مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
رَمضْان؛أرواحنا ظَمأى وفَوقَ أكفِّكَ الرَّيانُ(9)
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
27/03/2023 القراءات: 337
ومما يفطر : إيصال الأغذية بالإبرة إلى الجوف من طعام أو شراب لأنه في معنى الأكل والشرب من غير فرق ، وأما الحبوب الغذائية والدوائية والمشتركة فيفطر من أكلها . والله أعلم ، وصلى الله على محمد وآله وسلم .
---
- بعض فوائد الصيام :
إن لشهر رمضان شرفه الله فوائد عظيمة ومنافع جمة وآثار
حسنة فهو يضبط النفس ويطفئ شهوتها فإنها إذا شبعت تمردت في الغالب وسعت في شهواتها ، وإذا جاعت سكنت وخضعت وامتنعت عن ما تهوى ، ففي حديث عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء » . متفق عليه .
ذلك أنه يكسر من شهوة الشباب حتى لا تطغى عليه الشهوة ، فكان الصوم وسيلة إلى كف النفس عن المعاصي ، فسبحانه من إله حكيم عليم ، فالصيام يربي في الإنسان الفضائل والإخلاص والأمانة والصبر عند الشدائد ، لأنها إذا انقادت للامتناع عن الحلال من الغذاء الذي لا غنى لها عنه طلبا لمرضاة الله تعالى وخوفا من أليم عقابه .
فالأحرى بها أن تتمرن على الامتناع عن الحرام الذي هي غنية عنه وتبعد عنه كل البعد فلا يغدر ولا يخون ولا يخلف وعدا ولا يكذب ولا يرائي .
فإذا وفقه الله لصون صيامه عن المفسدات والمنقصات فالصوم لمن وفقه الله سبب في اتقاء المحارم وقوة العزيمة والتحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل ، وإلى هذا أشار جل وعلا بقوله : ﴿ لعلكم تتقون ﴾ فالصوم يدعو إلى شكر نعمة الله ، إذ هو كف النفس عن الطعام والشراب ومباشرة النساء ، وكل هذا من جلائل نعم الله على خلقه .
والامتناع عن هذه النعم من أول يوم من شهر رمضان إلى آخره يعرف الإنسان قدرها ، إذ لا يعرف فضل النعمة إلا بعد فقدها فيبعثه ذلك على القيام بشكرها وشكر النعمة واجب على العباد ، وإلى هذا
أشار بقوله تعالى : ﴿ ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ﴾ .
وأيضا فالصيام يبعث في الإنسان فضيلة الرحمة بالفقراء والعطف على البائسين ، فإن الإنسان إذا ذاق ألم الجوع في بعض الأوقات تذكر الفقير الجائع في جميع الأوقات فيسارع إلى رحمته والإحسان إليه . قيل ليوسف عليه السلام ، وكان كثير الجوع : لم تجوع وأنت على خزائن الأرض . فقال : إني أخاف أن أشبع فأنسى الجائع .
ومن فوائد الصيام ما ذكر من أنه ينقي الجسم من الفضلات الرديئة ورطوبات الأمعاء ، ويشفي كثيرا من الأمراض بإذن الله تعالى ، وفيه من المزايا الصحية ما شهد به العدو قبل الصديق ، فسبحانه من إله عليم حكيم .
ومن فوائد الصيام أنه يقوي النفس على البر والحلم وهما تجنب كل ما من شأنه إثارة الغضب لأن الصوم نصف الصبر ، والصبر نصف الإيمان كما قال صلى الله عليه وسلم ، ولما رواه النسائي عن معاذ بن جبل في حديثه الطويل : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : « ألا أدلك على أبواب الخير » ؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال : « الصوم جنة » فالصوم جنة من العذاب ومن الأخلاق السيئة .
ومن يلاحظ حال الصائمين الموفقين لما هم عليه من تحري الطاعة وتحري سبل الخيرات والابتعاد عن المعاصي والرغبة في الإحسان يدرك أن الصوم من أعظم أسباب الهداية ، ويدرك معنى قوله تعالى : ﴿ وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ﴾ ويدرك معنى قوله صلى الله عليه وسلم : « الصوم جنة » . ويدرك ما فيه من تهذيب النفس
وتطهيرها من الأخلاق الموبوءة وترويضها على الطاعات وإعدادها للسعادتين الدنيوية والأخروية ، وحسبك في فضل الصيام قوله صلى الله عليه وسلم : « والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك » .
يقول الله عز وجل : « يذر شهوته وطعامه وشرابه لأجلي فالصوم لي وأنا أجزي به » . قال ابن القيم رحمه الله وقد اختلف في وجود هذه الرائحة من الصائم هل هي في الدنيا أو في الآخرة على قولين وفصل النزاع في المسألة أن يقال حيث أخبر صلى الله عليه وسلم : بأن ذلك الطيب يكون يوم القيامة ، فلأنه الوقت الذي يظهر فيه ثواب الأعمال وموجباتها من الخير والشر فيظهر للخلق طيب ذلك الخلوف على المسك كما يظهر فيه دم المكلوم في سبيله كرائحة المسك وكما تظهر في السرائر وتبدو على الوجوه وتصير علانية ويظهر فيه قبح رائحة الكفار وسواد وجوههم وحيث أخبر بأن ذلك حين يخلف وحين يمسون فلأنه وقت ظهور أثر العبادة ويكون حينئذ طيبها على ريح المسك عند الله تعالى وعند ملائكته وإن كانت تلك الرائحة كريهة للعباد .
فرب مكروه عند الناس محبوب عند الله تعالى وبالعكس فإن الناس يكرهونه لمنافرته لطباعهم والله تعالى يستطيبه ويحبه لموافقته لأمره ورضاه ومحبته فيكون عنده أطيب من ريح المسك عندنا فإذا كان يوم القيامة ظهر هذا الطيب للعباد وصار علانية .
وهكذا سائر آثار الأعمال من الخير والشر وإنما يكمل ظهورها ويصير علانية في الآخرة .
اللهم اهدنا بهداك إلى صراطك المستقيم ووفقنا للقيام بحقك على الوجه المطلوب يا كريم واجعلنا يا مولانا ممن أتاك بقلب سليم واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين .
---
رَمضْان؛أرواحنا ظَمأى وفَوقَ أكفِّكَ الرَّيانُ(9)
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع