مدونة الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو
حرق المصحف: حرية تعبير أم تحقير؟!
الأستاذ الدكتور محمد محمود كالو | Prof. Dr. Mohamed KALOU
03/02/2023 القراءات: 600
حرق المصحف: حرية تعبير أم تحقير؟!
وفي يوم السبت الماضي، أمام السفارة التركية لدى ستوكهولم، قام زعيم حزب "هارد لاين" اليميني المتطرف (راسموس بالودان)، بحرق نسخة للقرآن الكريم، وذلك بموافقة من الجهات الرسمية، بل وبحماية العشرات من الشرطة السويدية قامت بتوفير الحماية للمجرم ومنعوا الاقتراب منه، كما حدثت حوادث مؤسفة مثلها في كل من الدانمارك وهولندا والحبل على الجرار، كل ذلك بحجة الديمقراطية، وحرية الرأي والتعبير، وهي ليست ديمقراطية ولا حرية تعبير، بل هي تحقير واستفزاز وقح، وحقد أسود، وعداء للأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها.
إنها جريمة لا تغتفر بحق الضمير الإنساني ولحقوق الانسان، وتتنافى مع ما ينادون به من أبسط قواعد التعايش السلمي بين أبناء البشرية، والغريب في الأمر أننا لم نسمع في البلاد الإسلامية إلا بعض ردود الأفعال الخجولة عن هذا العمل القبيح والمشين، وبعضهم اكتفى بعبارات التنديد والشجب والاستنكار..!
إن حرق المصحف والنيل من القرآن الكريم كأحد مقدسات المسلمين، جريمة نكراء وخطة ممنهجة وراسخة في عقيدة الغرب منذ مئات السنين، إلا أنها تعود بين الحين والآخر لتجدد وتؤجج مشاعر الكراهية والغضب تجاه القارة العجوز ومزاعم الحريات وحقوق التعبير واحترام الأديان.
عندما يكونُ أيُّ كيان جماعةً أَو دولةً أَو حتى أُمَّـة من القوة بمكان بحيث يعرف الخصم بأن العدوان عليها أَو استفزازها يعد مخاطرةً تترتب عليه خسائر كبيرة على المعتدي حتماً لا يستطيع أحد أن يعتدي أَو حتى يفكر في العدوان على هذه الأُمَّة القوية.
أما عندما تكون هذه الكيانات ضعيفة أَو متناحرة أو ممزقة كما نحن عليه اليوم؛ فستكون عرضة للاعتداء عليها وسيتجاوزون في عدوانهم إلى حَدّ الإساءة بمقدساتهم وكتابهم المقدس المرتبط به هُوِيَّتهم وانتماؤهم الديني (القرآن الكريم).
إن هذا الاعتداء مؤشر خطير يبين لنا ما وصل إليه حال الأُمَّة من ذل وهوان إلى الحد الذي هان عليهم الإساءة إلى الباري سبحانه، وإلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وإلى القرآن الكريم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
إن القرآن الكريم كلام الله تعالى، ومن يعاديه يعادي رب العالمين، وأولئك الذين يحرقون القرآن إنما يحرقون أنفسهم قبل أن يحرقوا أوراق المصحف الشريف.
أما القرآن فهو كلام الله تعالى، وصلة الإنسان بربه عز وجل، وسيبقى دستوراً للمسلمين خالداً إلى قيام الساعة، ومن يعاديه يعادي رب العالمين، وأولئك الذين يحرقون القرآن إنما يحرقون أنفسهم قبل أن يحرقوا أوراق المصحف الشريف، وإن أحرقوا أوراقه فلن يستطيعوا أن يحرقوا القلوب التي حوت القرآن وحفظته، لأن قرآن المسلمين في قلوبهم محفوظ بحفظ الله تعالى له، حيث لم يتطرق إليه التحريف ولا التبديل ولا التغيير عبر التاريخ، وهيهات أن يفلحوا في حرق المصاحف التي حوتها الصدور.
وفي الختام نذكر بقول الله تعالى :{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف:8].
حرق المصحف،: حرية تعبير ، تحقير، المتطرف، حرق القرآن، السفارة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع