مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم


تفقهوا قبل أن تسودوا

باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM


17/06/2023 القراءات: 185  


روى الخلال بإسناد صحيح عن عمر قال تفقهوا قبل أن تسودوا. وذكره البخاري تعليقا بصيغة الجزم قال الخطابي في كتاب العزلة: يريد من لم يخدم العلم في صغره يستحي أن يخدمه بعد كبر السن وإدراك السؤدد قال: وبلغني عن سفيان الثوري - رحمه الله - قال من ترأس في حداثته كان أدنى عقوبته أن يفوته حظ كثير من العلم.
وعن أبي حنيفة - رحمه الله - قال من طلب الرياسة بالعلم قبل أوانه لم يزل في ذل ما بقي، وقيل للمبرد لم صار أبو العباس يعني ثعلب أحفظ منك للغريب والشعر؟ قال لأني ترأست وأنا حدث وترأس وهو شيخ انتهى كلام الخطابي وروى البيهقي قول عمر المذكور من حديث وكيع عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن
الأحنف بن قيس عنه قيل معناه قبل أن تزوجوا.
وقال الشافعي إذا ترأست فلا سبيل إلى التفقه.
وروى الحاكم في تاريخه عن زفر قال أبو حنيفة: يا زفر لا تحدث قبل وقتك فيستخف بك.
وروى الخلال عن أيوب قال ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله وقال المروذي قيل لأبي عبد الله قيل لابن المبارك كيف تعرف العالم الصادق قال الذي يزهد في الدنيا ويقبل على آخرته وقال أبو عبد الله: نعم هكذا يريد أن يكون.
وقال الفضيل: يغفر لسبعين جاهلا قبل أن يغفر لعالم واحد وقال أحمد ثنا سفيان بن عيينة سمعت فضيل بن عياض قال يغفر لجاهل سبعين ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد وقال أحمد أيضا: ثنا سيار بن حاتم ثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إن الله يعافي الأميين يوم القيامة ما لا يعافي العلماء» . وذكر الحافظ الذهبي هذا الخبر في ترجمة جعفر من المناكير. قال: وقيل أخطأ من حدث به عن جعفر. وسيار وثقه ابن حبان وغيره وقال الأزدي: عنده مناكير قال البيهقي: محمول إن صح على العالم الفاجر.
ونقل المروذي عن أحمد قال: العالم يقتدى به، ليس العالم مثل الجاهل وهذا معنى ما روي عن ابن المبارك وغيره. ونقل عن أحمد أيضا إنه قيل له: لمن نسأل بعدك؟ فقال لعبد الوهاب يعني الوراق فقيل إنه ضيق العلم فقال: رجل صالح مثله يوفق لإصابة الحق.
وقال ابن عقيل في الفنون لا ينبغي الخروج من عادات الناس إلا في الحرام فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ترك الكعبة وقال «لولا حدثان قومك الجاهلية»
وقال عمر لولا أن يقال عمر زاد في القرآن لكتبت آية الرجم.
وترك أحمد الركعتين قبل المغرب لإنكار الناس لها، وذكر في الفصول عن الركعتين قبل المغرب وفعل ذلك إمامنا أحمد ثم تركه بأن قال رأيت الناس لا يعرفونه، وكره أحمد قضاء الفوائت في مصلى العيد وقال: أخاف أن يقتدي به بعض من يراه.
وروى البيهقي وغيره من طريق شعيب عن نافع عن أسلم أن عمر رأى على طلحة ثوبا مصبوغا فقال ما هذا؟ قال: إنه يمدر، فقال إنكم أيها الرهط أئمة يقتدي بكم الناس، وإن جاهلا لو رأى هذا لقال على طلحة ثوب مصبوغ فلا يلبس أحد منكم من هذه الثياب شيئا إنه محرم وقال الأوزاعي كنا نمزح ونضحك فلما صرنا يقتدى بنا خشيت أن لا يسعنا التبسم وقال الثوري لو صلح القراء لصلح الناس وقال أيضا يعجبني أن يكون صاحب الحديث مكفيا لأن الآفات أسرع إليهم وألسنة الناس إليهم أسرع وإذا احتال ذل.
وقال أبو داود السجستاني من اقتصر على لباس ومطعم دون أراح جسده وقال الأعمش عن زيد بن وهب رأيت بين كتفي عمر أربع عشرة رقعة بعضها من أدم وقال مالك عن إسحاق بن عبد الله عن أنس رأيت عمر - رضي الله عنه - وهو يومئذ أمير المؤمنين قد رقع بين كتفيه ثلاث رقاع لبد بعضها فوق بعض وقال سليمان بن حرب: لو نظرت إلى ثياب شعبة لم تكن تسوى عشرة دراهم. إزاره ورداؤه وقميصه، كان شيخا كثير الصدقة وقال علي بن ثابت رأيت الثوري في طريق مكة فقومت كل شيء عليه حتى نعله درهما وأربعة دوانق.
وقال الثوري: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذ الناس نائمون، ونهاره إذ الناس مفطرون، وبكائه إذ الناس يضحكون، وبحزنه إذ الناس يفرحون وقال الثوري العالم طبيب هذه الأمة، والمال الداء فإذا كان الطبيب يجر الداء إلى نفسه كيف يعالج غيره؟ وعن عيسى ابن مريم - عليه السلام -
أنه قال: يا معشر الحواريين ارضوا بدني الدنيا مع سلامة الدين كما رضي أهل الدنيا بدني الدين مع سلامة الدنيا.
وروى ابن بطة عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن الفقه ليس بسعة الهذر وكثرة الرواية إنما الفقه خشية الله وروى أيضا عن أبي حازم قال: لا يكون العالم عالما حتى يكون فيه ثلاث خصال: لا يحقر من دونه في العلم، ولا يحسد من فوقه، ولا يأخذ دنيا.
وروى أيضا عن الحسن قال: الفقيه الورع الزاهد المقيم على سنة محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يسخر بمن أسفل منه ولا يهزأ بمن فوقه ولا يأخذ على علم علمه الله عز وجل حطاما وقال أيضا ما رأيت فقيها قط.
وروى البيهقي عنه كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشعه وهديه ولسانه وبصره ويده وقال ابن المبارك عن مالك بن دينار سألت الحسن ما عقوبة العالم قال: موت القلب قلت وما موت القلب قال: طلب الدنيا بعمل الآخرة وقال الأوزاعي: بلغني أنه يقال ويل للمتفقهين لغير العبادة، والمستحلين المحرمات بالشبهات وقال مالك إن حقا على من طلب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية، وأن يكون متبعا لأثر من مضى قبله وقال الربيع سمعت الشافعي يقول: أخشى أن أطلب العلم بغير نية أن لا ينتفع به وقال الشافعي - رضي الله عنه -: زينة العلم الورع والحلم وقال أيضا لا يجمل العلم ولا يحسن إلا بثلاث خلال: تقوى الله، وإصابة السنة، والخشية.
وقال أيضا ليس العلم ما حفظ، العلم ما نفع وقال أبو قلابة لأيوب إذا حدث لك علم فأحدث فيه عبادة ولا يكن همك أن تحدث به الناس وقال أحمد بن محمد سمعت وكيعا يقول: قالت أم سفيان الثوري: اذهب فاطلب العلم حتى أعولك أنا بمغزلي، فإذا كتبت عشرة أحاديث فانظر هل في نفسك زيادة فابتغه وإلا فلا تتعنى.
وقال الفضيل بن عياض
بلغني أن العلماء فيما مضى كانوا إذا تعلموا عملوا. وإذا عملوا، شغلوا، وإذا شغلوا فقدوا، وإذا فقدوا طلبوا. وإذا طلبوا هربوا.


تفقهوا قبل أن تسودوا


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع