مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻 غزوة أحد (2)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


05/03/2023 القراءات: 540  


أما بقية الجيش فجعل على الميمنة المنذر بن عمرو، وجعل على الميسرة الزبير بن العوام، يسانده المقداد بن الأسود رضي الله عنهم جميعا ، ووكل إلى الزبير مهمة الصمود في وجه فرسان خالد بن الوليد، وجعل في مقدمة الصفوف نخبة من شجعان المسلمين ورجالاتهم المشهورين بالنجدة والبسالة

وليس رسول الله صلى الله عليه وسلم درعًا فوق درع ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير رضي الله عنه ، وحرض عليه الصلاة والسلام أصحابه على القتال، وحضهم على المصابرة والجلاد عند اللقاء، وأخذ يبث روح الحماسة والبسالة في أصحابه ، وأخذ سيفاً ونادي أصحابه‏:‏ ‌‏(‏من يأخذ مني هذا؟‌‏)‏ فبسطوا أيديهم ،كل إنسان منهم يقول : أنا، أنا
فقال عليه الصلاة والسلام :( من يأخذه بحقه ؟) فقام إليه أبو دُجَانة سِمَاك بن خَرَشَة رضي الله عنه فقال‏:‏ وما حقه يا رسول الله ‏؟‏ قال‏:‏ ‌‏(‏أن تضرب به وجوه العدو حتى ينحني‏)‌‏.‏ قال‏:‏ أنا آخذه بحقه يا رسول الله، فأعطاه إياه‏، فأخذه ففلق به هام (رؤس )المشركين‏

وكان أبو دجانة رضي الله عنه رجلاً شجاعاً يختال عند الحرب، وكانت له عصابة حمراء إذا اعتصب بها علم الناس أنه سيقاتل حتى الموت‏.‏ فلما أخذ السيف عصب رأسه بتلك العصابة، وجعل يتبختر بين الصفين، وحينئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‌‏(‏إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن‏)‌‏.‏

وتقارب الجمعان وتدانت الفئتان، وحانت مرحلة القتال، وكان أول وقود المعركة حامل لواء المشركين طلحة بن أبي طلحة ، وكان من أشجع فرسان قريش، يسميه المسلمون كبش الكتيبة‏.‏ خرج وهو راكب على جمل يدعو إلى المبارزة، فأحجم عنه الناس لفرط شجاعته، ولكن تقدم إليه الزبير رضي الله عنه (وفي بعض الروايات أن من تقدم إليه هو على رضي الله عنه ) ولم يمهله ، بل وثب إليه وثبة الليث (الأسد )حتى صار معه على جمله، ثم اقتحم به الأرض(أوقعه على الأرض) فألقاه عنه وذبحه بسيفه‏.‏

وكان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد " أمت . أمت"، واقتتل الناس حتى حميت الحرب، وقامت هند بنت عتبة في نسوة من قريش وأخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال يحرضنهم على قتال المسلمين ،اندلعت نيران المعركة، واشتد القتال بين الفريقين في كل نقطة من نقاط الميدان ،وتراجع المشركون إلى معسكرهم فقد أبدى المسلمون بطولة فائقة ، وكان ثقل المعركة يدور حول لواء المشركين، فقد تعاقب بنو عبد الدار لحمل اللواء بعد قتل قائدهم طلحة بن أبي طلحة، فحمله أخوه أبو شيبة عثمان بن أبي طلحة، وتقدم للقتال ،فحمل عليه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه فقتله ،وكلما حمل اللواء أحد من بني عبد الدار قتله المسلمون

فقتل منهم ستة نفر من بيت واحد، بيت أبي طلحة عبد الله بن عثمان بن عبد الدار، قتلوا جميعاً حول لواء المشركين، وحمله أخرين من بني عبد الدار فقتلوا ، حتى قتل عشرة من بني عبد الدار ـ من حمله اللواء ـ أبيدوا عن آخرهم، ولم يبق منهم أحد يحمل اللواء‏.‏ فتقدم غلام لـهم حبشي فحمل اللواء، حتى قتل ، وبعد أن قتل هذا الغلام سقط اللواء على الأرض، ولم يبق أحد يحمله، فبقي ساقطاً‏.‏

وبينما كان ثقل المعركة يدور حول لواء المشركين كان القتال المرير يجري في سائر نقاط المعركة، وكانت روح الإيمان قد سادت صفوف المسلمين، فانطلقوا وهم يقولون‏:‏ ‏[‏أمت، أمت‏]‏ كان ذلك شعاراً لهم يوم أحد‏.‏

وأقبل أبو دُجَانة رضي الله عنه معلماً بعصابته الحمراء، آخذاً بسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، مصمماً على أداء حقه، فقاتل حتى أمعن في الناس، وجعل لا يلقي مشركاً إلا قتله، وأخذ يهد صفوف المشركين هدّا‏
قال الزبير بن العوام‏ رضي الله عنه :"‏ وجدت في نفسي (تضايقت) حين سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فمنعنيه، وأعطاه أبا دجانة رضي الله عنه، وقلت ـ أي في نفسي‏:‏" أنا ابن صفية عمته، ومن قريش، وقد قمت إليه، فسألته إياه قبله فآتاه إياه وتركني، والله لأنظرن ما يصنع ‏؟‏ فاتبعته، فأخرج عصابة له حمراء فعصب بها رأسه، فقالت الأنصار‏:‏ أخرج أبو دجانة عصابة الموت، فخرج ، فجعل لا يلقى أحداً إلا قتله، وكان في المشركين رجل لا يدع لنا جريحاً إلا ذَفَّفَ عليه (قتله )، فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه، فدعوت الله أن يجمع بينهما فالتقيا، فاختلفا ضربتين، فضرب المشرك أبا دجانة فاتقاه ،فضربه أبو دجانة رضي الله عنه فقتله "‏.‏

ثم أمعن أبو دجانة رضي الله عنه في هدِّ الصفوف، حتى خلص إلى قائدة نسوة قريش، وهو لا يدري بها‏.‏ قال أبو دجانة‏ رضي الله عنه :‏ "رأيت إنساناً يخْمِش الناس خمشاً شديداً(يحمسهم) فصمدت له، فلما حملت عليه السيف ولَوْلَ، فإذا امرأة، فأكرمت سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب به امرأة‏"
وكانت تلك المرأة هي هند بنت عتبة‏.‏ قال الزبير بن العوام‏ رضي الله عنه :‏ "رأيت أبا دجانة قد حمل السيف على مفرق رأس هند بنت عتبة، ثم عدل السيف عنها"‏

وقاتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه قتالاً شديدًا وقتل عددًا من الأبطال ، ولم يقف أمامه شئ ، فلما طلب سباع بن عبد العزى المبارزة تصدى له فقتله، وكان وحشي مولى جبير بن مطعم قد وعده مولاه أن يعتقه إن قتل حمزة رضي الله عنه - وكان حمزة قد قتل عمه طعيمة بن عدي ببدر - فكمن له وحشي تحت صخرة فلما دنا منه رماه بحربته فقتله غيلة(غدرا)
البخاري


سلسلة السيرة النبوية 🔻 غزوة أحد (2)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع