مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (177)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


26/05/2024 القراءات: 469  


-اغتنم:
قال الأخ الكريم الشيخ الدكتور ربيع حسن كوكة:
"قال أبو عبدالله الحاكمُ في "تاريخ نيسابور": ومِنْ شعر البخاري: قرأتُ بخط أبي عمرو المُستملي: وأنشد البخاري:
اغتنمْ في الفراغ فضلَ ركوعٍ ... فعسى أن يكونَ موتُك بغتهْ
كم صحيحٍ رأيتَ مِنْ غيرِ سقمٍ ... ذهبتْ نفسُه الصَّحيحةُ فلتهْ".
فقلتُ مُخَمّسًا للبيتين:
قَد مَضَى العُمــرُ صَـحوةً بِهُجوعِ ... ليسَ للوقتِ إنْ مَضى مِنْ رُجوعِ
فَـخُذ النُّصـحَ واعْـمَلَـنْ بخضـوعِ ... (اغـتنمْ في الفَـراغِ فَضـلَ رُكــوعٍ
فَعَـسَــــى أن يَكونَ مَـوتُك بَغتَـهْ)
لا تَكُنْ في الـوجـودِ لَفظَــةَ رَقـمٍ ... مَــرّ ظِــلًّا وقـد أُصـيــبَ بــعُـقـمٍ
فامـلأ الصُحفَ واحذَرَنْ مِنْ نَقمٍ ... (كم صحيحٍ رأيتَ مِنْ غيرِ ســقمٍ
ذهبتْ نفسُـــــه الصَّحيحـةُ فلتهْ).
***
-فتح الباري:
قال حاجي خليفة في «كشف الظنون» (3/ 343):
«قال ابنُ خلدون (ت: 808) [المقدمة ص 650]: أمّا البخاري -وهو أعلاها رتبة- فاستصعب الناسُ شرحه، واستغلقوا منحاه مِن أجل ما يحتاج إليه من معرفة الطرق المتعددة، ورجالها من أهل الحجاز، والشام، والعراق، ومعرفة أحوالهم، واختلاف الناس فيهم، وكذلك يحتاج إلى إمعان النظر في التفقه في تراجمه.
ولقد سمعتُ كثيرًا من شيوخنا يقولون: شرح كتاب البخاري دَيْن على الأمة. يعنون أن أحدًا من علماء الأمة لم يوف ما يجب له من الشرح.
أقول [القائل حاجي خليفة]: ولعل ذلك الدَّين قُضي بشرح المحقق ‌ابن ‌حجر، والقسطلاني، والعيني بعد ذلك».
***
-ابن حجر في حلب:
قال رحمه الله في كتابه «إنباء الغمر بأبناء العمر» (1/ 5):
«قدر اللهُ سبحانه لي الوصول إلى حلب حرسها الله تعالى في شهر رمضان سنة ست وثلاثين فطالعتُ تاريخها الذي جمعه الحاكمُ بها العلامة الأوحد الحافظ علاء الدين ذيلًا على تاريخها لابن العديم، وقد بيض أوائله، فطالعتُه كله من المبيضة ثم من المسودة، وألحقت فيه أشياء كثيرة، وسمعت منه أيضًا وسمع مني متَّع اللهُ ببقائه».
***
-حنين إلى الوطن:
أنشدني الشيخ سلمان بن عبدالفتاح مكاتبةً للأديب الرقيق د. أحمد البراء الأميري الحلبي رحمه الله تعالى:
طالَ البِعادُ وشفَّني النَّصَبُ ... فمتى أعودُ إليكِ يا حَلَبُ
أودَعتُ فيكِ منَ الصِّبا عُمُرًا ... بالشَّوقِ والأحلام يختَضِبُ
ونثَرتُ فوق رُباكِ أغنيَةً ... بيضاءَ مِلءَ السَّمع تَنسكِبُ
غنَّيْتُها والحبُّ يُلهِمُني ... والسَّامِرونَ برَجْعِها طَرِبوا
نَشْوانَ، خَمرِي ذَوْبُ عاطِفَتي ... فاخجَل ودَعْني أيُّها العِنَبُ
ودَّعتُها وصِبايَ يَبسِمُ لي ... ومُنايَ لا تَرقَى لها السُّحُبُ
وترَكْتُ فيها أكبُدًا صُدِعَت ... ومَدامِعًا بالجَمْرِ تَلتَهِبُ
وأحبَّةً ذِكرايَ زادُهُمُ ... لولا التصبُّر مسَّهُم لَغَبُ
أحلامُهُم شَوقٌ تُجنِّحُه ... للصَّحْوِ آمالٌ لهُم قُشُبُ
والصَّحْوُ تَوقٌ للمَنام عَسى ... طَيفٌ مِنَ المَحْبوبِ يَقتَرِبُ
أتُرى أعودُ إليكِ يا حلبُ ... قبلَ المَماتِ ويَصدُقُ الرَّغَبُ
غادَرتُها طِفلًا تُعانِقُني ... قُبُلاتُ أمٍّ كلُّها حَدَبُ
واليومَ شَيبي ضاحِكٌ وأنا ... قد جُزْتُ سِنَّ الأربعينَ أَبُ
أأعودُ؟- ويحَ العَوْدِ – مُنفرِدًا ... لم يَبْقَ لي خِلٌّ ولا أرَبُ
أأعودُ والدَّارُ التي دَرَجَتْ ... فيها الخُطى بالحُزنِ تَنتقِبُ
أحجارُها هَرِمَت وقاعتُها ... مَهجورةٌ، وفِناؤها خَرِبُ
لا زهرَ يَضحَكُ في حديقَتِها ... لا ماءَ يَعلو صَدرَه الحَبَبُ
لا طِفلَ يمرَح في مَرابِعها ... لا شيخَ تَروي عِلمَه الكتُبُ
لا شِعرَ يَشدو في مَحافِلها ... صَمَتَتْ بها الأشعارُ والخُطَبُ
صُوَرٌ مِن الماضي مُولَّهةً ... في خافِقي المَلهوفِ تَنتحِبُ
شَهباءُ هذي الأنَّةُ انفلتَتْ ... مِن مُدنَفٍ حُرٍّ له نَسَبُ
نسَبٌ تَروحُ الشَّمسُ كاسِفةً ... مِن حُسنِه، وتظَلُّ تحتَجِبُ
فضْلٌ مِن الرَّحمنِ أغدَقَهُ ... لم يَجنِه سعيٌ ولا دَأبُ
فعَسى الفِعالُ تَصُونُ لي شَرفًا ... قد هانَ مَن لم يَحْمِهِ أدَبُ
شَهباءُ حبُّكِ في الفؤادِ لظًى ... والشَّوقُ نحوَكِ باتَ يَضطَرِبُ
عُمْري مع الأيَّامِ مُنسَرِبٌ ... والصَّفوُ في الأحزانِ مُنسَرِبُ
لم يَبقَ لي مِن مأمَلٍ غَرِدٍ ... أسعَى له ليَكونَ لي غَلَبُ
إلا رضاءُ الله يَغمُرني ... فتَزولَ مِن نَعمائه الحُجُبُ
***
-الاحتفاء والاحتفال بالأطفال:
جرَتْ لي عادةٌ بمشاركة الآباء فرحتهم، وتحت يدي الآن مِن ذلك ما يأتي:
وُلد لشخصٍ طفلة دعاها "سلمى"، ورجاني أخونا الشيخ محيي الدين الإسنوي كتابة بيتين في ذلك فقلت (11/ 9 / 2000م):
سعدتَ أُخيَّ بمقدم سلمى ... ودامتْ عليك من الله نُعمى
رُزِقتَ بمولدها نبع حبٍّ ... وخيرًا زكاةً وأقربَ رُحما
وقلتُ مهنئًا الأخ محمد الحريتاني بابنه عبدالله (10 من شعبان 1424 = 16 من أكتوبر 2002م):
أسعدك اللهُ بعبداللهِ ... وكان عبدًا -كاسمه- للهِ
يعيشُ في الأذكار غيرَ لاه ... ويُكثرُ السجودَ غير ساهِ
في غاية الإسعاد والإنباهِ ... منعَّمًا بعزةٍ وجاهِ
ولا يكن مِنْ آمرٍ أو ناهِ ... في قلبهِ المعمورِ غير اللهِ
وقلتُ مرحِّبًا بالمولود محمد الأمين بن محمد عبدالله ابن التمين (دبي في: 22 من المحرم 1430 =: 18 / 01 / 2009م):
يا شعرُ قُمْ بين الصِّحابِ وغرِّدِ ... واهتِفْ بمِلءِ فمٍ بقولٍ أحمدِ
رحِّبْ بنجل الصالحين وقل له: ... يا مرحبًا بمحمدِ بن محمدِ
قد جئتَ والدنيا تقوم بفتنةٍ ... فعساك يومًا أنْ تقول لها اقعُدي
وعساك تنهج نهج علمٍ خالصٍ ... وتسيرُ في الدرب (الأمين) الأرشدِ
وإليك يابنَ أخي دعاءً ضارعًا ... في رُكَّعٍ – سألوا الإلهَ – وسُجَّدِ
يا ربِّ أسعِدهُ وأسعِدْ أهله ... وأغِظْ بنعمتهِ قلوبَ الحُسَّدِ
وهنأتُ الدكتور محمد عيادة بابنه أيوب (20 / 12/ 2015).
ولعلي أجمع كل ما قلتُه في ذلك، بعون الله تعالى.
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع