الذاكرة والعقل، خادم ومخدوم
د. محمد سلامة غنيم | Dr. Mohammed Salama Ghonaim
20/07/2023 القراءات: 396
الذاكرة والعقل
___________
الذاكرة تقيد التفكير وتحد من الإبداع، ورغم أهميتها، إلا أنها تدفع العقل دوما إلى ممارسة الأنشطة الذهنية التي تحافظ على مخزونها، مثل: شرح المحفوظ، وتلخيصه، ومراجعته... وهذا يعني اشتغال العقل بما تخزنه الذاكرة دون إدراك قيمة هذا المخزون أو تحليله أو نقده.
وتمنع الذاكرة العقل من التفكير في الماضي حتى تحافظ على مخزونها من أي حذف أو نقد له، وهذا ما يفسر توقف العقل الإسلامي عن الاجتهاد وشيوع التقليد والتعصب للمذاهب في عصور التقليد للأمة المجتهدين.
أما الإسلام فقد أقام علاقة متوازنة فيما يخص الذاكرة، حيث تعهد الله تعالى بحفظ القرآن الكريم وهييء لذلك الأسباب، وعلى الجانب الآخر فرض على المسلمين تدبر آياته وفهم معانيه. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "رب مبلغ أوعى من سامع".
لقد خلق الله الذاكرة لخدمة العقل حتى يتمكن من استحضار الماضي والتجديد عليه في مواجهة تحديات الحاضر وهموم المستقبل، أما إذا انتكست الفطرة وأصبح العقل خادما للذاكرة فإن حاله يصبح كحال قائد سيارة يسير بها للإمام وعينيه على الخلف.
ولعلنا ندرك من هذه المقدمة مدى تخلف التعليم الذي يقوم على خدمة الذاكرة ويعتمد على التلقين في أسلوبه، والحفظ والاستظهار في تقويمه. والغريب في الأمر أن القائمين على هذه الأنظمة التعليمية أصبحوا اليوم مدركين لهذه الحقيقة، لكن سطوة الذاكرة تفوق سطوة الإدراك، فجميع اجتهاداتهم في التطوير تذهب بعيدا وتعود في النهاية إلى خدمة الذاكرة.
عقل، ذاكرة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع