مدونة محمد سلامة الغنيمي


الكثافة داخل القاعات الدراسية (المشكلة والحلول)

محمد سلامة الغنيمي | Mohamed Salama Al_Ghonaimi


07/11/2022 القراءات: 521  



لا شك أن أخطر وأهم التحديات التي تواجه جميع المؤسسات التعليمية: هي الزيادة المطردة في الكثافة داخل القاعات الدراسية، والتي تعد نواة لكثير من المشكلات الأخرى التي تؤثر على العملية التعليمية والتربوية، ومع ذلك فإن تقيل الكثافة يتطلب أمور معقدة منها الوقت والمال والخبرة، وتعجز عنها الكثير من الدول، في ظل موجات من الأزمات الاقتصادية العالمية، وذلك لا ينبغي أبدا أن ينال من عزيمة الناصحين المصلحين المحبين لأوطانهم والحريصين على نهضته، وهنا يأتي دور الخبراء في توفير البدائل وتقديم الاقتراحات القابلة للتنفيذ للحد من وطأة المشكلة والتغلب عليها.
ومن خلال خبرتي العملية والعلمية في مجال التربية والتعليم، أعتقد أننا إذا أحسنا التعامل مع المشكلة في إطار من التعاون والتكامل المصحبوب بالإخلاص بين جميع الأطراف المعنية، ستتحول المحنة إلى منحة، لا سيما وأن هناك دول لديها تجارب في هذا الأمر وقدمت نتائج جيدة، مثل سنغافورة التي تحتل المركز الثاني عالميا ضمن أفضل الأنظمة التعليمية، والتي تتسم فصولها الدراسية بزيادة الكثافة، فواجهتها وجعلت منها ميزة للتعليم السنغافوري ومثلا يحتذى به عالميا.
ومع ذلك أرى أن أهم آثار زيادة الكثافة يمكن أن حصرها في أمرين:
أولهما: السلوك.
ولا يخفى على أحد أن السلوك معدي بين الكبار والصغار وهو بين الصغار أوضح وأكثر؛ لأن الإنسان يميل بطبعه للتطبع بمن حوله، فإذا قام أحدهم بسلوك قلده باقى زملاءه، وهذا بلا شك يزعج المعلم ويؤثر على العملية التعليمية.
وقد يعذر الطالب في بعض الحالات، لاسيما في المحاضرات التي تعتمد على التلقين الذي يقتضي إيجابية المعلم (ملقن ومتحدث) ) وسلبية التلميذ (متلقي وصامت) ، والإنسان بفطرته لا يستطيع التركيز أكثر من ثلث ساعة طبقا لما أثبتته الأبحاث العلمية، فيعبر الطالب عن تململه داخل القاعة التعليمية في صورة حركة أو كلام.
وهنا يأتي دور الوسائط التربوية الأخرى مثل الأسرة ودور العبادة والإعلام.. في توعية الطلاب وتشجيعهم على ضبط السلوك داخل القاعات، كما يقع على عاتق الأخصائيين عقد الندوات والفعاليات التي تستهدف السلوكيات غير المرغوب فيها.
وعلى الجانب الآخر يأتي الدور الأهم على المعلم، وذلك في تطبيق استراتيجيات تدريسية تتمركز حول الطالب وتعمل على ضمان مشاركته الإيجابية في العملية التعليمية وتتيح له الفرصة في الكلام والحركة، وهذه هي الطرق الحديثة في التعليم والتي قامت على أنقاض طريقة التلقين التقليدية، ولابد على الإدارات من تشجيع المعلمين على استخدام استراتيجات أخرى مثل: التعلم التعاوني وتمثيل الأدوار والعصف الذهني وحل المشكلات والمناقشة... إلخ.
ثانيا: ضعف الاستيعاب.
ولعلنا هنا نتساءل أيهما أولى تقليص أعدد الطلاب في الفصول مع ضعف الإعداد للدرس وتجهيز أدواته وغياب وسائل الإيضاح التعليمية، أم زيادة أعداد الطلاب مع زيادة الرعاية والتجهيزات التعليمية؟
يحيل الكثير تدني جودة التعليم إلى زيادة أعداد الطلاب، لكن التجارب أثبتت خلاف ذلك، فإن جودة الخدمة التعليمية مع مزيد من الرعاية والاهتمام تحد من سلبيات زيادة الأعداد وعلى النقيض من ذلك فإن الأعداد القليلة مع الخدمة التعليمية المتدنية تؤدي إلى مخرجات تعليمية رديئة الجودة.
والمدارس التي تعاني من ضعف في المخصصات المالية التي من خلالها يتم توفير التجهيزات والأدوات المساعدة في عملية التدريس يشكل تقليل أعداد الطلاب عبء فوق أعبائها، أما نظام زيادة الكثافة مع زيادة الخدمة فإن الاستيعاب يكون فيها أعلى، وهذا ما تعتمد عليه المدارس الخاصة.
العبرة ليست بزيادة نسبة الإنفاق لكن العبرة بترشيد وتوظيف الإنفاق، ففي كوريا الجنوبية نسبة الانفاق على التعليم مقارنة بالدول العربية أقل بكثير لكن مخرجات التعليم تتميز بجودة أعلى بكثير.
وهنا يتعين علينا جميعا التعاون والتكاتف في توفير الوسائل التعليمية وتزويد الفصول بالتجهيزات اللازمة للتدريس الجيد، وعقد المحاضرات وورش العمل التي تستهدف تبادل الخبرات بين المعلمين.
مع ضرورة إن يكون التعاون بين جميع الأطراف المعنية بالعملية التعليمية في إطار اللوائح والقوانيين التي تنظم هذه العلاقة وتضمن سلامتها وشفافيتها.
#الغنيمي
#رؤية_لإصلاح_التعليم
#رؤية_للنهوض_الحضاري


تربية، فصل، فكر


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


الكثافة داخل الفصل الدراسي تشكل عبء على العملية التعليمية حيث تواجد عدد محدد من الطلبة يتوافق مع شروط الجودة و زياظة عدد الفصول داخل المدرسة مهم جدا و لكن فى المناكق عدم تواجد الميزانية يخلق اشكالا كبير