مدونة د. طه أحمد الزيدي


فتوى بشأن (صلاحية شركات الاتصالات بالاستحواذ على أرقام الخطوط غير المفعلة)

د. طه أحمد الزيدي | Dr. TAHA AHMED AL ZAIDI


06/07/2023 القراءات: 539  


صلاحية شركات الاتصالات بالاستحواذ على أرقام الخطوط غير المفعلة
د. طه احمد الزيدي

س: ما حكم شراء خطوط الموبايل بشروط الشركة المعهودة بأنَّ لها صلاحية أخذ الخط أو توقيفه في حال عدم تعبئته بالرصيد؟.

ج: إن التوصيف لعقد خدمات الهاتف المحمول (النقال) التي تقدم عبر شريحة خاصة بالزبون من قبل شركة الاتصالات بأنه عقد خاص للاشتراك بشبكة الهواتف المحمولة والذي يبرم ما بين الراغبين في الحصول على خدمات الهاتف المحمول المحددة من الشركات التي تقدم خدمة الاشتراك مقابل الدفع المسبق من قبل المشترك وتكييفه الفقهي بأنه من عقود بيع المنافع أو عقد ايجار الخدمات التي تتضمنها هذه الشريحة من صلاحية تعبئة رصيد من خلالها ليتمتع بخدمات اتصال لدقائق محددة أو باقات اشتراك محددة مع شبكة الانترنت،
فالقيمة الحقيقية ليس في مادة الشريحة وانما فيما تقدمه من خدمات يحتاجها المستهلك، وللمشترك الحق في استعمال خدمات الاتصالات فقط وليس له أن يتصرف بهذه الخدمات الا بعد أخذ موافقة شركة الاتصالات، كما أن للشركة الحق في ايقاف تقديم الخدمات في حالات ولأسباب معينة، ولذلك يمكن أن نعدّ هذه العقود عقد ايجار خدمات أو بحسب تعبير بعضهم تقديم أو تزويد خدمات لقاء مقابل نقدي، لأن الشركة لا تقصد نقل كل حقوقها الواردة على الخدمات إلى المستخدم لها بشكل نهائي، وإنما تقصد تمكين المشترك من الانتفاع بها مقابل مادي عن هذا الانتفاع، عبر تقديم خدمات بصفة دورية أو مستمرة لمصلحة المشترك، وتبقى ملكيتها للشركة التي لها حق ايقافها في حالات معينة ونقلها الى مشترك آخر عند الغاء الاشتراك أو ايقافه، وكل ذلك مثبت عادة في صيغة العقد.

فهو عقد رضائي موثق يتطلب إبرامه مجرد التراضي بين أطرافه مع الحرص على توثيقه، وهو من عقود المعاوضة إذ يأخذ كلّ طرف مقابلا لما يعطيه، فالشركة أو منافذها تأخذ مقابلا نقديا من المشترك لقاء تقديمها هذه الخدمات له، والمشترك يستهلك هذه الخدمات لقاء المقابل النقدي الذي يدفعه للشركة، ويعدّ ملزما لأطرافه عند إبرامه.

وتتميز بأنها من العقود الزمنية مستمرة التنفيذ، فالعقد لا ينتهي بمجرد أول تنفيذ له، وإنما تلتزم شركة الاتصالات ومنافذها بتزويد خدمة الاتصالات للمشترك بصورة متتابعة طالما كان المشترك مستمرا بتنفيذ بنود العقد المبرم بينهما، ومنها التزامه بدفع المقابل النقدي واستمرار تفعيل الشريحة، ولأنّه عقد بيع منافع أو تأجير خدمات فهو مؤقت محدد بمدة زمنية معينة، مع أنه قد يكون قابلا للتجديد بحسب مقتضى العقد وإرادة الطرفين، ويترتب على مراعاة المدة الزمنية أن أثر فسخ العقد يقتصر على المستقبل فقط ولا يكون له أثر رجعي، ولذلك تتضمن صيغة العقد عادة عبارة إلغاء الاشتراك أو إنهائه للدلالة على انحلال الرابطة العقدية بين الطرفين.

كما يجوز للمتعاقدين وضع شروط بما لا يخالف الشرع ولا ينافي مقتضى العقد ، ولاسيما في عقود الاجارة، فما تضعه شركات الاتصالات من شروط مباحة في عقودها مع المشتركين، فهي شروط لازمة، ولا يصح التحايل عليها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِم)، رواه البخاري تعليقا، وأبو داود والترمذي، فاذا اشترطت مدة زمنية إن لم يفعّل المشترك الخط تقوم بمصادرته ومنحه الى آخرين، لضمان بقاء المشتري مفعلا لخط الشركة ، أو لتقليل تضخم عدد الخطوط بسبب غير المفعّل منها، فهو شرط صحيح ينبغي على المشترك مراعاته، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة:1) ، ولا يعد استيفائه من قبل الشركة تعديا على حق المشترك؛ لأنه هو من سبق الى الاخلال بمقتضى العقد والشرط المتفق عليه بعدم تفعيله.
وعليه فإن شراء هذه الخطوط بهذه الشروط جائز شرعا، وعلى الطرفين الالتزام بها.


العقود- التعاملات المالية- مستجدات المال- شركات الاتصالات- طه الزيدي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع