رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (24)
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
10/01/2023 القراءات: 831
المبادرة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم:
قال ابن عدي في «الكامل في ضعفاء الرجال» (4/ 85):
«حدثنا القاسم بن مهدي، حدثنا أبو الطاهر بن السرح، حدثنا رشدين بن سعد عن موسى بن أيوب، عن سهل بن رافع بن خديج، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ به فناداه، فخرج إليه، فمشى معه حتى أتى المسجد، ثم انصرف فاغتسل، ثم ارتجع، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم أثر الغسل، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن غسله، فقال: سمعتُ نداءك وأنا أجامع امرأتي قبل أن أفرغ، فاغتسلتُ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الماء من الماء.
قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: إذا جاوز الختانُ الختانَ فقد وجب الغسلُ».
***
أوصني وأوجز:
جاء في «كنز العمال» (3/ 817):
«عن إسماعيل بن محمد بن ثابت عن أبيه عن جده أن رجلًا من الأنصار قال: يا رسول الله أوصني وأوجز، قال: عليك باليأس مما في أيدي الناس، وإياك والطمع، فإنه فقر حاضر. أبو نُعيم».
وفيه (16/ 130):
«عن سعد الأنصاري عن إسماعيل بن محمد الأنصاري عن أبيه عن جده أن رجلًا من الأنصار قال: يا رسول الله أوصني وأوجز، قال: عليك باليأس مما في أيدي الناس، وإياك والطمع! فإنه الفقر الحاضر، وصلِّ صلاتك وأنت مودع، وإيّاك وما يُعتذر منه. الديلمي».
وفيه (16/ 136):
«عن علي قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أوصني وأوجز، قال: هيئ جهازك، وأصلح زادك، وكن وصيَّ نفسك، فإنه ليس من الله عوض ولا لقول الله خلف. الديلمي، وفيه محمد بن الأشعث».
***
أوصني:
قال رجل لداود الطائي: أوصني، قال: اصحبْ أهل التقوى؛ فإنهم أيسر أهل الدنيا عليك مؤونة، وأكثرهم لك معونة.
موسوعة ابن أبي الدنيا (1/62).
***
التتبع عند ابن حجر:
قال -رحمه الله- في الكلام على حديث: "الطاعون وخز أعدائكم من الجن" في «فتح الباري» (10/ 182):
«تنبيه: يقع في الألسنة وهو في "النهاية" لابن الأثير تبعًا لغريبي الهروي بلفظ: "وخز إخوانكم"، ولم أره بلفظ "إخوانكم" بعد التتبع الطويل البالغ في شيء من طرق الحديث المسندة، لا في الكتب المشهورة ولا الأجزاء المنثورة، وقد عزاه بعضُهم لمسند أحمد أو الطبراني أو كتاب الطواعين لابن أبي الدنيا. ولا وجود لذلك في واحد منها. والله أعلم»
ونقل هذا المناوي في "فيض القدير" (4/287) عن ابن حجر ولم يذكر المصدر.
***
القرب والدنيا:
مِنْ أقوال الهُذلي في "الكامل" (1/133): "إني ما وجدتُّ مقرَّبًا إلا ولم تساعده الدنيا...".
***
ابن تيمية والذكر:
قال الشيخ ابن القيم في "الوابل الصيِّب": سمعتُ شيخ الإسلام ابن تيمية قدَّس الله روحه يقول: إن في الدنيا جنة مَنْ لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة.
وقال لي مرة: ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، إن رحتُ فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة.
وكان يقول في محبسه في القلعة: لو بذلت ملء هذه القاعة ذهبًا ما عدل عندي شكر هذه النعمة، أو قال: ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير، ونحو هذا.
وكان يقول في سجوده وهو محبوس: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ما شاء الله.
وقال لي مرة: المحبوس مَن حبس قلبه عن ربه تعالى، والمأسور مَن أسره هواه.
ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال: {فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب}.
وعلم الله ما رأيت أحدًا أطيب عيشًا منه قط مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية والنعيم بل ضدها، ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشًا، وأشرحهم صدرًا، وأقواهم قلبًا، وأسرهم نفسًا، تلوح نضرةُ النعيم على وجهه.
وكنا إذا اشتدَّ بنا الخوف، وساءت منا الظنون، وضاقت بنا الأرض أتيناه فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحًا وقوة ويقينًا وطمأنينة.
فسبحان مَن أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها.
وسمعت شيخ الاسلام ابن تيمية قدس الله تعالى روحه يقول: الذكر للقلب مثل الماء للسمك فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟
وحضرت شيخ الاسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من انتصاف النهار ثم التفت إلي وقال: هذه غدوتي ولو لم أتغد الغداء سقطت قوتي أو كلامًا قريبًا من هذا.
وقال لي مرة: لا أترك الذكر إلا بنية إجمام نفسي وإراحتها لأستعد بتلك الراحة لذكر آخر أو كلاما هذا معناه".
وقال الشيخ ابن القيم وهو يعدد فوائد الذكر: "الحادية والستون أن الذكر يعطي الذاكر قوة حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يظن فعله بدونه، وقد شاهدتُّ من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية في سننه وكلامه وإقدامه وكتابه أمرًا عجيبًا، فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخُ في جمعة وأكثر، وقد شاهد العسكر من قوته في الحرب أمرًا عظيمًا".
***
هل يُقال: قوى الله ضعفك؟
قال التاج السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" (2/135) و(2/138): "قال الربيع: دخلتُ على الشافعي وهو مريض فقلت: قوى الله ضعفك، فقال: لو قوى ضعفي قتلني. قلت: والله ما أردتُّ إلا الخير، قال: أعلمُ أنك لو شتمتني لم ترد إلا الخير.
وفى رواية: قل: قوى الله قوتك، وضعف ضعفك.
قلت: أما قد جاء في أدعية النبي صلى الله عليه وسلم: وقوِّ في رضاك ضعفي.
وقال ابن خزيمة فيما ذكره البيهقي: سمعتُ الربيع يقول: سمعتُ الشافعي يقول: أكره أن يقول: أعظم الله أجرك -يعني في المصاب-؛ لأن معناه أكثر الله مصائبك ليعظم أجرك.
قلتُ [القائل السبكي]: لنا في هذا من البحث كما قدَّمناه في: قوى اللهُ ضعفك، فكلاهما في السُّنة".
***
ملاحظة ذكية تتعلق بالرموز:
قال ابن الأثير في «أسد الغابة في معرفة الصحابة» (1/ 11):
«وأذكرُ في آخر كل ترجمة اسم مَن أخرجه. وإن قلت: أخرجه الثلاثة فأعني ابن منده وأبا نعيم وأبا عمر بن عبدالبر فإنَّ العلائم ربما تسقطُ من الكتابة وتُنسى». والعلائم أي الرموز.
***
منوعات
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة