مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


الحمد لله الذي خلق الزمان وفضل بعضه على بعض

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


25/06/2023 القراءات: 296  


الحمد لله الذي خلق الزمان وفضل بعضه على بعض فخص بعض الشهور والأيام والليالي بمزايا وفضائل يعظم فيها الأجر ، ويكثر الفضل رحمة منه بالعباد ليكون ذلك عونا لهم على الزيادة في العمل الصالح والرغبة في الطاعة ، وتجديد النشاط ليحظى المسلم بنصيب وافر من الثواب ، فيتأهب للموت قبل قدومه ويتزود ليوم المعاد
فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، لا تمر عليه مروراً عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، وهي أيام عشر مباركة شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ بل إن الله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرفاً وفضلاً، إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم
وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها. نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الاستفادة من هذه الأيام، وأن يعيننا على اغتنامها على الوجه الذي يرضيه

بأي شيء نستقبل عشر ذي الحجة؟
حري بالسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، ومنها عشر ذي الحجة بأمور:
1- التوبة الصادقة :
فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون( [النور:31].
ومما يتأكد في هذه العشر التوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب . والتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى وترك ما يكرهه الله ظاهرا وباطنا ندما على ما مضى ، وتركا في الحال ، وعزما على ألا يعود والاستقامة على الحق بفعل ما يحبه الله تعالى .
والواجب على المسلم إذا تلبس بمعصية أن يبادر إلى التوبة حالا بدون تمهل لأنه :
أولا : لا يدري في أي لحظة يموت .
ثانيا : لأن السيئات تجر أخواتها .
وللتوبة في الأزمنة الفاضلة شأن عظيم لأن الغالب إقبال النفوس على الطاعات ورغبتها في الخير فيحصل الاعتراف بالذنب والندم على ما مضى . وإلا فالتوبة واجبة في جميع الأزمان ، فإذا اجتمع للمسلم توبة نصوح مع أعمال فاضلة في أزمنة فاضلة فهذا عنوان الفلاح إن شاء الله . قال تعالى : ( فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين ) القصص : 67 .
فليحرص المسلم على مواسم الخير فإنها سريعة الانقضاء ، وليقدم لنفسه عملا صالحا يجد ثوابه أحوج ما يكون إليه : إن الثواب قليل ، والرحيل قريب ، والطريق مخوف ، والاغترار غالب ، والخطر عظيم ، والله تعالى بالمرصاد وإليه المرجع والمآب ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) .
الغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة ، فما منها عوض ولا تقدر بقيمة ، المبادرة المبادرة بالعمل ، والعجل العجل قبل هجوم الأجل ، وقبل أن يندم المفرط على ما فعل ، وقبل أن يسأل الرجعة فلا يجاب إلى ما سأل ، قبل أن يحول الموت بين المؤمل وبلوغ الأمل ، قبل أن يصير المرء محبوسا في حفرته بما قدم من عمل .
يا من ظلمة قلبه كالليل إذا يسري ، أما آن لقلبك أن يستنير أو يستلين ، تعرض لنفحات مولاك في هذا العشر فإن لله فيه نفحات يصيب بها من يشاء ، فمن أصابته سعد بها يوم الدين
2- العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام :
فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله، قال تعالى ): والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) العنكبوت
3- البعد عن المعاصي:
فكما أن الطاعات أسباب للقرب من الله تعالى، فالمعاصي أسباب للبعد عن الله والطرد من رحمته، وقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب ذنب يرتكبه فإن كنت تطمع في مغفرة الذنوب والعتق من النار فأحذر الوقوع في المعاصي في هذه الأيام وفي غيرها؟ ومن عرف ما يطلب هان عليه كل ما يبذل ومن عظم الآمر عظم الآوامر.
فاحرص أخي المسلم على اغتنام هذه الأيام، وأحسن استقبالها قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم.

* فضل عشر ذي الحجة
1- أن الله تعالى أقسم بها:
وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى ( وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) . والليالي العشر هي عشر ذي الحجة، وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح.
2- أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره:
قال تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) [الحج:28] وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وابن عباس.


الحمد لله الذي خلق الزمان وفضل بعضه على بعض


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع