مدونة محمد سلامة الغنيمي


لماذا أصبحنا بحاجة إلى النقد أكثر من أي وقت مضى؟!

د. محمد سلامة الغنيمي | Dr. Mohammed Salama Al-Ghonaimi


09/07/2024 القراءات: 11  


النقد معنى من معاني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الركن السادس من أركان الإسلام)، ومرادف للنصيحة.
النقد للنهوض والتقدم على المستوى الفردي والجماعي كالدواء للمريض؛ مرٌّ ، لكنّه مهمّ في التقويم والارتقاء. وهو ملح التقدم، وسر استدامة الحياة على الأرض؛ لأنه يدافع الفساد ويقوض الشر.
لا يرفضه إلا متكبر؛ تأخذه العزة بالاثم ويظن في نفسه الكمال، ولا يقبله إلا مخلص؛ يعتبره من النصيحة، ولا ينظر إلا نفسه إنما يركز على الهدف.
يقوم بالنقد المصلحون، ويسكت عنه الصالحون، ويرفضه الفاسدون، وفي غيابه يهلك الجميع إلا المصلحون إذا كثر الفساد.
ذلك في الإسلام، أما في الحضارة الحديثة، فإن النقد فيها مقدم، وتخصص له ميزانيات عالية باسم المراكز البحثية، فتصمم من أجله البرامج التعليمية، وتقام من أجله المؤسسات البحثية،ودائماً يطلبه الناجحون -أفرادا أو جماعات- ليقفوا على مواطن الخلل، فيقومونها، حتّى إنّ الدول المتقدمة والشركات الكبرى تموّل أبحاثاً لنقدها وذلك لتطوير من نفسها، فهم يؤمنون بأن من لم يتطور يتدهور، ومن لم يتجدد يتبدد، ومن لم يتقدم يتقادم.
المجتمعات المتخلفة هي التي يعلو فيها النفاق والرياء على النقد والإصلاح، أما الحريصون على تطوير أنفسهم والانتباه لأخطائهم فإنهم يطلبون النقد فضلا عن تقبله بصدر رحب.
وهاكم المؤسسات الكبري تمول من ينقدها؛ حتى يتسنى لها الوقوف على أوجه القصور ومعالجتها.
وقد قال النبي: "المؤمن مرآة أخيه" (صحيح)، وعمر كان يقول: رحم الله من اهدى إلي عيوبي. وقد حصر النبي الدين في النصيحة: "إنما الدين النصيحة".
الإسراف في مدح المسئولين ذلة للمادح وفتنة للممدوح، وكذلك التركيز على الإيجابيات وغض الطرف عن السلبيات غش للرأي العام وخداع للقائمين على المؤسسات.
كما يجب أن يكون النقد بناء ويعتمد على حقائق ثابتة ويؤدي إلى نتائج واضحة وأن يكون موجها للأفكار نفسها وليس لذوات أصحابها، وإلا صار من النوع الهدام الذي لا يتجاوز الغيبة والنميمة والفتنة.
أخيرا: إن حاجتنا للنقد بقدر حاجتنا للتطوير.
‏لن تنهض بلادنا مالم تضطلع الكتلة الحرجة من أفراد المجتمع بمسئولياتها، كل في حدود إمكانياته وقدراته، انطلاقا من قيمة الإحسان، واتساقا مع النقد الذاتي، ‏‎قال تعالى: "وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ".
على كل واحد منا أن يسأل نفسه: أنا مكلف وراع ومسئول؛ فماذا قدمت في إطار ما كلفت به، وفي حدود مسئولياتي؟!
أما أن نعلق قضايا الإصلاح كلها على الدولة، فهذا ظلم للدولة، فما الدولة إلا مجموع أفرادها.


تربية، فكر، نهضة، نقد


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع