مدونة د. محمد سلامة الغنيمي


القرآن: هدىً وشفاءٌ للمؤمنين وعمىً للكافرين

د. محمد سلامة غنيم | Dr. Mohammed Salama Ghonaim


08/03/2025 القراءات: 11  




القرآن الكريم كتاب الله المُعجز، أنزله رحمةً للعالمين وهدايةً للناس أجمعين، لكن تأثيره يختلف باختلاف قلوب من يتلقونه. يقول الله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ (فُصّلت: ٤٤). هذه الآية تُجسّد حقيقةً عظيمة: فالقرآن نورٌ وشفاءٌ لمن فتح قلبه للإيمان، وحجابٌ وعمىً لمن أصرّ على الكفر والجحود.

لماذا يكون القرآن هدىً وشفاءً للمؤمنين؟
الإيمان شرطٌ أساسي لتلقّي هداية القرآن. فالمؤمن يقرأ آيات الله بقلبٍ مُنشرح، يسعى إلى الحق ويخشع لمواعظه. القرآن يُذكّره بربه، ويُصلح شؤون حياته، ويُطهّر قلبه من الشكوك والأمراض الروحية. يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ (يونس: ٥٧). فهو شفاءٌ من الجهل والضلال، وهدايةٌ إلى الصراط المستقيم، ورحمةٌ تُلبّي حاجة الروح إلى السكينة.

وكيف يصير القرآن عمىً على الكافرين؟
القلوب التي تُغلَق أبوابها أمام الإيمان لا تنفذ إليها أنوار القرآن، بل تزداد إصرارًا في الضلال. الكافر يُعرض عن آيات الله استكبارًا أو شكًّا، فيتحوّل القرآن من نعمةٍ إلى محنةٍ عليه، لأنه يُظهر ضلاله ويُعمّق حيرته. كما قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ (الإسراء: ٨٢). فالكفر والظلم يُحولان بين الإنسان وبين إدراك الحكمة الإلهية، فيرى الحقَّ باطلًا والباطلَ حقًّا!

الحكمة من هذا الاختلاف:
الله تعالى خلق الإنسان مخيّرًا، فجعل القرآن اختبارًا يُميّز به بين من يطلب الحق بإنصافٍ ومن يعميه الهوى. ليس العيب في النور، بل في الأعين التي تُغمضه! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ ما بَعَثَنِي اللَّهُ به مِنَ الهُدَى وَالعِلْمِ، كَمَثَلِ الغَيْثِ أصابَ أَرْضًا...» (متفق عليه). فكما أن المطر يُحيي التربة الطيبة ويُغرق السبخة، فكذلك كلام الله يزيد المؤمنين إيمانًا ويُضاعف للكافرين حيرةً.

ختامًا:
القرآن مرآةٌ تعكس ما في القلوب؛ فمن أقبل عليه بإخلاصٍ وجد فيه الحياة الطيبة، ومن أعرض عنه بغرورٍ زادته الآياتُ بُعدًا. فالحمد لله الذي جعل القرآن نورًا نهدي به، وحكمةً نستشفّي بها، وذكرى تتنوّر بها العقول والقلوب.

#الغنيمي


تربية، فكر، نهضة، قرآن


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع