مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (50)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


13/09/2023 القراءات: 662  


لا تقل:
لا تقلْ في الأمر إنْ كان نزلْ ... لو ولو ما مسّني هذا الخللْ
ذاك للشيطان بابٌ وعملْ ... وبه يُخطئُ مَنْ كان غفَلْ
يهتفُ المؤمنُ في كلِّ زللْ: ... (قدَّر اللهُ وما شاء فعلْ)
عبدالحكيم الأنيس
5 / 6 / 1443 = 8 / 1 / 2022م.
***
أنا اليوم صرتُ بغداديًّا:
قال النديم في "الفهرست" المجلد الثاني، القسم الأول، ص (27):
"الجُوزجاني: وهو أبو سليمان الجوزجاني. أخذ عن محمد بن الحسن [الشيباني]، وكان ورعًا دينًا فقيهًا محدِّثًا، وينزلُ في درب أسد، ويُقرأ عليه كتب محمد.
قرأتُ بخط الحجازي: لما كان في فتنة الأمين رأى رجلًا قد عدا ورجلٌ يعدو خلفه شاهرًا سيفه فصاح: خذوه، فأُخذَ له الذي يعدو ولحقه الآخرُ فقتله.
فقال لهم أبو سليمان: أتعرفون الرجل؟
قالوا: لا نعرفُ واحدًا منهما.
قال: فتمسكون رجلًا حتى يُقتل! وحلفَ لا يساكنهم، وانتقل إلى طاقات العكي، فهناك سمع منه ابنُ البلخي الكتبَ، فلما سكنت الفتنةُ كان يألف المحلة، فصار إلى درب أسد، فاشترى فيه دارًا وقال: ‌أنا ‌اليوم ‌صرتُ ‌بغداديًّا؛ لأنَّ الرجل ما أقام في بلد فلم يتخذ فيه منزلًا فليس مِن أهله.
ثم قال: كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه كوفيًّا، وعبدالله بن عباس طائفيًّا لاتخاذهم بها المنازل.
ولم يزل أبو سليمان في هذه المحلة إلى أن مات في سنة (.....).
ولا مصنَّفَ له، وإنما روى كتبَ محمد بن الحسن".
وقد تُوفي بعد المئتين.
***
لا تذبح الشاة اليوم:
جاء في "الوافي بالوفيات" (19/ 295) في ترجمة ‌(علم السُّنة ‌البكري الواعظ المتوفى سنة 476):
"عتيق بن عبدالله ‌البكري، أبو بكر الواعظ، مِن ولد محمد ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
كان مليح الوعظ، فاضلًا، عارفًا بالكلام على مذهب الأشعري رضي الله عنه.
هاجرَ إلى نظام المُلك فنفقَ عليه لانبساطه، وأقبل عليه زائدًا، وأجرى له الجراية الوافرة.
وعَقد مجلس الوعظ [في بغداد] بـ "النظامية"، وبـ "جامع المنصور"، ولُقب مِن جهة الديوان بعلَم السُّنة، وأعطي دنانير وثيابًا.
وكان قد قَصد في بعض الأيام دار قاضي القضاة أبي عبدالله الدامغاني، فتعرض لأصحابه قومٌ من الحنابلة فكُبستْ دُور (بني الفراء) وأخذتْ كتبهم، ووُجد فيها كتاب "الصفات"، وكان يُقرأ بين يدي ‌البكري وهو جالسٌ ويُشنِّع به عليهم، ولما جلس على المنبر كان المماليك الأتراك وقوفًا حوله بالسلاح، فتكلم ‌البكري ومدح الإمام أحمد وقال: (وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا) فجاءتْ حصاة وأخرى وأخرى، فأحسَّ بذلك ‌النقيبُ وأمسك جماعةً من العوام وعوقبوا.
وقال نقيبُ النقباء -يوم جلس ‌البكري بجامع المنصور-: يا أهلَ باب البصرة أعيرونا الجامع نكفر فيه ساعة!! ومَن خرجَ فعلتُ به وصنعتُ.
وكان الخطيبُ يذكرُ في خُطبته "شاة أم معبد" في أكثر أوقاته فقال له ‌النقيبُ: عجِّل الخطبة ولا تذبح الشاةَ اليوم.
وتوفي ‌البكري سنة ست وسبعين وأربع مئة".
***
الخد والكف:
جاء في كتاب "بلوغ أقصى المرام في شرف العلم وما يتعلق به من الأحكام" للعلامة أبي عبدالله محمد بن مسعود الطرنباطي الفاسي (ت: 1214) (ص: 398):
"ومِن كلام سيدي عبدالرحمن الرفاعي: مَن لا خدَّ له يُداس لا كفَّ له يُباس.
وكان يقول لتلامذته: كونوا ذنبًا ولا تكونوا رأسًا فإن الضربة أول ما تقع على الرأس".
فمَن عبدالرحمن الرفاعي هذا؟
وقد بحثتُ ما تيسر لي فرأيتُ الآتي:
جاء في «مرآة الزمان في تواريخ الأعيان» (21/ 114):
«وقال الشيخ ‌عبد‌الرَّحمن ‌الرِّفاعي: قَدِمْتُ بغداد، وحضرتُ الشيخ عبدالقادر - سلام الله عليه - فرأيتُ من حاله وفراغ قلبه وخلوِّ سِرِّه ما أذهلني، فلما رجعتُ إلى أُم عبيدة أخبرت خالي الشيخ أحمد عنه بذلك، فقال: يا ولدي، ومَن يُطيق مثل قوة الشيخ عبدالقادر وما هو عليه، وما وصل إليه؟».
والمشهور أنَّ كلمة "كونوا ذنبًا..." مذكورة عن السيد أحمد الرفاعي. ولتحرر هذه النسبة.
وفي «المجالسة وجواهر العلم» (3/ 334):
«حدثنا محمد بن أحمد الواسطي، نا محمد بن عمرو؛ قال: سمعت خلف بن تميم يقول: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول لبعض أصحابه: ‌كن ‌ذنبًا ولا تكن رأسًا؛ فإن الرأس يهلك، والذنب يسلم».
***
التواضع والخمول:
جاء في «المحاضرات والمحاورات» (ص: 309):
«قال الوزير أبو الفضل جعفر بن الفرات ابن حنزابة ولا يعلم له غيره:
مَن أخمل النفسَ أحياها وروّحها … ولم يبتْ طاويًا منها على ضجرِ
إنّ الرياح إذا اشتدتْ عواصفُها … فليس ترمي سوى العالي من الشجرِ».
***
فضل "الواضح في أصول الفقه" لأبي الوفاء ابن عقيل الحنبلي:
جاء في «تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول» (ص: 361):
«قال المجد في "المُسودة": "للَّه در "الواضح" لابن عقيل مِن كتاب، ما أغزر فوائده، وأكثر فرائده، وأربى مسائله، وأزيد فضائله، من نقل مذهب، وتحرير حقيقة مسألة، وتحقيق ذلك". انتهى».
***
فكرة بحث: "الفقه واللغة":
تتشابكُ العلوم وتتداخل، ويحتاجُ بعضها إلى بعض، ومِن ذلك تداخل علم الفقه واللغة.
والفقه كُتِبَ بلغةٍ فيها من الفصيح الأصيل، والمعرب الدخيل، والاصطلاح الجديد، والاستعمال الخاص ما احتاج إلى تفسيرٍ وتهذيبٍ وشرح، لإفادة الفقيه، ودارس الفقه، والقارئ في الفقه، وتكونتْ من ذلك ثروةٌ علميةٌ بُدئتْ في القرن الرابع، واستمرت إلى القرن العاشر، ومنها كتاب (المصباح المنير في غريب الشرح الكبير) للفيومي المتوفى سنة (770).
وحبذا أن يتناول بحثٌ الكشفَ عن منهجه، وهدفه، ومصادره، وقيمته، والحاجة إليه، ودوره في التداخل بين العلمين: الفقه واللغة.
***
مقترح بحث في الحديث النبوي:
مرويات الحوادث الجنائية في العهد النبوي.
***
صدق اللسان:
قال إياس بن معاوية: امتحنتُ خصال الرجال فوجدتُّ أشرفها: صِدق اللسان، ومن عُدِمَ فضيلة الصدق فقد فُجِعَ بأكرم أخلاقه. تهذيب الكمال (3/413).
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع