مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


«الندم توبة»

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


14/05/2023 القراءات: 240  


وأما الحديث الثاني فرواه الإمام أحمد حدثنا سفيان عن عبد الكريم أخبرني زياد بن أبي مريم عن عبد الله بن معقل بن مقرن قال: دخلت مع أبي على عبد الله بن مسعود قال: أنت سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الندم توبة» قال: نعم وقال مرة نعم سمعته يقول: «الندم توبة» ورواه ابن ماجه حدثنا هشام بن عمار حدثنا سفيان عن عبد الكريم الجزري فذكره بمعناه، كلهم ثقات وزياد وثقه أحمد بن عبد الله العجيلي ولم يرو عنه غير عبد الكريم بن مالك الجزري، والصحيح أنه غير زياد بن الجراح، ورواه ابن حبان في صحيحه: أنبأنا أبو عروبة حدثنا المسيب بن واضح حدثنا يوسف بن أسباط عن مالك بن مغول عن منصور بن خيثمة عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الندم توبة» .
أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي حدثنا محفوظ بن أبي ثوبة حدثنا عثمان بن صالح السهمي حدثنا ابن وهيب عن يحيى بن أيوب سمعت حميدا الطويل يقول: قلت لأنس بن مالك أقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «الندم توبة» قال: نعم محفوظ ضعفه أحمد ولعل حديثه حسن.
ولأحمد من حديث ابن عباس «كفارة الذنب الندامة» وله من حديث علي «إن الله يحب العبد المؤمن المفتن التواب» .
وعن عثمان بن واقد عن أبي نضرة عن مولى لأبي بكر عن أبي بكر الصديق مرفوعا «ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة» رواه أبو داود والترمذي وفي لفظ «ولو فعله في اليوم سبعين مرة» وقال حديث غريب وليس إسناده بالقوي كذا قال الترمذي وهو حديث حسن ومولى أبي بكر لم يسم والمتقدمون حالهم حسن.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يحكي
عن ربه عز وجل قال «إذا أذنب ذنبا عبدي فقال: اللهم اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك» . وفي رواية «قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء» لم يقل البخاري «اعمل ما شئت ولا فليعمل ما شاء» ومعناه ما دمت تذنب ثم تتوب غفرت لك وقال في نهاية المبتدئين قال أبو الحسين: التوبة ندم العبد على ما كان منه، والعزم على ترك مثله كلما ذكره، وتكرار فعل التوبة كلما خطرت معصيته بباله، ومن لم يفعل ذلك عاد مصرا ناقضا للتوبة.
وهذا معنى كلام ابن عقيل السابق لكن أبو الحسين يقول: يكون ناقضا للتوبة، وعند ابن عقيل يدل على عدم الندم فلم توجد عنده توبة شرعية. وبطلانها بالمعاودة أقرب من هذا الخبر ابن مسعود وقول الصحابة والأظهر مذهبا ودليلا أنها لا تبطل بذلك لما سبق.
وقال ابن عقيل في الفصول أن المظاهر إذا عزم على الوطء رجع عن تحريمها بعزمه قال: وهذا يدل على أن العزم على معاودة الذنب مع التصميم على التوبة نقض للتوبة. فجعله ناقضا للتوبة بالعزم لا بغيره وهذا أظهر من كلامه السابق وكلام أبي الحسين ثم إن أراد أنه يؤاخذ بالذنب السابق الذي تاب منه كما هو ظاهر كلامه فضعيف. وإن أراد انتقاض التوبة وقت العزم بالنسبة إلى المستقبل وأن يؤاخذ بالعزم بالنسبة إلى المستقبل فهذا ينبني على المؤاخذة بأعمال القلوب، ويأتي الكلام فيها في الفصل بعده أو الذي يليه.
ولهذا قال ابن عقيل بعد كلامه المذكور في المظاهر قال: فإن وطئ كان من طريق الأولى عائدا؛ لأن فعل الشيء آكد من العزم عليه، ولذلك اختلف الناس في العزم هل يؤاخذ به العازم ولم يختلفوا في أن الأفعال يؤاخذ بها، وهذا من ابن عقيل يدل على أن الإبطال عنده بالمعاودة كقول المعتزلة من طريق الأولى والله أعلم.
وكذا قال في نهاية المبتدئين
لا تصح توبة من نقض توبته ثم عزم على مثل ما تاب منه أو فعله، والأجود في العبارة نقضها بعزمه على ذلك، أو فعله.
وقال في الرعاية الكبرى: تصح توبة من نقض توبته على الأقيس.
ويعتبر للتوبة أن يخرج من حق الآدمي فيرد المغصوب أو بدله، وإن عجز عن ذلك نوى رده متى قدر عليه وقد سبق الكلام في ذلك، ويمكن من نفسه من قود عليه وكذا من حد القذف، والمراد إن قلنا لا يسقط بالتوبة كما هو المشهور ويؤدي حق الله عز وجل حسب إمكانه. ولا يشترط الإقرار بما يوجب الحد.
والأولى له ستر نفسه إن لم يشتهر عنه وكذا إن اشتهر عند الشيخ وعند القاضي الأولى الإقرار به ليقام عليه الحد. ولا يعتبر في صحة التوبة من الشرك إصلاح العمل وكذا غيره من المعاصي في حصول المغفرة وكذا في أحكام التوبة في قبول الشهادة وغير ذلك وعنه يعتبر سنة قال بعضهم: إلا أن يكون ذنبه الشهادة بالزنا ولم يكمل عدد الشهود فإنه يكفي مجرد التوبة وقيل: إن فسق بفعله وإلا فلا يعتبر ذلك وقيل: يعتبر مدى مدة يعلم منها حاله بذلك وعلى المذهب الأول يكون المراد بقوله في سورة النور: {إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا} [النور: 5] .
أي في التوبة، فيكون الإصلاح من التوبة، والعطف لاختلاف اللفظين ذكره في المغني. وذكر ابن الجوزي قول ابن عباس: أظهروا التوبة وإن غيره قال: لم يعودوا إلى قذف المحصنات.
وقال أيضا: الإصلاح من التوبة في آية البقرة.
{إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم} [البقرة: 160] ، وقوله في سورة النساء: {إلا الذين تابوا وأصلحوا} [النساء: 146]
وفي سورة الفرقان: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا} [الفرقان: 70] جمعا بينه وبين المغفرة بالاستغفار والندم وقوله «الإسلام يهدم ما كان قبله» وقد قال ابن حامد في كتاب الأصول: إنه يجيء على مقالة بعض أصحابنا من شرط صحتها وجود أعمال صالحة، ولظاهر الآية {إلا من تاب} [الفرقان: 70] وقوله: «من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما كان في الجاهلية، ومن أساء أخذ بالأول والآخر» كذا قال وهو غريب.
ومن صحت توبته فهل تغفر خطيئته فقط أم تغفر ويعطى بدلها حسنة ظاهر الأدلة من الكتاب والسنة الأول وهو حصول المغفرة خاصة وهذا ظاهر كلام أصحابنا وغيرهم.


«الندم توبة»


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع