مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


حقوق الناس نوعان (مادية ومعنوية )

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


07/12/2022 القراءات: 483  


حقوق الناس نوعان:

مادية كالديون والمال المسروق والمغصوب ونحوها.

ومعنوية كمن استغاب غيره أو شتمه وسبه وظلمه ونحوها. فالحقوق المادية لا تسقط إلا بردها إلى أصحابها، أو بالمسامحة منهم. وأما الحقوق المعنوية فلا تسقط بمجرد التوبة عند جمهور الفقهاء إلا أن يتحللها من صاحبها، كما ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له مظلمةٌ لأخيه أو شيء فليتحلله قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عملٌ صالحٌ أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات، أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه" (رواه البخاري)، ومعنى فليتحلله أي ليسأله أن يجعله في حلٍ من قِبله، ومعناه: أن يقطع دعواه ويترك مظلمته. وقال الملا علي القاري: "(فليتحلله) أي فليطلب الظالم حل ما ذكر منه، أي من المظلوم... يقال تحللته واستحللته إذا سألته أن يجعلك في حل اليوم، أي في أيام الدنيا لمقابلته بقوله قبل أن لا يكون أي لا يوجد دينار ولا درهم، وهو تعبير عن يوم القيامة، وفي التعبير به تنبيه على أنه يجب عليه أن يتحلل منه، ولو ببذل الدينار والدرهم في بذل مظلمته، لأن أخذ الدينار والدرهم اليوم على التحلل، أهون من أخذ الحسنات أو وضع السيئات على تقدير عدم التحلل" (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 14/439). والقول بأنه لا بد من التحلل من صاحب المظلمة قال به جمهور الفقهاء كما سبق وهو منقول عن جماعة من السلف، فقد قال سفيان بن عيينة: "الغيبة أشد عند الله عز وجل من الزنا وشرب الخمر، لأن الزنا وشرب الخمر ذنب فيما بينك وبين الله عز وجل، فإن تبت عنه تاب الله عليك، والغيبة لا يغفر لك حتى يغفر لك صاحبك" (شعب الإيمان للبيهقي 14/254). وقال أبو حامد الغزالي: "بيان كفارة الغيبة، اعلم أن الواجب على المغتاب أن يندم ويتوب ويتأسف على ما فعله ليخرج به من حق الله سبحانه، ثم يستحل المغتاب ليحله فيخرج من مظلمته‏،‏ وينبغي أن يستحله وهو حزينٌ متأسفٌ نادمٌ على فعله، إذ المرائي قد يستحل ليظهر من نفسه الورع وفي الباطن لا يكون نادمًا، فيكون قد قارف معصية أخرى" (إحياء علوم الدين 2/346). وقال الإمام النووي في باب كفارة الغيبة والتوبة منها:" اعلم أن كل من ارتكب معصية لزمه المبادرة إلى التوبة منها، والتوبة من حقوق الله يشترط فيها ثلاثة أشياء: أن يقلع عن المعصية في الحال، وأن يندم على فعلها، وأن يعزم أن لا يعود إليها، والتوبة من حقوق الآدميين يشترط فيها هذه الثلاثة ورابع، وهو رد الظلامة إلى صاحبها وطلب عفوه عنها والإبراء منها، فيجب على المغتاب التوبة بهذه الأمور الأربعة، لأن الغيبة حق آدمي ولا بد من استحلاله من اغتابه، وهل يكفيه أن يقول قد اغتبتك فاجعلني في حِلٍ أم لا بد أن يبين ما اغتابه به؟ فيه وجهان لأصحابنا أحدهما: يشترط بيانه، فإن أبرأه من غير بيانه لم يصح، كما لو أبرأه من مالٍ مجهولٍ، والثاني لا يشترط، لأن هذا مما لا يتسامح فيه، ولا يشترط علمه بخلاف المال، والأول أظهر، لأن الإنسان قد يسمح بالعفو عن غيبة دون غيبة، فإن كان صاحب الغيبة ميتًا أو غائبًا فقد تعذر تحصيل البراءة منها، لكن قال العلماء ينبغي أن يكثر الاستغفار له والدعاء ويكثر من الحسنات" (الأذكار ص 297). وقال الشيخ ابن القيم: "وإن كانت المظلمة بقدم فيه بغيبة أو قذف: فهل يشترط في توبته منها إعلامه بذلك بعينه والتحلل منه؟ أو إعلامه قد نال من عرضه ولا يشترط تعيينه؟ أو لا يشترط لا هذا ولا هذا؟ بل يكفي في توبته أن يتوب بينه وبين الله تعالى من غير إعلام من قذفه واغتابه؟ على ثلاثة أقوال: وعن أحمد روايتان منصوصتان في حد القذف، هل يشترط في توبة القاذف إعلام المقذوف والتحلل منه أم لا؟ ويُخَرَّج عليهما توبة المغتاب والشاتم، والمعروف في مذهب الشافعي وأبي حنيفة ومالك اشتراط الإعلام والتحلل هكذا ذكره أصحابهم في كتبهم، والذين اشترطوا ذلك احتجوا بأن الذنب حق آدمي، فلا يسقط إلا بإحلاله منه وإبرائه، ثم من لم يصحح البراءة من الحق المجهول، شرط إعلامه بعينه لا سيما إذا كان من عليه الحق عارفًا بقدره، فلا بد من إعلام مستحقه به، لأنه قد لا تسمح نفسه بالإبراء منه إذا عرف قدره. واحتجوا بالحديث المذكور وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "من كان لأخيه عنده مظلمة من مال أو عرض فليتحلله اليوم" (رواه البخاري) قالوا: ولأن في هذه الجناية حقين: حقاً لله وحقاً للآدمي، فالتوبة منها بتحلل الآدمي لأجل حقه والندم فيما بينه وبين الله لأجل حقه، قالوا: ولهذا كانت توبة القاتل لا تتم إلا بتمكين ولي الدم من نفسه، إن شاء اقتص وإن شاء عفا، وكذلك توبة قاطع الطريق. والقول الآخر: أنه لا يشترط الإعلام بما نال من عرضه وقذفه واغتيابه، بل يكفي توبته بينه وبين الله، وأن يذكر المغتاب والمقذوف في مواضع غيبته وقذفه بضد ما ذكره به من الغيبة، فيبدل غيبته بمدحه والثناء عليه وذكر محاسنه، وقذفه بذكر عفته وإحصانه ويستغفر له بقدر ما اغتابه،


حقوق الناس نوعان (مادية ومعنوية )


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع