مدونة وسام نعمت ابراهيم السعدي


نشاط المنظمات الدولية غير الحكومية في مجال تعليم حقوق الإنسان

د. وسام نعمت إبراهيم السعدي | DR.Wisam Nimat Ibrahim ALSaadi


14/08/2023 القراءات: 757  


نشاط المنظمات الدولية غير الحكومية في مجال تعليم حقوق الإنسان
منذ أن دخلت المنظمات الدولية غير الحكومية ميدان العمل القانوني المتصل بحقوق الإنسان، وجهت جانباً كبيراً من جهودها في نشر ثقافة حقوق الإنسان وتعليم تلك الحقوق ومحاولة اعتمادها في المناهج التربوية والتعليمية، وكان الجهد الذي بذلته تلك المنظمات كبيراً ومميزاً حازت فيه على تشجيع واحترام سائر الأطراف الدولية المعنية وقدمت برامج متكاملة في هذا الميدان تخدم حركة حقوق الإنسان العلمية والعالمية، ويمكن أن نحدد ابرز المجالات التي نشطت فيها تلك المنظمات في هذا المجال بما يأتي :
1. إقامة الدورات التعليمية والندوات العلمية والمؤتمرات الدولية التخصصية والحلقات النقاشية وغيرها من الفعاليات التي قامت تلك المنظمات بإعدادها وتنظيمها والتخطيط لها وإقامتها ولخروج بالعديد من النتائج الإيجابية التي ساهمت في تدعيم الجهود الرامية إلى النهوض بواقع حقوق الإنسان وتعليمها للجميع .
2. إعداد المدربين والنشطاء والمتخصصين في ميادين الثقافة العامة المتصلة بحقوق الإنسان وزجهم في الميادين العملية والاستفادة من خبراتهم ومهاراتهم والاعتماد عليهم في توضيح المفاهيم والمصطلحات الحقوقية التي تخص حقوق الإنسان وغيرها من أوجه العمل التي تدعم الجهود الرامية للنهوض بواقع حقوق الإنسان.
3. إصدار الكراسات التدريبية والمطبوعات والملصقات وسائر النشرات التي تدعم العملية التعليمية الرامية إلى التأسيس لوعي حقوقي عالمي بحقوق الإنسان، وتتنوع المطبوعات التي تصدر عن تلك المنظمات وأصبح لدى معظم تلك المنظمات لجان ثقافية وإعلامية متخصصة بمتابعة آليات تعليم حقوق الإنسان وتصدر بعضها كتب ومنشورات تسهم بها بشكل مباشر في اغناء المكتبات بمصادر علمية رصينة يمكن الاستفادة منها في شتى الميادين.
4. العمل على إدخال مفردات حقوق الإنسان ضمن المناهج التعليمية للمراحل الدراسية المختلفة، وقد بذلت تلك المنظمات في هذا الميدان جهداً واضحاً في إقناع الدول بأهمية إدماج مفردات حقوق الإنسان ضمن المناهج التعليمية ونجحت في كسب ثقة معظم الأطراف الدولية لمناصرة مطالبيها المشروعة في هذا المجال، وبعد فترة طويلة من العمل الشاق والدءوب نجحت تلك المنظمات في حمل الحكومات على تنفيذ مطالبها وأصبحت مفردات حقوق الإنسان تدرس ضمن المراحل التعليمية المختلفة وأصبحت تلك المنظمات تسهم في تأهيل عمل المؤسسات التعليمية والتربوية لتمكينها من إنجاز مشروع إدماج مادة حقوق الإنسان ضمن المناهج التعليمية عبر إعداد الدورات للأساتذة المختصين وتقديم المفردات العلمية التي تتناسب مع المراحل الدراسية ومتابعة تنفيذ تلك المشاريع بطرق مختلفة .
5. وتمكنت تلك المنظمات من حشد الجهود الدولية للمؤسسات الدولية المتخصصة وتسخير تلك الجهود في تنفيذ مشاريعها التعليمية وخاصة من خلال العمل المشترك مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ونجحت في لفت الأنظار والتركيز على أهمية نشر ثقافة حقوق الإنسان وتربية الأجيال عليها ومن هذا المنطلق تمكنت تلك المنظمات من أن تحصل على دعم وتمويل العديد من الجهات المانحة والممولة لدعم هذا النوع من المشاريع .
6. لقد أقامت المنظمات الدولية غير الحكومية شراكاتها في العمل مع المنظمات المحلية والوطنية وتمكنت ومن خلال معرفتها بالاحتياجات الأساسية لتنفيذ المشاريع التثقيفية والتعليمية بحقوق الإنسان بتقديم أوجه مختلفة من الدعم المادي والفني وتمكنت من تحفيز العديد من المنظمات المحلية والوطنية على النشاط في هذا الميدان بعد أن تعهدت بتقديم بعض مظاهر الدعم التي تحتاجها المشاريع التي تقوم بها تلك المنظمات والتي حققت في كثير من البلدان نجاحاً حقيقياً وحظيت باهتمام وإشادة العديد من الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي .
وهكذا فقد تعاظم نفوذ المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان إلى درجة أنها عندما عقد مؤتمر فينا " المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان" في النمسا في حزيران 1993 قامت هذه المنظمات (وعلى غرار ما حصل في مؤتمرات سابقة ) بتنظيم حملة عالمية فعالة لضمان اشتراكها ، حيث سجل المؤتمر ظهور جيل جديد من المنظمات غير الحكومية في أسيا وأفريقيا وأمريكيا ألاتينية وهي عملية كانت تنموا منذ سنوات وتمثل عاملاً جديداً في النظام الدولي لحقوق الإنسان . ومن هذا المنطلق أصبحت منظمة الأمم المتحدة تعترف بان دور هذه المنظمات في مجال تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها أصبح لا يقل أهمية عن الدور الذي تضطلع به الحكومات والمنظمات الدولية المختلفة والتي تعمل في نفس المجال.
لقد تمكنت هذه المنظمات من التصدي للمشكلات المختلفة التي تثار في إطار البحث في مجال حقوق الإنسان، وتنوعت الجهود التي بذلتها ،وتنوعت صور نشاطها في هذا المجال، وأصبحت هذه المنظمات تمارس هذا الدور على نطاق عالمي يمتد ليشمل جميع دول العالم، فهي تسجل كل التطورات التي تطرأ على الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، وتقدم التقارير وبشكل دوري عن حالة حقوق الإنسان في معظم دول العالم، وتزود المنظمات الدولية الحكومية بمعلومات مهمة عن أوضاع حقوق الإنسان في هذا البلد أو ذاك، وتشجع احترام الدول لهذه الحقوق من خلال حث الحكومات على الالتزام بالمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وتمارس ضغطها على الحكومات والمنظمات الدولية الحكومية من اجل حملها على الالتزام بالمبادئ والمثل التي تقرها هذه المواثيق. كما تشجع هذه المنظمات الدراسات والبحوث التي تتناول أفضل السبل التي من خلالها يجري صيانة هذه الحقوق.


حقوق الانسان - المنظمات الدولية غير الحكومية - نشر ثقافة حقوق الانسان


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع