مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ (42)
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
23/03/2024 القراءات: 381
الاستغفار
في شهر رمضان يجد المؤمن نفسه قريبة من أعمال الخير، تنقاد معه إلى الأعمال الصالحة، فيغتنم هذه الفرصة، لأن النفس أمارة بالسوء، وإذا لم يشغلها صاحبها بالطاعة، شغلته بالمعاصي، إذا هو يروضها في هذا الشهر إذ هي قابلة لذلك، ويأمل أن تستمر وتبقى وهي تألف الخير وتحبه.
فعليه أن يعودها على ذكر خالقها، وأن يكثر من الاستغفار ويلازمه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الله تعالى يرضى عن عبده إذا استغفر، وأكد عليه الصلاة والسلام على الاستكثار من الاستغفار في شهر رمضان، شهر المغفرة والرضوان، والعتق من النيران، ففي حديث سلمان رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم"، وذكرهما وهما: "شهادة أن لا إله إلا الله، والاستغفار" رواه أبو خزيمة. فالاستغفار من أعظم أسباب المغفرة والعتق من النار؛ لأنه دعاء، ودعاء الصائم مستجاب في حال صيامه وعند فطره.
وقد حمع الله بين التوحيد والاستغفار في قوله جل وعلا: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [سورة محمد الآية (19) ] . ونفى الله تعالى عذابه عن عباده المستغفرين، فقال جل شأنه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [سورة الأنفال الآية (33) ] وأثنى عز وجل على المستغفرين بالأسحار. وقال عليه الصلاة والسلام: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب". رواه أحمد وأبو داود.
وقال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لو تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم" رواه مسلم.
وكان بعض السلف إذا صلى صلاة استغفر من تقصيره فيها، كما يستغفر المذنب من ذنبه، فلازم أيها المسلم الاستغفار في شهر الصيام وسائر الأيام، وضاعفه في هذه الأيام المباركة، أيام شهر العتق من النار، فإن رمضان فرصة عظيمة، فاغتنمها، وبالأخص عند تمام أعمالك، فإن الاستغفار ختام الأعمال الصالحة كلها، إذ به يختم الحج وتختم الصلاة، وقيام الليل، وهو ختام المجالس، فإن كانت ذكرا كان كالطابع عليها، وإن كانت لهوا كان كفارة لها، روي عنه عليه الصلاة والسلام: "ما أصرَّ من استغفر وإن عاد"، رواه أبو داود، وتعلق رجل بأستار الكعبة وهو يقول: "اللهم إن استغفاري مع إصراري لؤم، وإن تركي الاستغفار مع علمي بسعة عفوك لعجز، فكم تتحبب إلي بالنعم مع غناك عني، وأتبغض إليك بالمعاصي مع فقري إليك، يا من إذا وعد وفى، وإذا توعد تجاوز وعفا، أدخل عظيم جرمي في عظيم عفوك يا أرحم الراحمين.
يا رب عبدك قد أتـ ... ـاك، وقد أساء وقد هفا
يكفيه منك حياؤه ... من سوء ما قد أسلفا
حمل الذنوب على الذنـ ... ـوب الموبقات وأسرفا
وقد استجار بذيل عفـ ... ـوك من عقابك ملحفا
رب اعف عنه وعافه ... فلأنت أولى من عفا
يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ (42)
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع