مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


[فصل ما ينبغي أن يتصف به الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر]

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


28/05/2023 القراءات: 373  


[فصل ما ينبغي أن يتصف به الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر]
وينبغي أن يكون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر متواضعا، رفيقا فيما يدعو إليه شفيقا رحيما غير فظ ولا غليظ القلب، ولا متعنتا، حرا ويتوجه أن العبد مثله وإن كان الحر أكمل، عدلا فقيها، عالما بالمأمورات والمنهيات شرعا، دينا نزها، عفيفا ذا رأي وصرامة وشدة في الدين، قاصدا بذلك وجه الله عز جل، وإقامة دينه، ونصرة شرعه، وامتثال أمره، وإحياء سننه، بلا رياء ولا منافقة ولا مداهنة غير متنافس ولا متفاخر، ولا ممن يخالف قوله فعله، ويسن له العمل بالنوافل والمندوبات والرفق، وطلاقة الوجه وحسن الخلق عند إنكاره، والتثبيت والمسامحة بالهفوة عند أول مرة.
قال حنبل إنه سمع أبا عبد الله يقول والناس يحتاجون إلى مداراة ورفق، الأمر بالمعروف بلا غلظة إلا رجل معلن بالفسق فقد وجب عليك نهيه وإعلامه لأنه يقال ليس لفاسق حرمة فهؤلاء لا حرمة لهم. وسأله مهنا هل يستقيم أن يكون ضربا باليد إذا أمر بالمعروف قال الرفق. ونقل يعقوب أنه سئل عن الأمر بالمعروف قال كان أصحاب عبد الله بن مسعود يقولون مهلا رحمكم الله. ونقل مهنا ينبغي أن يأمر بالرفق والخضوع قلت كيف قال إن أسمعوه ما يكره لا يغضب فيريد أن ينتصر لنفسه. وسأله أبو طالب إذا أمرته بمعروف فلم ينته قال دعه إن زدت عليه ذهب الأمر بالمعروف وصرت منتصرا لنفسك فتخرج إلى الإثم، فإذا أمرت بالمعروف فإن قبل منك وإلا فدعه.
وقال أبو بكر الخلال أخبرني الميموني حدثنا ابن حنبل
حدثنا معمر بن سليمان عن فرات بن سلمان عن ميمون بن مهران أن عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز قال له يا أبت ما يمنعك أن تمضي لما تريده من العدل فوالله ما كنت أبالي لو غلت بي وبك القدور في ذلك قال يا بني إني إنما أروض الناس رياضة الصعب، إني أريد أن أحيي الأمر من العدل فأؤخر ذلك حتى أخرج منه طمعا من طمع الدنيا فينفروا من هذه ويسكنوا لهذه.
وأخبرني محمد بن أبي هارون سمعت أبا العباس قال صلى بأبي عبد الله يوما جوين فكان إذا سجد جمع ثوبه بيده اليسرى وكنت بجنبه فلما صلينا قال لي وقد خفض من صوته قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يكف شعرا ولا ثوبا» فلما قمنا قال لي جوين أي شيء كان يقول لك قلت قال لي كذا وكذا وما أحسب المعنى إلا لك.
وروى الخلال قيل لإبراهيم بن أدهم الرجل يرى من الرجل الشيء ويبلغه عنه أيقول له؟ قال هذا تبكيت ولكن تعريض وقد روى أبو محمد الخلال عن أسامة بن زيد مرفوعا «لا ينبغي لأحد أن يأمر بالمعروف حتى يكون فيه ثلاث خصال عالما بما يأمر، عالما بما ينهى، رفيقا فيما يأمر، رفيقا فيما ينهى» .
وعن أسامة مرفوعا «يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحا فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان مالك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه» . رواه أحمد والبخاري ومسلم وزاد وسمعته يقول «مررت ليلة أسري بي بأقوام تقرض شفاههم بمقاريض من نار قلت من هؤلاء يا جبريل قال خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون» وهذه الزيادة لأحمد من حديث أنس وفيه قال «خطباء من أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون»
الاندلاق الخروج، والأقتاب الأمعاء. .
وعن أنس قال «قيل يا رسول الله متى يترك الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر قال إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم قبلكم قلنا وما ظهر في الأمم قبلنا قال الملك في صغاركم والفاحشة في كباركم والعلم في رذالتكم» قال زيد تفسيره إذا كان العلم في الفاسق رواه أحمد وابن ماجه.
قال ابن الجوزي من لم يقطع الطمع من الناس من شيئين لم يقدر على الإنكار (أحدهما) من لطف ينالونه به (والثاني) عن رضاهم عنه وثنائهم عليه قال الخلال أخبرني عمر بن صالح قال: قال لي أبو عبد الله يا أبا حفص يأتي على الناس زمان المؤمن بينهم مثل الجيفة، ويكون المنافق يشار إليه بالأصابع، فقلت وكيف يشار إلى المنافق بالأصابع؟ قال صيروا أمر الله عز وجل فضولا قال المؤمن إذا رأى أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر لم يصبر حتى يأمر وينهى. يعني قالوا هذا فضول، قال والمنافق كل شيء يراه قال بيده على أنفه فيقال نعم الرجل ليس بينه وبين الفضول عمل، وسمعت أحمد بن حنبل يقول إذا رأيتم اليوم شيئا مستويا فتعجبوا.
قال القاضي وغيره: ويجب أن يبدأ وقال بعضهم ويبدأ في إنكاره بالأسهل، ويعمل بظنه في ذلك، فإن لم يزل المنكر الواجب زاد بقدر الحاجة، فإن لم ينفع أغلظ فيه، فإن زال وإلا رفعه إلى ولي الأمر ابتداء إن أمن حيفه فيه، لكن يكره.
وسيأتي كلامه في نهاية المبتدئين من قدر على إنهاء المنكر إلى السلطان أنهاه، وإن خاف فوته قبل إنهائه أنكره هو، وتقدمت رواية أبي طالب: ويحرم أخذ مال على حد أو منكر ارتكب. ونقل الشيخ تقي الدين فيه الإجماع أن تعطيل الحد بمال يؤخذ أو غيره لا يجوز، ولأنه مال سحت خبيث.
وظاهر قوله جواز المعاقبة بالمال مع إقامة الحد، وشروط رفعه إلى ولي الأمر أن يأمن من حيفه فيه ويكون قصده في ذلك النصح لا الغلبة.
وقال في نهاية المبتدئين: يفعل فيه ما يجب أو يستحب لا غير قال وقيل لا يجوز رفعه إلى السلطان يظن عادة أنه لا يقوم به أو يقوم به على غير الوجه المأمور، كذا قال وليس المذهب خلاف هذا القول.
قال ويخير في رفع منكر غير متعين عليه ونص أحمد في رواية الجماعة على أنه لا يرفعه إلى السلطان إن تعدى فيه، ذكره ابن عقيل وغيره قال: قال أحمد إن علمت أنه يقيم الحد فارفعه.


[فصل ما ينبغي أن يتصف به الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر]


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع