مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
" القدوة الصالحة "
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
30/04/2023 القراءات: 322
إن الدعوة إلى الله أمر جليل ودعامة عظيمة من دعائم ترسيخ المبادئ الحقة في المجتمع المسلم، ومن أهم طرق الدعوة إلي الله والتي يكون مردودها أوقع وأقوى في النفوس " القدوة الصالحة " والتي يرى فيها الناس واقعًا معاشًا للمبادئ التي يدعو إليها. . القول فيها صنو العمل.
ولأهمية هذا الأمر أردت أن أنبه إلى بعض إشارات تعين على أداء تلكم المهمة العظيمة والرسالة الشريفة.
والله أسأل أن ينفعني وإخواني بهذه الكلمات، وحسبي منهم دعوة صالحة أو نصيحة صادقة. جعلنا الله من الداعين إلى سبيله على بصيرة وهو من وراء القصد. . وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[مقصود القدوة ومعناها]
[أنواع القدوة]
مقصود القدوة ومعناها الأسوة والقدوة بمعنى واحد ويقصد بها السير والاتباع على طريق المقتدي به.
وهي نوعان: حسنة وسيئة.
فالحسنة الاقتداء بأهل الخير والفضل والصلاح في كل ما يتعلق بمعالي الأمور وفضائلها، من القوة والحق والعدل.
وقدوة المسلمين الأولى صاحب الخلق الأكمل والمنهج الأعظم رسولنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك يقول الله- عز وجل-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]
ومن دقيق المعنى في هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه جعل الأسوة في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولم يحصره في وصف خاص من أوصافه أو خلق من أخلاقه أو عمل من
أعماله الكريمة، وما ذلك إلا من أجل أن يشمل الاقتداء أقواله عليه الصلاة والسلام وأفعاله وسيرته كلها فيقتدي به، صلى الله عليه وسلم، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ويقتدي بأفعاله وسلوكه من الصبر والشجاعة والثبات والأدب وسائر أخلاقه، كما يشمل الاقتداء بأنواع درجات الاقتداء من الواجب والمستحب وغير ذلك مما هو محل الاقتداء.
والنوع الثاني: الأسوة السيئة: ويعني السير في المسالك المذمومة واتباع أهل السوء والاقتداء من غير حجة أو برهان ومن ذلك قول المشركين: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23] ولهذا رد عليهم القرآن بقوله: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ} [الزخرف: 24]
وفي آية أخرى: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} [المائدة: 104]
[أهمية القدوة الحسنة]
أهمية القدوة الحسنة إن من الوسائل المهمة جدًا في تبليغ الدعوة إلى الله وجذب الناس إلى الِإسلام وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، القدوة الطيبة للداعي وأفعاله الحميدة وصفاته العالية وأخلاقه الزاكية مما يجعله أسوة حسنة لغيره، يكون بها أنموذجًا يقرأ فيه الناس معاني الِإسلام فيقبلون عليها وينجذبون إليها، لأن التأثر بالأفعال والسلوك أبلغ وأكثر من التأثر بالكلام وحده.
إن الِإسلام انتشر في كثير من بلاد الدنيا بالقدوة الطيبة للمسلمين التي كانت تبهر أنظار غير المسلمين وتحملهم على اعتناق الِإسلام، فالقدوة الحسنة التي يحققها الداعي بسيرته الطيبة هي في الحقيقة دعوة عملية للِإسلام يستدل بها سليم الفطرة راجح العقل من غير المسلمين على أن الِإسلام حق من عند الله.
ومن السوابق القديمة في أهمية السيرة الحسنة للداعي وأثرها في تصديقه والإِيمان بما يدعو إليه «أن أعرابيًا جاء إلى
النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال له: من أنت؟ قال: أنا محمد بن عبد الله قال الأعرابي: أأنت الذي يقال عنك إنك كذاب؟ فقال: أنا الذي يزعمونني كذلك فقال الأعرابي: ليس هذا الوجه وجه كذاب، ما الذي تدعو إليه؟ فذكر له رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما يدعو إليه من أمور الِإسلام فقال له الأعرابي: آمنت بك وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله» .
فالأعرابي استدلَّ بسَمْت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ووجهه المنير الكريم الذي يكون عليه أهل الصدق والأخلاق الكريمة، استدلَ بذلك على صدقه فيما يدعو إليه، صلى الله عليه وسلم.
وتكمن أهمية القدوة الحسنة في الأمور الآتية: 1 - المثال الحي المرتقي في درجات الكمال، يثير في نفس البصير العاقل قدرًا كبيرًا من الاستحسان والِإعجاب والتقرير والمحبة. ومع هذه الأمور تتهيج دوافع الغيرة المحمودة والمنافسة الشريفة، فإن كان عنده ميل إلى الخير،
وتطلع إلى مراتب الكمال، وليس في نفسه عقبات تصده عن ذلك، أخذ يحاول تقليد ما استحسنه وأعجب به، بما تولد لديه من حوافز قوية تحفزه لأن يعمل مثله، حتى يحتل درجة الكمال التي رآها في المقتدى به.
2 - القدوة الحسنة المتحلية بالفضائل العالية تعطي الآخرين قناعة بأن بلوغ هذه الفضائل من الأمور الممكنة، التي هي في متناول القدرات الإِنسانية وشاهد الحال أقوى من شاهد المقال.
3 - مستويات فهم الكلام عند الناس تتفاوت، ولكن الجميع يتساوى أمام الرؤية بالعين المجردة لمثال حي. فإن ذلك أيسر في إيصال المعاني التي يريد الداعية إيصالها للمقتدى. أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عمر - رضيِ الله عنهما- قال: اتخذ النبي، صلى الله عليه وسلم، خاتمَا من ذهب، فاتخذ الناس خواتيم من ذهب، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: «إني اتخذت خاتمًا من ذهب فنبذه وقال: إني لن ألبسه أبدًا، فنبذ الناس خواتيمهم» .
قالت العلماء: " فدلَّ ذلك على أن الفعل أبلغ من القول ".
" القدوة الصالحة "
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع