رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (43)
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
10/03/2023 القراءات: 507
المنتقى من تفسير عبدالرزاق:
ذكر حاجي خليفة أن السيوطي اختصر تفسير عبدالرزاق الرسعني.
وأرى أن الأمر اشتبه عليه، فالسيوطي اختصر (انتقى) تفسير عبدالرزاق الصنعاني، وهو الذي ذُكر في ثبت مؤلفاته. والله أعلم.
***
ترويحة:
أنشدني صاحبي الشيخ وليد فائق الحسيني السامرائي متروحًا مروحًا:
سـرَحَ الفـؤادُ وكان أجهدَ أوْهنا ... في ليل شوقٍ، كان أدلجَ أسكنا
لاحت لهُ خُضرُ الرُّبى وسهولُها ... للهِ ما أحـلى هـذاكَ وأحـسَنا
فعن اليمينِ من الزهورِ خمائلٌ ... تحكي جمـالًا باهـرًا وملـونا
وعن الشمالِ أرى ظِباءً كوّنت ... حينَ التلاقي منظرًا يَجلو العَنا
والشمسُ في الأفُقِ الجميلِ كأنها ... ذهبٌ سبيكٌ، في خيوطٍ قد دنا
فبقـيتُ أنظـر تـارةً لخيوطِـها ... فمُشمئِلًا مـن حَيـرتي فمُيمِّـنا
وإذا فتـاةٌ بيـنَ ذلـك قـد أتت ... تمشي الهُوَينا، عَينُها تَشفي الضَنى
فشُغِلت فيها عن سِواها بل وعَن ... نَفسِي، وإنَ القلبَ فيها أفتِنا
حتى اختفتْ عن ناظريَّ، وبعدَها ... راجعتُ نفسي فانتبهتُ إذا أنا
فسألتُ نفسي يا تُرى هل أقبلتْ ... مِنْ هاهُنا أم هاهُنا أم هاهُنا؟!
***
حول مصدر للسيوطي في "تزيين الممالك بمناقب الإمام مالك":
هذه مراسلةٌ جرتْ بيني وبين الأخ الكريم الباحث المتتبع وائل كمال محمد (من مصر) وفقه الله تعالى وسددَ خطاه.
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شيخنا رفع الله قدركم: اطلعتُ على تحقيقكم لكتاب "تزيين الممالك بمناقب الإمام مالك"، وقد ذكرتم -حفظكم الله- في مصادر السيوطي النقل عن الزبير بن بكار، وقلتم: لعل النقل من "جمهرة نسب قريش" ولم أجده في المطبوع منه. والنقل عن الزبير بن بكار الواقع (ص: 29) من كتاب "فضائل مالك" للزبير بن بكار. وقد جمعتُ منه عدة نصوصٍ، وصلتْ إلى العشرين، ضمن مشروعي جمع تراث الزبير بن بكار".
قلتُ له:
بورك فيك، هذا محتملٌ، هل هناك دليلٌ غير الاحتمال؟
قال:
الغالب في التأليف في موضوع النقلُ من الكتب التي سُبق بها المؤلف في نفس الموضوع.
كثير من الكتب التي جمعتُها مصادرُها مَنْ سبقه في نفس الفن أو الموضوع.
كتب الوقف والابتداء تنقلُ نصًّا من كتب الوقف والابتداء السابقة عليها.
كتب معاني القرآن بالمعنى الاصطلاحي أيضًا.
كتب إعراب القرآن تنقلُ من كتب إعراب القرآن ومعاني القرآن بمعنى إعرابه.
كتب الرسم تنقلُ من مثلها السابقة، وكذلك كتب النقط.
وقد تتبعتُ كتبًا مفقودة وحصلتُ عدة نقولٍ بهذه الطريقة، وأحيانًا بعضها كاملًا.
كتب الفضائل الزمانية أو المكانية تنقل نصًّا من كتب الفضائل السابقة عليها، وقد حصلتُ جمع عدة كتب في فضائل رجب ما بين نقلٍ واحدٍ أو أكثر إلى ستة عشر نقلًا من تراث فضائل رجب المطبوعة.
وكذلك فضائل شعبان، وقرأتُها العام الماضي على الشيخ أسامة التيدي.
وأطبقُ هذه الطريقة منذ مدةٍ على كتب الحديث المسندة؛ للوصول إلى الأصول التي بنى عليها أصحابُ الصحاح والمسانيد والسنن مصنفاتهم.
فجمعتُ الموطأ برواية عبد الله بن يوسف التنيسي، ورواية سعيد بن عفير، ورواية يحيى بن قزعة، وغيرهم وبعضها يحتاج إلى تبيض.
واستخرجتُ مِنْ كتاب الشمائل الأصول التي اعتمدها في جمع مادة الكتاب من خلال مقارنة النص بمصنفات الراوى في السند المطبوعة، كالجامع لمعمر، ومصنف عبد الرزاق، ومسند أبي داود، والأدب المفرد للبخاري، والتاريخ الكبير، والزهد لابن المبارك، والموطأ برواية الزهري، فوجدتُّ الرواية كما هي.
بل أفيدُ مما تقعُ عليه عيني أثناء قراءة فضيلتكم للرسائل المتنوعة في مجالسكم العامرة مِن نقل مؤلفيها عن مصدرٍ لا يوجد له نسخٌ خطيةٌ، وإنْ ذكر الحديث أو الأثر بغير سندٍ، فأقوم بالبحث عن لفظ الحديث من طريق المصنِّف في الكتب حتى أصل إليه، ومن هنا أنطلقُ مرة أخرى لجمع عدة أحاديث من هذا الكتاب المفقود.
وهناك إضافةٌ: وجدتُّ نفس النص الذي ذكره السيوطي عن الزبير بن بكار عن القاضي عياض في "المدارك"، ولكنه أقل مما ذكر السيوطي، فلو كان بعينه عند السيوطي لعرفنا أن السيوطي نقله من "المدارك"، ولكن لزيادة السيوطي عن نص "المدارك" يرجح لدي تعامل السيوطي مع المصدر الأصلي من مؤلف الزبير بن بكار.
وممّا يزيدُ ترجيحَ أنَّ هذا النص من كتاب "فضائل مالك" للزبير بن بكار على الرغم أن النص بكتاب جمهرة الأنساب أشبهُ أن هذه طريقة الزبير بن بكار في تأليفه، أنه يتطرق للنسب والكلام على صاحب القصة أو الأثر في مصنفاته ويخبر عنه على طريقه أهل الأخبار بقصص وحكايات ليس لها صلة بموضوع الكتاب بطريقه مباشرة، والله أعلم.
وكلام فضيلتكم يقدمُ على كلامي، وما أنا إلا ورقة صغيرة في تاريخ دمشق للحافظ ابن عساكر بالنسبة لعلم فضيلتكم".
قلتُ: كلام جيد، ويبقى تساؤل هو: أن السيوطي لم ينقل عن الزبير إلا في موضع واحد، فلو كان كتابه "فضائل مالك" تحت يده لنقل أشياء أخرى، وإذا ثبت أن هذا النقل من الكتاب المذكور -وهو احتمالٌ واردٌ- فلعله نقله بواسطة، وقد نقلَ عن الزبير في موضع آخر بواسطة "مسند الموطأ" للغافقي، وذكرَ له في ثبته "أنشاب الكثب في أنساب الكتب" (ص: 236) ثلاثة كتب وهي: الفكاهة والمزاح، والموفقيات، والأنساب، وهو يرويها إجازةً، ولم يذكر "فضائل مالك"، والله تعالى أعلم.
***
الكيّس وعمارة الآخرة:
أنشدني الأخ الكريم الزميل الخطاط الشاعر محمد رضا بلال الدمشقي:
مَنْ شاد للدنيا العمارةَ واهمًا ... أنَّ المُنى فيما يشيدُ ويفعلُ
سيُفارِقُ الدنيا حزينًا كاسفًا ... ويذوبُ مِنْ سوء المآل ويخجلُ
أو شاد للأخرى فيحيا آملًا ... رؤيا المَشيدِ وذا الصوابُ الأمثلُ
الكيِّسُ الثاني فكُنهُ لتغتني ... والواهمُ الواهمُ ذاكَ الأولُ
وقال: هذه الأجواء التي أحومُ فيها الآن خارج السرب، وأرجو أن يكون المآل طيبًا.
وأنشدني:
يا فارج الهمّ يا رحـــــمنُ يا أملي ... يا كاشـفَ الغمِّ فَرِّجْ هَمَّ مَنْ سـألوا
ليسَت معارضةً هلْ للبـسـيط ومَنْ ... جاءوا به أنْ يُجيبوا كلَّ مَنْ كَمُلوا
***
منوعات
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة