مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


رَمضْان؛أرواحنا ظَمأى وفَوقَ أكفِّكَ الرَّيانُ(20)

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


31/03/2023 القراءات: 392  


الصائمون على طبقتين:
إحدهما: من ترك طعامهُ وشرابهُ وشهوته لله - عز وجل -، يرجو عنده عوض ذلك في الجنة، فهذا قد تاجر مع الله وعامله، والله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ولا يخيبُ معه من عامله، بل يربحُ عليه أعظم الربح.
وقال - صلى الله عليه وسلم - لرجل: «إنك لن تدع شيئًا اتقاء الله: إلا آتاك الله خيرًا منه» رواه أحمد. فهذا الصائمُ يُعطى في الجنة ما شاء من طعام وشراب ونساء، قال تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا
هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} قال مجاهدٌ وغيره: نزلت في الصائمين.
وقال يعقوبُ بن يوُسف: بلغنا أن الله تعالى يقول لأوليائه يوم القيامة: يا أوليائي، طالما نظرت إليكم في الدنيا، وقد قَلَصَتْ شفاهكم عن الأشربة، وغارت أعينكم، وخفقت بطونكم، كونوا اليوم في نعيمكم، وتعاطوا الكأس فيما بينكم، وكلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيام الخالية.
وقال الحسن: تقول الحوراء لولي الله، وهو متكئ معها على نهر العسل، تعاطيه الكأس: إن الله نظر إليك في يوم صائفٍ بعيد ما بين الطرفين، وأنت في ظمأ هاجرةٍ من جهد العطش، فباهى بك الملائكة، وقال: انظروا إلى عبدي، ترك زوجته وشهوته، وطعامه وشرابه من أجلي، رغبة فيما عندي، أشهدكم أني قد غفرت له، فغفر لك يومئذ، وزوَّجنيك.
وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن في الجنة بابًا يقال له الريانُ، يدخلُ منه الصائمون، لا يدخل منه غيرهم» وفي رواية: «إذا دخلوا أُغلق» وللطبراني عن سهل مرفوعًا: «لكل باب من أبواب البرّ بابٌ من أبوابِ الجنة، وإن باب الصيام يُدعى الريانُ» .
وله في حديث عبد الرحمن بن سمرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في منامه الطويل: «ورأيت رجلًا من أمتي يلهثُ عطشًا، كلما دنا من حوضٍ طُرد، فجاءه صيامُ رمضان فسقاه وأرواه» .
وروى ابن أبي الدنيا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بعث أبا موسى على سريةٍ في البحر، فهتف بهم هاتفٌ: يا أهل السفينة، قفوا أخبركم بقضاء الله على نفسه: أن من عطَّش نفسه في يومٍ حارٍّ كان حقًا على الله أن يُرويه يوم القيامة» ، وللبزّار: «في يومٍ صائفٍ، سقاهُ اللهُ يوم العَطشِ» .
وللبيهقيِّ عن عليّ مرفوعًا: «من منعه الصيامُ من الطعام والشراب، أطعمه اللهُ من ثمار الجنة، وسقاهُ من شرابها» . وذكر ابن أبي الدنيا عن أنس مرفوعًا: «الصائمون ينفحُ من أفواههم ريح المسك، وتوضع لهم مائدة تحت العرش، يأكلون منها والناسُ في الحساب» . وعن أنس موقوفًا: «إن لله مائدةً لم تر مثلها عينٌ، ولم تسمع أُذُنٌ ولا خطر على قلب بشر، لا يقعدُ عليها إلا الصائمون» .
وعن بعض السلف قال: بلغنا أنه يوضعُ لهم مائدةٌ يأكلون منها والناسُ في الحساب، فيقولون: يا ربَّنا نحن نحاسبُ وهؤلاء يأكلون؟ فيقال: إنهم طالما صامُوا وأفطرتُم، وقاموا ونُمتمْ. ورأى بعض العارفين في منامه، كأنه أدخل الجنة، فسمع
قائلاً يقول له: هل تذكر أنك صمت لله يومًا قط؟ فقال: نعم؛ قال: فأخذتني صواني النثار من الجنة. ومن ترك في الدنيا لله طعامًا وشرابًا مدة يسيرةً، عوضهُ اللهُ عنه
طعامًا وشرابًا لا ينفدُ، وأزواجًا لا تَمُتْنَ أبدًا.
---
( فصل )
في صلاة التراويح
ويبحث في :
1- مشروعية صلاة التراويح .
2- صفة أو كيفية التراويح .
3- مذاهب العلماء رحمهم الله في عدد ركعاتها .
4- ما يستحب فيها .
1- مشروعية صلاة التراويح .
التراويح سنة مؤكدة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم : فعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد فصلى بصلاته ناس ثم صلى الثانية فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال : « رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم » . وذلك في رمضان . متفق عليه .
وفي رواية : قالت : ( كان الناس يصلون في المسجد في رمضان بالليل أوزاعا مع الرجل الشيء من القرآن ، فيكون معه النفر الخمسة ، أو السبعة ، أو أقل من ذلك أو أكثر يصلون بصلاته ، قالت : فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنصب له حصيرا على باب حجرتي ، ففعلت ، فخرج إليه بعد أن صلى العشاء الآخرة فاجتمع إليه من في المسجد فصلى بهم . وذكرت القصة بمعنى ما تقدم ، غير أن فيها أنه لم يخرج إليهم في الليلة الثانية ) .
وعن جبير بن نفير عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال : صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصل بنا حتى بقي سبع من الشهر فقام بنا حتى ذهب شطر الليل ، فقلنا : يا رسول الله : لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه فقال : « من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة » . ثم لم يقم بنا حتى بقي ثلاث من الشهر فصلى بنا في الثالثة ودعا أهله ونساءه حتى تخوفنا الفلاح ، قلت له : وما الفلاح ؟ قال : السحور .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة ) ،
فيقول : « من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه » .
وعن عبد الرحمن بن عوف : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله عز وجل فرض صيام رمضان ، وسننت قيامه فمن صامه إيمانا واحتسابا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه » .
وعن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرة في حصير فصلى فيها ليال اجتمع عليه ناس ، ثم فقدوا صوته ليلة فظنوا أنه نام ، فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم فقال : « ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم ، ولو كتب عليكم ما قمتم به ، فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة » .
---


رَمضْان؛أرواحنا ظَمأى وفَوقَ أكفِّكَ الرَّيانُ(20)


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع