مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


سلسلة السيرة النبوية 🔻إسلام حمزة بن عبد المطلب

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


07/02/2023 القراءات: 572  


سلسلة السيرة النبوية

🔻إسلام حمزة بن عبد المطلب

إن الأفق المتلبد بالسحب قد يتولد منه برق يضئ, فقد مرت على المسلمين في مكة أيام غلاظ شداد مظلمة اضطرت فيها جماعات من المسلمين أن تفر بدينها إلى أماكن شتى وبطرق مختلفة، وبقي من بقي يكابد العنت والضيق من شطط المشركين وكيدهم، إلا أن عناصر جديدة دخلت الإسلام جعلت قريشاً تتروى في أمرها قبل أن تقدم على إساءاتها المبيَّتة ضد المسلمين.

ومن هؤلاء الذين أسلموا وكان إسلامهم فتحاً ونصراً للإسلام والمسلمين، وحسرة على المشركين حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم وكان رجلاً قوياً ذا عزيمة وشجاعة، واختلفوا في سنة إسلامه فقيل في السنة الثانية من النبوة ، وقيل بل أسلم في أواخر السنة السادسة من النبوة ، وقبل إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بثلاثة أيام

وسبب إسلامه كما روى محمد ابن إسحاق
أن أبا جهل اعترض رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا، فآذاه وشتمه ونال منه ما يكره من العيب لدينه والتضعيف له، فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومولاة لعبد الله بن جدعان التيمي في مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك، ثم انصرف عنه، فعمد إلى نادٍ لقريش عند الكعبة فجلس معهم،

ولم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل مُتوشِّحاً قوسه، راجعاً من قنصٍ له، وكان صاحبَ قنصٍ يرميه ويخرج له، فكان إذا رجع من قنصه لم يرجع إلى أهله حتى يطوفَ بالكعبة، وكان إذا فعل ذلك لا يمرُّ على نادٍ من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم، وكان أعز قريش وأشدها شكيمة، وكان يومئذ مشركاً على دين قومه، فلما مرَّ بالمولاة وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إلى بيته

قالت له: يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي ابن أخيك من أبي الحكم آنفاً قبيل، وجده هاهنا فآذاه وشتمه وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد، فاحتمل حمزةَ الغضبُ لما أراد الله -عز وجل- به من كرامته، فخرج سريعاً لا يقف على أحد كما كان يصنع يريد الطواف بالبيت معداً لأبي جهل أن يقع به

فلما دخل المسجد نظر إليه جالساً في القوم، فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس وضربه بها ضربه، شجَّهُ بها شجَّةً مُنكرة
وقال له : أتشتمه وأنا على دينه ؟
وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل منه، فقالوا: ما نراك يا حمزة إلا قد صبأت!

قال حمزة: وما يمنعني منه، وقد استبان لي منه ذلك؟ وأنا أشهد أنه رسول الله، وأن الذي يقول حق، فو الله لا أنزع، فامنعوني إن كنتم صادقين
فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة، فإني والله لقد سببت ابن أخيه سباً قبيحا

وتم حمزة على إسلامه، وعلى ما تابع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله. فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عزَّ وامتنع، وأن حمزة سيمنعه، فكفوا عن بعض ما كانوا يتناولون من أذيته

ولقد كان إسلام حمزة رضي الله عنه في أول الأمر أنفة لابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم، ثم شرح الله صدره للحق ، قال حمزة رضي الله عنه :
لما احتملني الغضب وقلت أنا على دينه ، أدركني الندم على فراق دين آبائي وقومي ، وبت من الشك في أمر عظيم لا أكتحل بنوم ، ثم أتيت الكعبة وتضرعت إلى الله سبحانه أن يشرح صدري للحق ويذهب عني الريب ، فما أتممت دعائي حتى زاح عني الباطل وامتلأ قلبي يقينا ، فغدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا لي بان يثبتني الله

ولقد أبلى حمزة رضي الله عنه في الإسلام بلاءً حسناً، ودافع عن الإسلام وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفاعاً عظيماً إلى أن اصطفاه الله تعالى في الشهداء، وقد شهد له بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( حمزة سيد الشهداء يوم القيامة) صحيح الجامع .

ومعروف مَن حمزة رضي الله عنه أنه أسد الله الذي قتل العُتاة يوم بدر، ومزَّق صفوف الشيطان في تلك المعركة الفاصلة، لقد أسلم عزيزاً، وعاش كريماً، ومات شهيداً، وتتشابه بداية إسلام عمررضي الله عنه وحمزة رضي الله عنه، وحادثة موتهما، فأما إسلامهما فقد كان عزاً ونصراً للمسلمين المستضعفين، فقد استطاع المسلمون أن يصلوا عند الكعبة جهاراًَ وأن يخرجوا في صفين يعلنون إسلامهم لله رب العالمين، وأما وفاتهما فقد ماتا شهيدين، حمزة رضي الله عنه مات شهيداً في غزوة أحد، قتله وحشي بن حرب، ثم أسلم، وعمررضي الله مات شهيداً وهو يصلي، قتله أبو لؤلؤة المجوسي


سلسلة السيرة النبوية 🔻إسلام حمزة بن عبد المطلب


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع