مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (81)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


31/10/2023 القراءات: 485  


القهوة:
قال الشيخ عبدالغني النابلسي على سبيل الدعابة:
قهوةُ البنِّ حلالٌ ... ما نَهى الناهون عنها
كيف تُدْعىٰ بحرامٍ ... وأنا أشربُ منها؟
ولشيخنا الشيخ عبدالكريم الدبان التكريتي موشحٌ فيها قال فيه:
اسقنيها في مساءٍ أو صباحْ .. وقُبيل الفجر عندي أعذبُ
بنت بُنٍّ عَرْفها المسكيُّ فاحْ ... بل لعل المسك منها يقربُ
كذبوا إذ وصفوها بالسوادْ ... سوَّد اللهُ وجوهَ الكاذبينْ
إنها كالتبرِ أو منه مدادْ ... حين راقتْ قُدِّمتْ للشاربينْ
وزرنا يوم الثلاثاء (13) من ذي الحجة سنة (1403) الشيخ محمد بن علوي المالكي في منزله بمكة المكرمة، وكان عنده جمع حافل من النَّاس ... وشربنا عنده القهوة ... وسُئل عن حكم شرب القهوة، فقال: «شربي لها بيانٌ لحكمها».
ووُصف الشيخ خليل المصري (المتوفى بحماة في نيف وستين ومئة وألف) أنه كان مغرمًا بالقهوة، قال المرادي في ترجمته في «سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر» (2: 103): "خليل الملقب بأبي الفتوح الفيومي الشافعي المصري نزيل حمص الشيخ العالم الفاضل الصالح الناظم الأديب، كان محققًّا في سائر العلوم، له مؤلفات عديدة، وقصائد فريدة، سريع النظم لا يتكلف إليه، كان عظيم الفهم، فصيح اللسان، تقيًّا، مغرمًا بشرب ‌القهوة، والتتن".
وكان الشيخ عبدالقادر بن عمر التغلبي الشيباني الحنبلي الصوفي الدمشقي (المتوفى سنة 1135) "لا يخالط الحكام ولا يدخل اليهم، وألجأته الضرورة مرة لأداء شهادة عند قاضي دمشق الشام، فدخل وجلس، فناوله الخادمُ فنجان القهوة فتناوله ووضعه بقرب فمه وأوهم القاضي أنه شربه ثم أعطاه للخادم، فعرف القاضي ذلك لأنه كان يلاحظه فقال له: أراك تورعتَ عن شرب قهوتنا، فمن أين تكتسب؟ فقال: مِنْ عمل يدي في تجليد الكتب، وقد حججتُ -بحمد الله تعالى- أربع مرات، فقال له القاضي: كيف هذا؟ فقال له: إن الله تعالى خلق آدم واحدًا وبارك في ذريته حتى ملأوا الدنيا، كذلك يبارك الله تعالى في الرزق الحلال القليل حتى يكون كثيرًا فأذعن القاضي لذلك وأثنى عليه". سلك الدرر (3: 59).
***
في العين:
كتب الشيخ ميسر المراد: "زيارة كريمة مع الإجازة: توجهت بعد عصر يوم الأربعاء (15) من ذي الحجة سنة (1430) = (2/ 12/ 2009) إلى مدينة العين بصحبة الإخوة: الشيخ مجد والدكتور عبدالحكيم الأنيس وأخيه الدكتور عبدالسميع الأنيس لزيارة فضيلة الشيخ محمد بشير الشقفة حفظه الله تعالى بعد أخذ الموعد منه، وخرجنا بسيارة عبدالسميع ووصلنا بعد المغرب بقليلٍ فتوجهنا إلى بيت الوالدة وصلينا المغرب والعشاء وشربنا فنجان قهوة بعد استراحة قصيرة، ثم قصدنا منزل الشيخ بشير العامر، وحضرَ بعض الإخوة من أهل العين، وكانت جلسةً روحيةً مباركةً رائعةً استمتعنا بحديث الشيخ العذب وتوجيهاته ونصائحه الثمينة التي استفدنا منها كثيرًا، وكان حفظه الله يستشهد كثيرًا كعادته في كل مجلس بقصائد الشيخ سعدي الشيرازي رحمه الله - والتي يحفظ أكثرها - وبديوانه "البستان" الذي هو اسم على مسمى حيث جمع فيه من كل بستان زهرة، من المواعظ والقصص والحكايات والدروس والعبر الشيء الكثير.
خلال الجلسة طلب الأخ عبدالحكيم والأخ مجد من الشيخ إجازةً بما عنده من علوم، وطلب مني أن أناوله جزءًا من كتابه، فأحضرتُ الجزء السادس من كتاب "الفقه المالكي في ثوبه الجديد" الخاص بالقضاء، وبدأ عبدالحكيم بقراءة المقدمة، ثم مجد، ثم عبدالسميع، ثم ياسر حجازي، ثم سعد الشقفة، ثم أخي محمد مأمون، ثم العبد الفقير، وكان الشيخ حفظه الله يعلق على بعض الأمور المارَّة في المقدمة، وقد ختمها بإجازة جميع من حضر بكل ما تلقاه وأجيز به من شيوخ وعلماء.
ثم دعانا إلى تناول طعام العشاء على سفرته العامرة، ثم ودعناه وانصرفنا عائدين إلى دبي والحمد لله رب العالمين".
***
منشور غير دقيق:
شاع المنشور الآتي بهذه الصيغة:
(هل تعلم لماذا لم يمت خالد بن الوليد شهيدا في قلب المعركة؟
فائدةٌ عزيزة حُقَّتْ لها الرِّحلة.
ذكرَ الشيخ الرباني عبدالفتاح أبو غُدَّة رحمه الله تعالى أنه سافر إلى الهند، فقابل علامةَ الهند المحدِّث المسنِد الحافظ الفقيه محمد يعقوب النانوتوي، فقال الشيخ محمد يعقوب للشيخ عبدالفتاح: أتعلمُ ما الحكمة من موت خالد بن الوليد رضي الله عنهُ على فراشهِ مع صدقهِ في طلبِ الشهادة في سبيل الله في مظانِّها ومواطنِها وتحت ظلالِ السيوف في أكثر من مئة وعشرين معركة حاميةِ الوطيس؟ فقال الشيخ عبدالفتاح: لا، فقال الشيخ محمد يعقوب: ذَكر لنا علماؤُنا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لقَّبَ خالدًا بسيف الله المسلول، فإذا قُتل في معركةٍ فقتله يعني كسرَ سيفِ الله، وسيفُ الله لا يُكسرُ أبدًا، حتى لا يقول الناسُ: قُتِل سيف الله وكُسِر، بل اختار الله لهُ أن يموتَ على فراشهِ، فقال الشيخ عبدالفتاح: واللهِ إنَّ هذهِ الفائدة كفيلةٌ بأن يُضرب إليها السفر إلى بلاد الهند ولو لم أحصل إلا عليها لسفري هذا لكفاني).
هكذا شاع، والصواب:
قال الشيخ عبدالفتاح في حواشيه على "التصريح بما تواتر في نزول المسيح" (ص: 212): "من اللطائف النفيسة ما حدثني به شيخنا وبركتنا العلامة المحدث الفقيه جامع العلوم الشيخ محمد إدريس الكاندهلوي صاحب "التعليق الصبيح على مشكاة المصابيح" حفظه الله تعالى حين زرته في الجامعة الأشرفية في لاهور من باكستان أثناء رحلتي للهند وباكستان سنة 1382 قال: إنه سمع من شيخه حكيم الأمة أشرف علي التهانوي وهو قد سمع من شيخه محمد يعقوب أولِ صدرٍ للمدرسين في دار العلوم في ديوبند أنه قال تعليقًا على تمنّي سيدنا خالد بن الوليد أن يموت شهيدًا، قال الشيخ محمد يعقوب رحمه الله تعالى: كان تمنيه عبثًا لأن النبي صلى الله عليه وسلم لقّبه سيف الله، وسيف الله لا يُكسر ولا يُقتل، فلهذا لم تكن له الشهادة رضي الله عنه. قلتُ لشيخنا حفظه الله تعالى: هذه الفائدة تعدل رحلة عندي".
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع