مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


علم الإعراب لصاحب الحديث

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


29/06/2023 القراءات: 312  


علم الإعراب لصاحب الحديث
) قال ابن الجوزي: ومن العلوم التي تلزم صاحب الحديث معرفته للإعراب لئلا يلحن وليورد الحديث على الصحة.
كان ابن عمر يضرب ولده على اللحن، انتهى كلامه، وكذا قال ابن عبد البر: كان ابن عمر يضرب ولده على اللحن قال: وكتب عمر إلى أبي موسى - رضي الله عنهما -: أما بعد فتفقهوا في السنة وتعلموا العربية، أما الأول فرواه أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن إدريس عن نافع عن ابن عمر، إسناد جيد، وروي الثاني عن عيسى بن يونس عن ثور عن يحيى بن سعد قال: كتب عمر، فذكره، وهو منقطع.
وروى ابن أبي شيبة عن عمر أنه قال: تعلموا العربية فإنها تثبت العقل وتزيد في المروءة، وإسناده ضعيف
قال ابن عبد البر وقال شعبة: مثل الذي يتعلم الحديث ولا يتعلم النحو مثل البرنس لا رأس له.
وقال عبد الملك اللحن في الكلام أقبح من آثار الجدري في الوجه. وقال ابن شبرمة إذا سرك أن تعظم في عين من كنت في عينه صغيرا، أو يصغر في عينك من كان فيها كبيرا، فتعلم العربية فإنها تجرئك على المنطق وتدنيك من السلطان قال الشاعر:
اللحن يصلح من لسان الألكن ... والمرء تعظمه إذا لم يلحن
ولحن الشريف محطة من قدره ... فتراه يسقط من لحان الأعين
وترى الدني إذا تكلم معربا ... حاز النهاية باللسان المعلن
وإذا طلبت من العلوم أجلها ... فأجلها منها مقيم الألسن
وذكر ابن عبد البر في مكان آخر أن قائل هذا لو كان مهتديا لقال: فأجلها منها مقيم الأدين وما قاله حق قال: وقالوا العربية تزيد في المروءة
وقالوا من أحب أن يجد في نفسه الكبر فليتعلم النحو، كذا قال وقال أبو جعفر النحاس: ويروى أن المأمون كان يتفقد ما يكتب به الكتاب، فيسقط من لحن، ويحط مقدار من أتى بما غيره أجود منه في العربية، فكان الكتاب يثابرون على النحو لما كان الرؤساء يتفقدون هذا منهم ويقربون العلماء، كما قال الفضل بن محمد: جاءني رسول الرشيد فنهضت ودخلت وسلمت عليه فأومأ بيده، ومحمد عن يمينه والمأمون عن يساره، والكسائي بين يديه يطارحهم معاني القرآن والشعر، فقال لي الرشيد: كم اسم {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} [البقرة: 137] ؟
فقلت: ثلاثة أسماء يا أمير المؤمنين، اسم الله عز وجل، والكاف الثانية اسم النبي - صلى الله عليه وسلم - والهاء مع الميم اسم الكفار، قال الرشيد: كذا قال الرجل، وأومأ بيده إلى الكسائي، ثم التفت إلى محمد فقال أفهمت؟ قال: نعم قال: فاردده علي إن كنت صادقا، فرده على ما لفظت به، فقال: أحسنت أمتع الله بك. ثم أقبل علي فقال من يقول:
نفلق هاما لم تنله أكفنا ... بأسيافنا هام الملوك القماقم
فقلت الفرزدق يا أمير المؤمنين قال: كيف يفلق هاما لم تنله كفه؟ قلت: على التقديم والتأخير، كأنه قال نفلق بأسيافنا من الملوك القماقم هاما لم تنله أكفنا على التعجب والاستفهام، فقال أصبت، ثم أقبل على الكسائي فحادثه ساعة ثم التفت إلي فقال: أعندك مسألة؟ قلت: نعم، لصاحب هذا البيت قال: هات، فقلت:
أخذنا بآفاق السماء عليكم ... لنا قمراها والنجوم الطوالع
قال الرشيد: أفادنا هذا الشيخ في هذه المسألة؟ قالا نعم، علمنا علي بن حمزة أن القمرين ههنا الشمس والقمر، قالوا سيرة العمرين يريدون
أبا بكر وعمر، كما قيل: ما اطرد الأسودان، يريدون الليل والنهار قلت: أزيد يا أمير المؤمنين في السؤال قال: زد قلت: فلم استحسنوا هذا قال: لما اجتمع شيئان من جنس واحد فكان أحدهما أشهر من الآخر غلب الأشهر؛ لأن القمر أشهر عند العرب لأنسه وكثرة بروزهم فيه ومشاهدتهم إياه دون الشمس في أكثر الأوقات، وتلك القصة في قولهم: العمران لطول خلافة عمر وكثرة الفتوح فيها، وكذلك الليل لأنهم فيه أفرغ، وسمرهم فيه أكثر.
قلت: أفيه يا أمير المؤمنين غير هذا؟ قال: ما أعلمه، ثم التفت إلى الكسائي فقال: أتعرف في هذا غير ما قلناه مما أفدتناه؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، وهو وفاء المعنى، فأمسك عني قليلا ثم قال: أتعرف فيه أنت أكثر من هذا قلت: نعم يا أمير المؤمنين بقيت الغاية التي افتخر بها قائل هذا الشعر قال قلت: الشمس أراد بها إبراهيم الخليل، والقمر ابن عمك محمد - صلى الله عليه وسلم - والنجوم أنت والخلفاء من آبائك ومن يكون من ولدك إلى يوم القيامة، قال: فتهلل وجهه وقال: حسن والله، والعلم كثير لا يحاط به، ولعل هذا الشيخ لم يسمع هذا فيفيدناه، وإن هذا العمري لأبلغ إلى غاية الفخر، ثم رفع رأسه إلى الفضل بن الربيع فقال تحمل إلى منزل الشيخ عشرة آلاف درهم فتقدم بها من ساعته.
قال أبو جعفر النحاس وغيره وممن امتنع من النحويين من ملازمة السلطان، إجلالا للعلم وغنى نفس الخليل بن أحمد وبكر بن محمد المازني.
وقال بعض العلماء: كان الخليل من الزهاد المنقطعين إلى العلم، ومن خيار عباد الله المتقشفين في العبادة، أرسل إليه سليمان بن حبيت المهلبي لما ولي، فنثر بين يدي رسوله كثيرا وامتنع أن يأتيه وكتب إليه:
أبلغ سليمان أني عنه في سعة ... وفي غنى غير أني لست ذا مال
شحا بنفسي إني لا أرى أحدا ... يموت هزلا ولا يبقى على حال والرزق عن قدر لا الضعف ينقصه ... ولا يزيدن فيه حول محتال
والرزق يغشى أناسا لا طباخ لهم ... كالسيل يغشى أصول الدندن البالي
كل امرئ بسبيل الموت مرتهن ... فاعمل لبالك إني شاغل بالي
والفقر في النفس لا في المال نعرفه ... ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال
وأما المازني، فأشخصه الواثق إلى سر من رأى لأن جارية غنت وراء ستاره
أظليم إن مصابكم رجلا ... أهدى السلام تحية ظلم
فقال لها الواثق: رجل، فقالت: لا أقول إلا كما علمت، فقال للفتح: كيف هو يا فتح؟ فقال: هو خبر إن كما قلت، فقالت الجارية: علمني أعلم الناس بالعربية المازني فأمر بإشخاصه فأشخص، قال أحمد بن يحيى: فلقيني يعقوب بن السكيت فسألني فأجبته بالنصب فقال: فأين خبر إن قلت ظلم، ثم أتى المازني، فأجابه بمقالة الجارية.


علم الإعراب لصاحب الحديث


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع