مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


( ألا ذلك هو الخسران المبين ﴾

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


18/12/2022 القراءات: 457  


مضي رجال من هذه الأمة كانوا يخشون ربهم خشية العارفين الموقنين لذلك كانت أقوالهم وأفعالهم موزونة بما للشرع من موازين كانوا يزنون كلامهم قبل أن يلفظوا به لأنهم يوقنون أن خالقهم سمعها وشهد عليها وهو تعالى خير شاهد .
كانوا إذا أظلم الليل يقفون في محاريبهم باكين متضرعين لهم أنين كأنين المرضي ولهم حنين كحنين الثكلى وكانوا ربما مروا بالآية من كتاب الله

فجعلوا يرددونها بقلب حزين فأثرت عليهم ومرضوا بعدها مات أولئك السلف الصالح الذين تتجافي جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا .
وماتت تلك الخشية وأعقبها قسوة أذهلت العباد عن طاعة الله فصاروا يأتون ويذرون ما يذرون دون سؤال عن سخط الله ورضاه .
وغدت جوارحهم مطلقة في كل ما يغضب الله وصارت أفعالهم فوضي ليس لها ضوابط ولا قيود العين تجول في المناظر المحرمة من نساء سافرات إلي سينماء إلي تلفزيون إلي الفيديو معلم الفساد إلي كورة إلي مجلات في طيها الشرور إلي صورة مجسدة وغير مجسدة إلي كتب هدامة للأخلاق إلي غير ذلك من المحرمات التي تجرح القلوب .
والفرج يسرح كما شاء إلي الفواحش الدين ضعيف والخلق فاسد والأذن لا تشبع من سماع ما يسخط ربها والبطن يستزيد من سحت الأقوات .
وأما اليد فحدث ولا حرج في تعدي الحدود وأما اللسان فليله ونهاره يتحرك ويتقلب في منكر القول وزوره ولا كأن ربه السميع البصير العليم موجود وتراه في أعراض الغوافل ويمزق جلودهم في السب والغيبة والبهت والكذب ولا يعف عن عرض أي بشر .
ويحلف بالله العلي العظيم كل يوم مرات ولا يهمه أبر في يمينه أم فجر وأما وعوده وعهوده وعقوده فتهمل ولا كأنه مكلف باحترامها فهذا وأمثاله قد انهمكوا في المعاصي وتوغلوا فيها وصارت عندهم عادات وشيء طبعي مألوف لهم .

ولذلك إذا مررت بهم أو مررت حول بيوتهم استوحشت من سماع الأغاني والرقص والمطربين والسب واللعن والقذف والاستهزاء بالدين وأخذت في العجب بين هؤلاء وأولئك الذين في أوقات التجليات في حنادس الظلم يناجون ربهم راغبين في رضوان العزيز الجبار خائفين من سخط المنتقم القهار متفكرين في سرعة حلول المنايا التي تسارع الأيام والليالي في اقترابها وموقنين بأنهم محاسبون علي الفتيل والنقير والقطمير عالمين بأنهم مكلفون بواجبات عبودية ما قاموا بالقليل منها وهم عنها مسؤلون وعلي ما قدموه من خير وشر قادمون .
وهل حال هؤلاء السعداء في جانب أولئك التعساء الأشقياء إلا كحال المصاب بالجنون في جانب أوفر الناس عقلا وأكملهم وقارا فأكثر يا أخي من قولك الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم الله يعافيهم ولا يبلانا قال تعالى ﴿ قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين ﴾
وكل كسر فإن الله يجبره
( وما لكسر قناة الدين جبران
(
فتنبه أيها المؤمن واعلم أنك مسئول عن كل ما تعمل لا مهمل كالأنعام فانهج نهج الاستقامة وراقب ربك في مصادرك ومواردك لتقف عند الحدود قال بعض المرشدين إلي معالم الرشد ضاربا لذلك مثلا :
واعلم أن الإنسان في تقلبه في أطوار حياته كمثل غريب ألقت به المقادير إلي قوم استقبلوه بترحاب وتكريم وكان ذلك النازل فاقد القوى غير عالم بما عليه القوم من الشئون ولا يدري من أين أتي ولا إلى أين يذهب .

فقام القوم بواجبات خدمته وإكرامه حتى قويت حواسه وجوارحه ومداركه وأخذ يعمل القوم فجاء رجل من علائقهم قائلا : يا هذا إن هذه الدار التي توطنها مكرموك ما هي دار إقامة ولا هي مملوكة لأحد من الخلق ولكنهم أمثالك نزلاء من كانوا يعمرون هذه الدار قبلهم ثم رحلوا وتركوها وما كان رحيلهم إلي مكان بعيد ولكنه كان إلي سجن ضيق ومكان مظلم لو أرسلت ببصرك لرأيته وقد فقدوا تلك القوي وتناسوا ذلك النعيم .

ثم أخذ بيده إلي مكان قفر وأعني به المقبرة وقال له : هذا مراح القوم ومسقط رؤوسهم وإن الطريق التي توصلك إلي هؤلاء القوم هي الطريق التي سلكها مكرموك وإنها لطريق ذات عقبات مهلكة ولها أوحال من تورطها هلك ولا مخلص من تلك الأحوال إلا بتجنب تلك العقبات أو تجاوزها عدوا .
فإن رمت السلامة فسر فريدا متحفظا من تخاصم القوم وتنازعهم ومن ملاهييهم وألعابهم ولا تصغ لمن يناديك من خلفك فإن الذي يناديك من خلفك في طريق النجاة هو أجهل منك بها ولا تخالف من ناداك من الأمام فإنهم أدري منك بمفاوز الطريق .
وإياك أن تشتبه عليك الطرق وأصوات المنادين فإن طريق السلامة لها أعلام ومصابيح نيرة علي رأس كل مرحلة من مراحلها وأما باقي الطرق فإنها مظلمة موحشة مهلكة وما هي إلا طريق واحدة ولكنها ذات شعب ومسارب كثيرة . نكمل إن شاء الله


سماع الأغاني والرقص والمطربين والسب واللعن والقذف والاستهزاء بالدين


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع