مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
أسْباب الْحِلْمِ الْباعِثةِ على ضبْطِ النفْسِ (1)
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
04/12/2022 القراءات: 752
تعرض رجل أحْمق لأحدِ الْعقلاءِ الْحكماءِ وأسْمعه كلاما غلِيظا وأفْحش فِي الْقوْلِ فتحلم عنْه وتركه ينوع سبه ولمْ يجِبْه بِشيْء فقِيل لِماذا لا تجِبْه ؟
فقال : أرأيْت لوْ عضك حِمار أوْ رمحك أكنْت تعضه أوْ ترْمحه قال لا ، قال أرأيْت لوْ نبح عليْك كلْب أوْ عضك أكنْت تعضه أوْ تنْبح عليْهِ قال لا قال فإِن السفِيه إِما يكون كالْكلْبِ أوْ كالْحِمارِ لأنه ما يخْل مِنْ جهْل وأذى وشر وكثِيرا ما يجْتمِعانِ فِيهِ فالأبْعاد عنْه غنِيمة لِيحْصل على السلامةِ مِنْ شرهِ وأذاه .
شِعْرا :
كالثوْرِ عقْلا ومِثْل التيسِ معْرِفة فلا يفرق بيْن الْحق والْفندِ
الْجهْل شخْص ينادِي فوْق هامتِهِ لا تسْأل الربْع ما فِي الربْعِ مِنْ أحدِ
والثامِنْ : مِنْ أسْبابِ الْحلْمِ الْخوْف مِنْ الْعقوبةِ على الْجوابِ وهذا يكون مِنْ ضعْفِ النفْسِ وربما أوْجبه الرأْي السدِيد واقْتِضاه الْحزْم .
والتاسِع : مِنْ أسْبابِ الْحلْمِ الرعاية لِيد سلفتْ وحرْمة لزِمتْ وهذا يكون مِنْ الْوفاءِ وحسْنِ الْعهْدِ وقِيل فِي منْثورِ الْحِكمِ أكْرم الشيمِ أرْعاها لِلذممِ والْعاشِر مِنْ أسْبابِ الْحلْمِ الْكيْد والْمكْر وتوقعِ الْفرصِ الْخفِيةِ وهذا يكون مِنْ الدهاءِ .
يقول لك الْعقْل الذِي زين الْفتى إِذا أنْت لمْ تقْوى عدوك دارِهِ
ولاقِهِ بِالترْحِيبِ والْبِشْرِ والرضا وبارِكْ له ما دمْت تحْت اقْتِدارِهِ
وقبلْ يد الْجانِي الذِي لسْت قادِرا على قطْعِها وارْقب سقوط جِدارِهِ
وقدْ قِيل فِي منْثورِ الْحكمِ منْ ظهر غضبه قل كيْده وقال بعْض الأدباءِ غضب الْجاهِلِ فِي قوْلِهِ وغضب الْعاقِلِ فِي فِعْلِهِ وقال بعْض الْحكماءِ إِذا سكت عن الْجاهِل فقدْ أوْسعْته جوابا وأوْجعْته عِقابا وقال إِياس بن قتادة :
( تعاقِب أيْدِينا ويحْلم رأْينا ونشْتم بِالأفْعالِ لا بِالتكلمِ )
آخر :
تخالهمْ لِلْحِلْمِ صما عِن الْخنا وخرْسا عنْ الْفحْشاءِ عِنْد التفاخر
ومرْضى إِذا الأقْوا حياء وعِفة وعِنْد الْحِفاظ كالليوثِ الْكواسِرِ
قال بعْض الْحكماءِ ثلاثة لا يعْرفون إِلا فِي ثلاثِة مواطِن لا يعْرف الْجواد إِلا فِي الْعسْرةِ ولا يعْرف الشجاع إِلا فِي الْحرْبِ ولا يعْرف الْحلِيم إِلا فِي الْغضبِ قال الشاعِر :
منْ يدعِي الْحِلْم أغْضِبْه لِتعْرِفه لا يعْرف الْحِلْم إِلا ساعة الْغضِب )
ومنْ فقدْ الْغضب في الأشْياءِ الْمغْضِبةِ حتى اسْتوتْ حالتاه قبْل الإِغْضابِ وبعْده فقدْ عدِم مِنْ فضائِلِ النفْسِ الشجاعةِ والأنفة والْحمِية والْغِيرة والدفاع والأخْذ بِالثأْرِ لأنها خِصال مركبة مِنْ الْغضبِ فإِذا عدِمها هان بِها ولمْ يكنْ لِبقاءِ فضائِلِهِ فِي النفوسِ قِيمة ولا لِوفورِ حِلْمِهِ موْقِع .
وقال بعْضهمْ إِذا كان الْحلْم يؤدي إلى فساد بِأنْ كان الْمحْلوم عليْهِ
لئِيما يزْداد شره مع الْحِلْمِ فالْجهْل معه أحْسن لأنه يرْدعه عنْ الشر والتمادِي فِيهِ .
شِعْرا: لئِنْ كان حِلْم عوْن عدوه عليْهِ فإِن الْجهْل أعْنى وأرْوح
وفِي الْحِلْمِ ضعْف والْعقوبةِ قوة إِذا كنْت تخْشى كيْد منْ عنْه تصْفح
آخر: أبا حسن ما أقْبح الْجهْل بِالْفتى ولِلْحِلْم أحْيانا مِن الْجهْلِ أقْبح
وقال بعض الحكماء العفو يفسد من اللئيم بقدر إصلاحه من الكريم وقال أبو الطيب :
مِنْ الْحِلْمِ أنْ تسْتعْمِل الْجهْل دونه إِذا اتسعتْ فِي الْحِلْمِ طرْق الْمظالِمِ
فالحكيم يضع كل شيْء في المحل اللائق به فلا يعامل الكريم معاملة
اللئيم ولا بالعكس فإن هذا فيه ضرر عظِيم ويخل في منصب الشخص ويحط من قدره ويدل على ضعف عقله وأنه لا يحسن أن ينزل الناس منازلهم ويقول أبو الطيب في ذلِك : إِذا أنْت أكْرمْت الْكرِيم ملكْته وإِنْ أنْت أكْرمْت اللئِيم تمردا
فوضْع الندا فِي موْضِعِ السيْفِ بِالْعلا مضِر كوضْعِ السيْفِ فِي موْضِعِ الندا
آخر: الصمْت زِين والسكوت سلامة فإِذا انْطقْت فلا تكنْ مِهْذارا
ما إِنْ ندِمْت على سكوتِي مرة ولقدْ ندِمْت على الْكلامِ مِرارا
ولما ظفر النبِي وهو بحمراء الأسد بأبي عزة الشاعر الذِي من عليْهِ النبِي يوم بدر وتعهد للنبي أن لا يناصب المسلمين العداء ولا يحرض عليْهِ الأعداء فلم يف بقوله ولم يصدق بوعده بل نقض العهد وخان الميثاق وما أبرم من الاتفاق فأمر عليْهِ الصلاة والسلام بقتله فقال : يا محمد أقلني وامنن علي ودعني لبناتي وأعطيك عهدا إِلا أعود لمثل ما فعلت فقال عليْهِ السلام : (( واللهِ لا تسمح عارضيك بمكة وتقول خدعت محمدا مرتين لا يلدغ المؤْمِن من جحر مرتين أضرب عنقه يا زيد )) . فضرب عنقه . اللهم سلمنا من عذابك وآمنا من عقابك واغْفِرْ لنا ولِوالِديْنا ولِجمِيعِ المسلمين بِرحْمتِك . يا أرْحم الراحِمِين وصلى الله على محمد وعلى آلِهِ وصحْبِهِ أجْمعِين .
أسْباب الْحِلْمِ الْباعِثةِ على ضبْطِ النفْسِ (1)
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة