدينة سامراء، فعادت بي الذاكرة لأول معرفتي بالأستاذ بدر والبردة.
مصعب سلمان أحمد.
***
التعامل مع الفراغات الموجودة في النصوص المخطوطة:
ماذا نصنع عند وجود بياض في بداية بعض العنوانات الموجودة في المخطوط كفراغ متروك على أمل أن يعود إليه الناسخ على أغلب ما نظن..هل يترك فراغ ويشار له في الهامش؟ أم يُختار عنوان مناسب للموضوع ويوضع بين معقوفين؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
من تقاليد بعض النساخ لا سيما في قرون متأخرة ترك فراغات في مواطن من المخطوط لعدة أسباب، فمنها:
- الرغبة في كتابة موضع الفراغ بلون مغاير أو بتذهيب قد لا يتوفر حين النسخ.
- تمييز الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بلون أو خط أو نمط مغاير.
- إرادة كتابة موضع الفراغ بنوع خط أو نمط محدد بقلم مختلف مثلًا.
- تكرر الكلمة كثيرًا وخاصة في الشروح التي هي بالقول فتتكرر كلمة: "قوله"، أو تتكرر الرموز: "ص" لقول المصنف، و"ش" لقول الشارح، ولا نرى هذا في الشروح الممزوجة.
- وغيرها من الأسباب التي تجعل الناسخ يدع الفراغات في النص.
والطريقة المقترحة للتعامل مع هذه الفراغات تكون راجعة لأصول فن تحقيق النصوص وضبطها ويمكن الإشارة إلى بعض التنبيهات المهمة:
- إن كان للمخطوط نسخة أخرى ورد فيها ملء الفراغات فقد قضي الأمر، ويكتفي الباحث بالتنبيه على هذا في قسم الدراسة في وصف المخطوط وفي منهج التحقيق.
- إن كانت النسخة فريدة وكانت الفراغات متخذة نمطًا واحدًا كالأمثلة التي ذكرتها آنفًا ويتحقق الباحث أن موضع الفراغ هو مثلًا كلمة: (قوله) فيكتبها الباحث في مواضع الفراغات ولا يشوش على القارئ بوضعها ضمن معقوفتين ولا ذكرها في هامش كل موضع بل يكتفي بالتنبيه على ذلك في قسم الدراسة.
- إن كانت مواضع الفراغات آيات قرآنية يقوم الباحث بكتابتها مع التنبه للرواية التي كان المؤلف يقرأ بها ويستعملها.
- إن كانت مواضع الفراغات أحاديث شريفة ينقلها الباحث من مظانها ولكن بحذر شديد لاختلاف الروايات حتى في الكتاب الواحد.
- إن كانت النسخة فريدة وكانت الفراغات على غير نمط واحد كأن يكون الناسخ نقل من نسخة غير واضحة بسبب سوء خط الناسخ المنقول عنه، أو بسبب حالة المخطوط المادية السيئة لعدة عوامل: (آثار الأرضة، الرطوبة، تفسخ الحبر بسبب الأكسدة والتفاعل مع العوامل الطبيعية ... إلخ) فحينئذ فلا يمكن للباحث المخاطرة بالنصوص التنبؤية، لوجود مئات الاحتمالات في الكلمة الواحدة كما لا يخفى، إلا في حالة واحدة مضيقة وهي:
- ترميم النص من المصادر: وذلك من خلال إكمال النقص الموجود بهذه الفراغات من خلال موارد ومصادر المؤلف التي نص على النقل منها أو اكتشف المحقق أنه نقل منها، وعند التأمل فإن هذه مجازفة كبيرة فإن الكثير من المؤلفين كانوا ينقلون من الكتب بالمعنى ويتصرفون ويختصرون في النقل، وعليه فينبغي للباحث أن يكون غاية في الحذر إن نهض للقيام بهذه الخطوة، وهذا من إشكالات تحقيق النسخة الفريدة. والله تعالى أعلم.
كتبه: ضياء الدين جعرير.
***
نشوار لا نشوان:
جاء في "كوكب الروضة" للسيوطي (ص: 588): "نشوان المحاضرة". والصواب: نشوار. وهو كتاب معروف للتنوخي، حقق ما وجد منه المحامي عبود الشالجي، وجمع نصوصًا نقلت منه، واليوم يمكن الإضافة على ما جمع.
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع