مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
[فصل في حبوط المعاصي بالتوبة والكفر بالإسلام]
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
19/05/2023 القراءات: 425
[فصل في حبوط المعاصي بالتوبة والكفر بالإسلام]
وتحبط المعاصي بالتوبة، والكفر بالإسلام، والطاعة بالردة المتصلة بالموت، لا تحبط طاعة بمعصية غير الردة المذكورة. وذكر ابن الجوزي وغيره أن المن والأذى يبطل الصدقة.
وقال ابن عقيل لا تحبط طاعة بمعصية إلا ما ورد في الأحاديث الصحيحة فيوقف الإحباط على الموضع الذي ورد فيه، ولا نقيس عليه.
وقال الشيخ تقي الدين: الكبيرة الواحدة لا تحبط جميع الحسنات ولكن قد تحبط ما يقابلها عند أكثر أهل السنة، واختاره أيضا في مكان آخر. قال كما دلت عليه النصوص، واحتج بإبطال الصدقة بالمن والأذى قال في نهاية المبتدئ: وقالت عائشة لأم ولد زيد بن أرقم أخبري زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يتوب. ثم ذكر {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} [الحجرات: 2] . الآية.
ولم يتكلم عليها ثم ذكر: {ولا تبطلوا أعمالكم} [محمد: 33] الآية وذكر أقوال المفسرين فيها منهم الحسن قال: بالمعاصي والكبائر قال وهو يدل على حبوط بعض الأعمال بها.
وذكر ابن الجوزي: {لا ترفعوا أصواتكم} [الحجرات: 2] الآية ولم يتكلم على ما يحبط بل قال: وقد قيل إن الإحباط بمعنى نقص المنزلة لا حبوط العمل من أصله كما يحبط بالكفر وذكر البغوي حبوط حسناتكم وليس مراده ظاهره.
وقال القرطبي ليس قوله:
{أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون} [الحجرات: 2] بموجب أن يكفر الإنسان وهو لا يعلم فكما لا يكون الكافر مؤمنا إلا باختياره الإيمان كذلك لا يكون المؤمن كافرا من حيث لا يقصد إلى الكفر ولا يختاره بإجماع، وقيل لا تحبط معصية بطاعة لا مع التساوي ولا مع التفاضل. قال: وفي سورة البقرة: {ولا يؤمن بالله واليوم الآخر} [البقرة: 264] .
وفي سورة النساء: {ولا باليوم الآخر} [النساء: 38] .
ولأنه في البقرة أخبر بحبوط عمله بعد الإيمان والإيمان المشروط في قبول العمل هو الإيمان بالله واليوم الآخر لا بأحدهما فلو قيل ولا باليوم الآخر لكان يتوهم أن أحدهما كاف في قبول العمل كما لو قيل هذا يصلي بلا وضوء ولا تيمم ويحكم بين الناس بلا كتاب ولا سنة:
{ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير} [الحج: 8] وأما في سورة النساء فإنه ذمهم على ترك الإيمان وهم مذمومون على ترك كل منهما على حدته ويرده قوله تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات} [هود: 114] وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «أتبع السيئة الحسنة تمحها» رواه الترمذي وحسنه.
وقال ابن هبيرة في حديث حذيفة «فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره يكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» متفق عليه قال لأن هذه حسنات أخبر الله أنهن يذهبن السيئات. قال: وإنما يعني الصيام المفروض والصلاة المفروضة فلا يحتاج الإنسان أن يعين لذلك مكفرا غير ذلك ولو أراد غير المفروض المعهود لقال صيام وصلاة.
قال الشيخ تقي الدين كفارة الشرك التوحيد والحسنات يذهبن السيئات. قال في نهاية المبتدئ، وقيل تحبط الصغائر بثواب المرء إذا اجتنبت الكبائر. كذا قال ولم يذكر ما يخالفه وهو الذي ذكره ابن عقيل في الانتصار، وقيل له في الفنون في قوله - عليه السلام -، «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير: أما أحدهما فكان لا يتنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة» كيف يعذبان بما ليس بكبيرة؟ والصغائر بترك الكبائر تنحبط أولا فأولا بقوله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} [النساء: 31]
فقال في الخبر " كان " وكان لدوام الفعل فلهذا بالدوام حكم الكبيرة على أن في الخبر تعذيبهما بالصغائر وفي الآية إخبار بتكفيرها وتكفيرها يجوز أن يكون بالآلام والبلايا ولعل المعذبين لم تكفر صغائرهما بمصائب ولا آلام. كذا قال. وتقدم قول أبي بكر فيه، وفي الغنية إذا تاب المؤمن عن الكبائر اندرجت الصغائر في ضمنها لقوله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} [النساء: 31]
لكن لا يطمع نفسه في ذلك بل يجتهد في التوبة عن جميع الذنوب صغيرها وكبيرها، فعلى كلام هؤلاء من أصحابنا - رحمهم الله - أن الصغائر تكفر باجتناب الكبائر وهو ظاهر ما ذكره جماعة من المفسرين منهم الجوزي لظاهر قوله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} [النساء: 31]
واختلف الصحابة والتابعون في الكبائر اختلافا كثيرا بضعة عشر قولا ليس في شيء منها أنه الشرك فقط. وحكاه بعض المفسرين قولا ولم يذكر قائله فالقول به خلاف إجماع الصحابة والتابعين في الآية مع أنه خلاف ظاهر على ما لا يخفى فظاهرها أن اجتنابها مكفر نصبه الشارع
سببا لذلك فليس المكفر حسنات ولا مصائب بل ذلك مكفر أيضا.
فمن ادعى أنه مراد الآية ومقتضاها أو تدل عليه فقد خالف ظاهر الآية بغير دليل كما خالف ظاهر الإجماع السابق، ولو كان الأمر كما قاله أو كما قاله من قال المراد الشرك لبينه الصحابة والتابعون ولما أغفله مثلهم وإنما أجروا الآية على ظاهرها، ولا يخفى أنه لا يتجه تضعيف القول الأول وتصحيح الثاني، وأن طريق التضعيف واحد.
[فصل في حبوط المعاصي بالتوبة والكفر بالإسلام]
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع